الانتخابات المحلية بعد حوالى شهر، ولذا رأى رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أن من الضروري أن يذهب بنفسه إلى إقليم كاتالونيا، أمس، ليحشد بخطاب مقتضب «الأكثرية الصامتة» ويقدم مرشح حزبه «الحزب الشعبي» رسمياً، وذلك بعيد تظاهرة للانفصاليين في شوارع برشلونة، مساء أول من أمس، تحاول، من جهتها، الحشد بشكل مضاد وتمتين الدعم للانفصاليين الذين يقبع قادتهم في السجن.
وفي خطاب قصير، أكد راخوي، أمس، أنه يريد «استعادة كاتالونيا الحرة» بالوسائل «الديموقراطية». ودعا الشركات التي نقلت مئات مقارها منها بسبب الشكوك المحيطة بمسألة استقلال الإقليم إلى عدم التخلي عن المنطقة. وأضاف أن «علينا استعادة كاتالونيا من دمار الانفصاليين»، داعياً «الأغلبية الصامتة» إلى المشاركة في الانتخابات وتحويل «رأيهم إلى صوت انتخابي». وكان راخوي قد دعا إلى هذه الانتخابات بعدما أقال الحكومة الانفصالية التي يقودها كارلس بوغديمون وحل البرلمان، بهدف إعادة «النظام الدستوري»، بعد تحدٍّ غير مسبوق من قبل الانفصاليين في المنطقة التي يشكل عدد سكانها نسبة 16 في المئة من سكان إسبانيا. ويأمل راخوي كسب أصوات في معسكر الناخبين الذين يرغبون في البقاء في إسبانيا، لكن درجة التعبئة في صفوفهم أضعف.

اعتبرت التظاهرة
بمثابة نجاح لأبرز حركتين
انفصاليتين في الإقليم

يشار إلى أن حزب راخوي لم يحصل سوى على 8.5 في المئة من الأصوات في انتخابات كاتالونيا الأخيرة التي نافسه فيها بشكل كبير حزب «المواطنين» أو «سيودادانوس» الليبرالي الفتي، والذي يعتبر ثاني قوة سياسية في المنطقة رافضة للانفصال. وكثيرون في كاتالونيا، وبينهم العديد من المعارضين للانفصال، ينتقدونه لأنه حارب الحكم الذاتي الواسع للمنطقة الذي تم الحصول عليه في عام 2006 بدعم من الاشتراكيين، المنافسين السياسيين الأساسيين لـ«الحزب الشعبي» اليميني المحافظ. وعن طريقة تعامله مع الأزمة الأخيرة، بيّن استطلاع للرأي، نشر أمس، أن 69 في المئة من الكاتالونيين يرفضون أسلوب راخوي، فيما النسبة عينها تدعم قراره بالدعوة إلى انتخابات محلية.
في غضون ذلك، تظاهر مئات الآلاف من الكاتالونيين المؤيدين للانفصال عن إسبانيا، مساء أول من أمس، للمطالبة بالحرية لأعضاء الحكومة العشرة المحتجزين من قبل القضاء الإسباني. ومع تعدادهم لأسماء المحتجزين، ردّد المتظاهرون شعارات «الحرية للمعتقلين السياسيين» و«نحن جمهورية». وشارك أهالي السياسيين المسجونين في التظاهرة وقاموا بقراءة رسائل بعث بها أولئك من السجن أمام الحشود. ولم تشارك رئيسة البرلمان الكاتالوني، كارمي فوركاديل، في التظاهرة، تلبية لنصيحة محاميها، خصوصاً أنها خرجت مؤخراً من السجن بكفالة وستخضع للمحاكمة قريباً. بدوره، أرسل رئيس إقليم كاتالونيا المقال، كارلس بوغديمون، والذي ينتظر بتّ أمر محاكمته في بلجيكا، شريطاً مصوّراً دعا فيه المواطنين إلى أن يبقوا «نشطين» وزملاءه إلى أن يسمعوا «صخب» الشارع. ولفت إلى أن «الدولة الإسبانية لا يمكن أن تستمر هكذا»، وأن على «الجماعة الأوروبية أن تتوقف عن النظر في الاتجاه المعاكس». وقوبلت كلماته بالتصفيق والهتاف بكلمة «الرئيس».
كذلك، اعتُبرت تلك التظاهرة، التي نظّمتها حركتان انفصاليتان كبيرتان، بمثابة اختبار لقوة الانفصاليين، خصوصاً بعد الإخفاق الذي أصاب حركتهم بعد الإعلان المنفرد للاستقلال في 27 تشرين الأول الماضي، وقبل الانتخابات المحلية المقررة في 21 كانون الأول المقبل. وأثبتت المنظمتان الانفصاليتان اللتان تتمتعان بنفوذ كبير ونظمتا التظاهرة، وهما «الجمعية الوطنية الكاتالونية» و«أومنيوم» الثقافية، أنهما ما زالتا تملكان القدرة على القيام بتعبئة كبيرة. وقد كان الحضور في التظاهرة كثيفاً (750 ألف شخص) مقارنة بمسيرة في 16 تشرين الأول التي حضرها 200 ألف شخص، وتظاهرة أخرى في 21 تشرين الأول التي شارك فيها 450 ألف شخصاً.
(الأخبار، أ ف ب)