استهل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جولته الإقليمية الأولى، بعد التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، بزيارة الكويت، حيث دعا دول الخليج إلى تشكيل «جبهة موحدة» في وجه «الإرهاب والتطرف»، مؤكداً أن بلاده لا تعتزم تغيير سياستها. رسالة مشابهة كان قد تطرق إليها الرئيس حسن روحاني، بالقول إن «الشعب الإيراني يدعم كل الشعوب المقهورة».
وفي خطاب لروحاني أمس خلال زيارته إقليم كردستان الإيراني، قال إنه «لولا إيران لسقطت أربيل وبغداد في أيدي الإرهابيين... مثلما دافعنا عن دهوك وأربيل والسليمانية (في كردستان العراق)، سيدافع الشعب الإيراني عن المقهورين إذا وقعت أي دولة في المنطقة كلها ضحية للعدوان». في هذا الإطار، قال ظريف، بعد محادثات أجراها مع مسؤولين كويتيين، إن «رسالتنا إلى دول المنطقة أنه يجدر بنا التعاون في مواجهة الخطر المشترك». وأضاف أن إيران «لطالما دعمت شعوب المنطقة في مكافحة الخطر المشترك المتمثل في الإرهاب والتطرف والطائفية»، مؤكداً أن على الدول العربية وليس إيران أن تبدل سياستها من أجل التشجيع على قيام تعاون إقليمي.

أعلن البنك المركزي
أن الأرصدة التي سيُفرج عنها تبلغ 29 مليار دولار

وكان وزير الخارجية الإيراني قد شدد، قبيل الجولة الخليجية، في بيان نشر على موقع وزارته، مساء الجمعة، على أن طهران ستواصل دعمها لحلفائها في سوريا والعراق لمحاربة تنظيم «داعش». وأمس، جدد ظريف هذا التأكيد بلغة أخرى، قائلاً إن «ما تحتاج إليه المنطقة ليس تغييراً سياسياً من قبل إيران، بل تغيير في السياسة من جانب بعض الدول التي تسعى إلى النزاعات والحرب»، في إشارة واضحة إلى السعودية. كذلك شدد على أن «أي تهديد لدولة واحدة هو تهديد للجميع»، موضحاً أنه «لا يمكن لأي دولة أن تحلّ المشكلات الإقليمية من دون مساعدة الآخرين».
والتقى وزير الخارجية الإيراني أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ونظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح. وتناولت جلسة المباحثات التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، بما فيها نتائج الاتفاق النووي ومناقشة أوجه العلاقات الثنائية. وحضر الجلسة مساعد الوزير في الشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبداللهيان، وسفير إيران لدى دولة الكويت السفير رضا عنايتي، وأعضاء الوفد المرافق.
بعد الكويت، توجه ظريف إلى قطر، ثم من المقرر أن يصل العراق، حيث سيزور أولاً النجف، قبل أن يتوجه إلى بغداد، كما أوردت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية، ثم يعود مساء اليوم (الاثنين) إلى طهران حيث تصل، غداً، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، وبعد غد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.
ولم تخف دول الخليج، وفي طليعتها السعودية، قلقها بشأن الاتفاق النووي، ساعية للحصول على «تطمينات» بشأن «التزام إيران تعهداتها»، في حين تخشى من أن يسمح الاتفاق الموقّع في فيينا بتوسيع نفوذ إيران في المنطقة.
في هذا السياق، أشار السفير الإيراني لدى الكويت، علي رضا عنايتي، إلى أن ظريف يحمل في زيارته رسالة طمأنة لدرء القلق الخليجي من الملف النووي الإيراني. وفي مقابلة مع صحيفة «الأنباء» الكويتية، أكد عنايتي أن «العلاقات السياسية مع السعودية قائمة»، وقال: «نتمنى وجود تعاون ثنائي وإقليمي مع المملكة، وقد أبدت إيران الاستعداد والرؤية في هذا المجال في عهد الحكومة السعودية السابقة، وقد كانت لنا زيارات للمملكة بمستويات عدة».
من ناحية أخرى، أكد نائب القائد العام لقوات الحرس الثوري العميد حسين سلامي، أن أميركا تعلم أن أدنى تحرّك معاد ضد إيران سيؤدي إلى انهيار أحلامها، بينما شدّد مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، علي أکبر ولايتي، على أن طهران لن تسمح بتفتيش أيّ من مواقعها العسكرية. وقال ولايتي، في مقابلة مع قناة «الجزيرة» الفضائية، إنه «بعيداً عن استنتاج وتفسيرات دول (5+1)، أقول بكل وضوح، إن الدخول إلى المواقع العسكرية وتفتيشها ممنوع».
في سياق آخر، شدّد ولايتي على أنه لا يحق لأي دولة أن تقول عن الدولة الأخرى إنها تشكل عمقاً استراتيجياً لها، في إشارة إلی السعودية، على أنها تتعامل مع اليمن على أساس أنه عمقها الاستراتيجي. وأضاف أن طهران لا تدعم العراق لأنها تعتبره عمقاً استراتيجياً، بل تساعده بناءً على طلب رسمي من حكومة العراق. ودعا دول المنطقة إلى الجلوس إلى طاولة حوار للتفاهم بشأن خلافاتها، مضيفاً أن بلاده لا تتوقع أن تتطابق السياسات السعودية مع سياساتها بالكامل... «لكن لدينا بعض المشتركات تمكننا مع الجلوس معاً». وأشار إلى أن بلاده مستعدة لتقديم خبراتها، حتى النووية منها، إلى جيرانها.
وفيما لا تزال نتائج الاتفاق النووي على الاقتصاد الإيراني تتكشف، خصوصاً في ظل رفع العقوبات المرتقب، فقد أعلن البنك المركزي الإيراني عن أن أرصدة البلاد المجمدة في الخارج، التي سيفرج عنها في حال نجاح تنفيذ شروط الاتفاق النووي مع السداسية الدولية، تبلغ 29 مليار دولار فقط، وليس 100 مليار. وأكد رئيس البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف، أنه من أصل 29 مليار دولار هناك 23 ملياراً، أصول عائدة إلى البنك المركزي، و6 مليارات أخرى مملوكة للحكومة الإيرانية.
وقال سيف إن المبلغ الذي أعلن عنه في وقت سابق في تموز، البالغ 100 مليار دولار، يشمل 35 مليار دولار هي أصول في الخارج موظفة في مشاريع نفطية وغازية، و22 مليار دولار ودائع على شكل ضمانات في البنوك الصينية. كذلك أشار إلى أن الأموال التي سيفرج عنها ضرورية للاستثمار في قطاع صناعة النفط والغاز، وصناعة البتروكيماويات والقطاعات الرئيسية الأخرى في الاقتصاد، مشدداً أيضاً على أهمية دور الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الإيراني الذي عانى العقوبات الدولية لسنوات طويلة. وأضاف أن بلاده ستكون قادرة على استثمار ما بين 200 إلى 300 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية.
إلى ذلك، أفادت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، نقلاً عن مصدر عسكري إيراني، قوله إن موسكو وطهران اقتربتا من الاتفاق على توريد موسكو منظومات دفاع جوية محدثة لطهران. وقال المصدر إن «المحادثات تقترب من نهايتها، وستتمكن إيران من تسلم منظومات أكثر حداثة من منظومة إس ــ 300»، مؤكداً أن توريدات هذه المنظومات يمكن أن تبدأ قبل نهاية العام الحالي. وأضاف أنه «في حال حصلت إيران على منظومة إس ــ 300 أو أي من المنظومات المتطورة الأخرى، فإننا نستطيع القول إن السماء الإيرانية محمية ومعززة ضد أي ضربة جوية محتملة».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)