بدا الأمر نهائياً، أمس، أطيح روبرت موغابي، الرئيس الزيمبابوي التسعيني، الذي وعد بأن يحكم حتى يموت، إلى أن ظهر في خطاب متلفز، تفهم فيه «أوضاع» البلاد، لكن لم يقل بالحرف إنه تنحى عن السلطة، في خطوة كانت منافية لكل التوقعات.وفي وقت سابق، أمس، منح موغابي خيارين ضيقين تحت ضغط الجيش والمعارضة والتظاهرات الشعبية، إما أن يتنحى، في مهلة أقصاها ظهر اليوم، أو ستبدأ إجراءات عزله. ومع خطابه، أمس، يبدو أن موغابي لجأ إلى الخيار الأخير.

محاطاً بالجنرالات الذين انقلبوا عليه، قرأ موغابي خطاب استقالته، الذي قيل إنه معدّ سابقاً، ببطء شديد، وقد توقف مراراً خلال تلاوته. كذلك، تجاهل قراءة ورقة كاملة من الخطاب، أو ربما عدة أوراق. وعلّق أحد الصحافيين من زيمبابوي على «تويتر» أنه «كان يجب على زوجته غرايس موغابي أن تقرأ الخطاب»، في إشارة إلى أن الرئيس المعزول أخذ وقتاً طويلاً في قراءته.
متجاهلا إقالته من الحزب الحاكم قبل ساعات قليلة من خطابه، تعهد موغابي برئاسة مؤتمر «الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي - الجبهة الوطنية» الشهر القادم. وأقرّ في خطابه بالانتقادات الموجهة إليه من الحزب الحاكم ومن الجيش والمواطنين، من دون أن يعلق على إمكانية تنحيه.

عدم إعلان
موغابي تنحّيه لا يغيّر واقع دخول البلاد مرحلة جديدة


إلّا أنّ عدم إعلانه تنحيه لا يغيّر كثيراً من واقع أن البلاد دخلت مرحلة «ما بعد موغابي»، وخصوصاً أن قائد المعارضة، كريس موتسفانغوا، قال لوكالة «رويترز» إن الإعداد لعزله بدأ. وكتب السياسي المعارض في رسالة نصية لـ«رويترز» أن المواطنين سينزلون إلى شوارع هراري يوم الأربعاء المقبل.
وفي وقت سابق، أمس، أطاح الحزب الحاكم في زيمبابوي رئيسه ورئيس البلاد، بمنحه، أمس، خيارين فقط: إما التنحي عن منصبه أو إقالته عمداً، بعد أيام من سيطرة الجيش على العاصمة. ووسط هتافات أعضاء الحزب الحاكم، أعلن أحد مسؤوليه خلال اجتماع في هراري أنه تمت إطاحة موغابي كقائد له، واستبداله بنائب الرئيس السابق، إيمرسون منانغاغوا، خصم زوجة روبرت موغابي، غرايس موغابي، الطامحة إلى السلطة. وفي تبدل مدهش للولاءات، أعلن الحزب أنه سيتم عزل موغابي إذا لم يستقل بحلول اليوم، وأن منانغاغوا سيكون مرشحه للانتخابات الرئاسية العام القادم، مضيفاً أنه تم طرد غرايس من صفوفه. وقال مسؤول في الحزب خلال اجتماع، أمس، إن «زوجة موغابي والمقربين منها استغلوا ضعفه للاستيلاء على السلطة وسرقة موارد الدولة».
وعقد قادة الجيش الذين استحوذوا على السلطة محادثات إضافية مع الرئيس، أمس، وفق وسائل إعلام رسمية. واجتمع الطرفان لأول مرة، قبل يومين، حيث ابتسموا أمام الكاميرات في محاولة لإخفاء التوتر الذي يسود عملية التفاوض الصعبة على رحيل موغابي. وضم المحاربون القدامى الذين شاركوا في الحرب من أجل الاستقلال وكانوا من بين أهم حلفاء موغابي، أصواتهم إلى تلك الداعية إلى استقالته، مطالبين بمغادرته منصبه بشكل فوري.
وشهدت زيمبابوي أسبوعاً تاريخياً سيطر الجيش خلاله على السلطة ووضع موغابي قيد الإقامة الجبرية رداً على إقالته لنائبه منانغاغوا الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع الجيش. وكان السباق الحزبي بين حزب منانغاغوا ومجموعة أجرت حملة لمصلحة غرايس، هو الذي أثار أزمة زيمبابوي المفاجئة. ورغم تدهور حالته الصحية، إلا أن موغابي أعلن في وقت سابق أنه سيترشح لانتخابات العام القادم التي كان ليبقى بموجبها في السلطة حتى يبلغ من العمر نحو 100 عام.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)