يتكثف الحديث في الصحافة الأميركية عن مصير الاتفاق النووي، وتُطرح تساؤلات عمّا إذا كانت الأحداث الأخيرة في إيران ستمنح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اللحظة المناسبة التي يريدها للانسحاب منه. وترى صحيفة «نيويورك تايمز»، في تقرير، أن الاحتجاجات في إيران تعقّد موقفاً صعباً أصلاً يعيشه الرئيس الأميركي. وما يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة إليه، بحسب الصحيفة، ضرورة اتخاذه قراراً بشأن ما إذا كان سيجدد العقوبات على إيران خلال أسبوعين فقط، وهو وقتٌ قصير قد يجعل «صبره ينفد».
غير أن مجلة «بوليتيكو» تجزم، نقلاً عن أوساط أميركية محافظة، أن ترامب سينفذ تهديده بالانسحاب من الاتفاق النووي، الذي جرى التوصل إليه في تموز/يوليو 2015. وتنقل المجلة عن السيناتور الجمهوري السابق، ريتشارد غولدبرغ، أن «ترامب لن يرفع العقوبات (المرتبطة بالاتفاق النووي) عن إيران» هذه المرة، وهو إجراء يُجدَّد كل 120 يوماً. كما تنقل عن مؤيدين للاتفاق النووي قولهم إن ترامب قد يقوم، بالفعل، بخطواتٍ تدريجية للانسحاب منه. وتلفت «بوليتيكو» إلى أن الكونغرس قد يدفع باتجاه عقوبات منفصلة عن الاتفاق النووي، متعلقة حصراً بالاحتجاجات، من بينها تعزيز قوانين مرتبطة «بالإساءة إلى حقوق الإنسان»، وقوانين تسمح بالنشر العلني للأصول المالية لقادة إيرانيين كبار.

خشية «نقل الملامة»


تحذر «بوليتيكو»
من انسحاب
الولايات المتحدة من الاتفاق النووي

من جهتها، تقول «نيويورك تايمز»، نقلاً عن «متابعين للشأن الإيراني»، إن الخشية الآن هي من أن أي خطوة قد يقدم عليها ترامب ستُسهم في نقل «الملامة» عن «النظام الإيراني الفاسد» إلى الولايات المتحدة، خصوصاً أن تركيز انتباه ترامب على انتقاد إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، في هذه المسألة، وفق «خبراء»، يشوّه رسالته. وتنقل الصحيفة عن بعض المشرّعين قولهم إن ترامب قد يرجئ العقوبات، ويبقي الاتفاق على حاله في الوقت الحالي. وتشير «نيويورك تايمز» إلى أنه، على الرغم من خوفهم على الاتفاق النووي، إلا أن بعض مناصري أوباما دعموا الموقف الواضح لترامب من الاحتجاجات في إيران، وقارنوه بموقف أوباما الأقلّ حدةً إبان احتجاجات عام 2009. ولا تستبعد الصحيفة أن يرفع ترامب الحظر على سفر الإيرانيين إلى الولايات المتحدة. في المقابل، تحذر مجلة «بوليتيكو»، على لسان «باحثين في شؤون الشرق الأوسط»، من أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في هذه الظروف يمنح «النظام الإيراني حبل نجاة». وفي السياق ذاته، تصف الباحثة أريان طبطبائي، في «ذي أتلانتيك»، تغريدات ترامب عن إيران بأنها «مضلِّلة» و«ذات أثر عكسي»؛ وذلك لأن في إيران مجتمعاً ديناميكياً، خلق فرصاً عديدة للإصلاح والتطور على مدى سنوات، ولم يستيقظ للتوّ كما قال ترامب في تغريدة له. وتنبه طبطبائي إلى أن التظاهرات في إيران، وعلى عكس ما يظنّه ترامب، ليست متعلقة بالسياسة الخارجية، بل هي مرتبطة باهتمامات الإيرانيين اليومية مثل غلاء المعيشة والبطالة، معتبرة أن أفضل وسيلة لدعم الإيرانيين يجب أن تكون من خلال دعم الإدارة الأميركية لوسائل التواصل الاجتماعي، لتسهيل التواصل من إيران وإليها.
ويذهب الكاتب في صحيفة «واشنطن بوست»، ديفيد إيغناتيوس، بعيداً في تأييده موقف ترامب مما يسميه «الثورة» في إيران، معتبراً أن «هذه هي الرسالة الصحيحة التي يجب أن يرسلها ترامب، وأي قائد عالمي يأبه لأمر الشعب الإيراني». وإذ يرفض إيغناتيوس وضع الأحداث الأخيرة في إيران في خانة «الشعبوية»، إلا أن يرى أن الاحتجاجات تحمل عناوين مرتبطة بذلك التوصيف، من مثل «إيران أولاً» و«لجعل إيران عظيمة من جديد».
من جهته، يَعدُّ روجر كوهين، في «نيويورك تايمز»، ترامب، «محقّاً هذه المرة بشأن إيران»؛ لأنه وقف «خلف الشعب الإيراني الشجاع الذي يطالب بتغييرات سياسية واقتصادية». ويركّز كوهين على انتقاد إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، التي اعتبر أنها أخفقت في التعامل مع احتجاجات عام 2009. من هنا، يعرب الكاتب عن اعتقاده بأن ترامب، وعلى الرغم من أنه «لا يعرف الكثير عن إيران»، إلا أنه محق في دعم الاحتجاجات، وعليه أيضاً أن يحشد «دعماً أوروبياً» لها. غير أن كوهين يحذر في الوقت نفسه من فرض عقوباتٍ جديدة على إيران؛ لأن «ذلك لا ينفع سوى الحرس الثوري».
(الأخبار)