بعد التصريحات التصعيدية تجاه كوريا الشمالية خلال جولته الآسيوية، عاد نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، إلى «خفض حدة التصريحات»، إذ لمّح أمس إلى احتمال عقد حوار مباشر مع كوريا الشمالية. وقال إن بلاده وكوريا الجنوبية «اتفقتا على شروط لمزيد من التواصل الدبلوماسي مع الشمال، أولاً مع سيول، وقد يؤدي ذلك في ما بعد إلى محادثات مباشرة مع واشنطن دون شروط مسبقة». ولفت في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، إلى أن بلاده ستواصل «أقصى حملة ضغط» على بيونغ يانغ، لكنها ستكون «منفتحة على أي محادثات محتملة في الوقت نفسه».
وأشارت تعليقات بنس إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي اتخذت موقفا متشدداً بشأن الحوار مع كوريا الشمالية، قد تبدو أكثر «تأييداً للخيارات الدبلوماسية»، إذ نقلت الصحيفة عن بنس قوله إنّ «المسألة هي أنه لا يمكن أي ضغط أن يفلح حتى يقوموا بفعل شيء يعتقد التحالف أنه يمثل خطوة لها مغزى تجاه نزع السلاح النووي... وبالتالي، إنّ أقصى حملة ضغط ستستمر وتشتد، لكن إذا أرادوا الحوار فسنتحاور».
وتتالت تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن كوريا الشمالية في اليومين الماضيين، فبعد بنس، قال وزير الدفاع الأميركي، جايمس ماتيس، إنّ «من السابق لأوانه معرفة إن كانت الانفراجة الدبلوماسية بين الكوريتين في الأولمبياد (الشتوي الذي تستضيفه كوريا الجنوبية) ستؤدي إلى نتائج، لكن الخطوة لم تدق إسفيناً بين واشنطن وسيول». وتقريباً، كرر تعليقات بنس بالقول: «على المستوى السياسي في سيول، لا يمكن أن يحدث خلاف بيننا بفعل كوريا الشمالية». وبالإضافة إلى بنس وماتيس، قال وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون الموجود في القاهرة، إنّ «الأمر يرجع إلى كوريا الشمالية لاتخاذ قرار بشأن متى تكون مستعدة للانخراط في محادثات صادقة مع الولايات المتحدة»، مضيفاً أنّ «من السابق لأوانه قول إن هذه بداية عملية دبلوماسية».

يبدو أنّ التباين بين واشنطن و«الجنوب» أدى إلى سحب الأولى ترشيح سفير


ورغم حرص الإدارة الأميركية على التأكيد من خلال مسؤوليها أن ما يحدث من تقارب بين بيونغ يانغ وسيول لن يؤثر في علاقة واشنطن بالأخيرة، وأن سيول ــ حليفة وشنطن ــ ملتزمة سياسة الحلف الذي يقوده الأميركيون ضد بيونغ يانغ، فإنّ التباين بين رؤى الحليفتين بات ملموساً. وكان من نِتاج هذا التباعد بين سيول وواشنطن إعلان الأخيرة قبل أيام سحب ترشيحها للمسؤول السابق في البيت الأبيض، فيكتور تشا، لشغل منصب السفير في كوريا الجنوبية. ووفقاً لدبلوماسي كوري جنوبي، إن سحب تشا جاء بسبب «عدم تبني البلدين مواقف متطابقة، فمون يدعو إلى الحوار حتى من قبل وصوله إلى السلطة فى أيار الماضي، بينما يطالب البيت الأبيض بيونغ يانغ بإجراءات ملموسة لنزع سلاحها كشرط مسبق لأي حوار».
وينسب الدبلوماسي القرار الأميركي بتأجيل مناورات عسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية إلى ما بعد انتهاء الأولمبياد، إلى أنه «جاء متأثراً بالخلاف بين البلدين»، وذلك برغم إعلان وزير الدفاع الأميركي، سابقاً أن «القرار اتُّخذ لأسباب عملية وليس سياسية». ويضيف أنّ ما قاله ماتيس يُعدُّ «تجميلاً للواقع» السائر عكس ما يريد ترامب «الذي لا يفضل الحوار مع الكوريين الشماليين».
بعيداً عن الاختلافات بين الحلفاء، استمرّت سيول في خطوات التقارب مع بيونغ يانغ، إذ أعلنت فور اختتام الوفد الكوري الشمالي الرفيع المستوى زيارته التي دامت ثلاثة أيام، أنّها «ستحاول ترتيب المزيد من اللقاءات بين العائلات التي فرقتها الحرب الكورية والسعي لتخفيف التوترات العسكرية مع الجارة الشمالية كخطوتين أوليين تجاه تمهيد الطريق أمام قمة نادرة بين الكوريتين».
(الأخبار)