فيما تسير المباحثات بين طهران والغرب على نحو متسارع، كانت إحدى محطاتها مدينة ميونيخ الألمانية، حيث التقى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، نظيره الأميركي، جون كيري، فيما يؤكد الرئيس حسن روحاني أن سياسة الانفتاح نحو خصوم الأمس لا تعني التخلي عن أسس الجمهورية الاسلامية. وزار روحاني أمس مرقد الامام الخميني برفقة اعضاء الحكومة بمناسبة أيام «عشرة الفجر»، اي ذكرى انتصار الثورة الاسلامية عام 1979.
وأفادت وكالة «فارس» الايرانية للأنباء بأن زيارة روحاني مرقد مؤسس الجمهورية الاسلامية الامام الخميني و«شهداء الثورة» جاءت «لتجديد البيعة والوفاء لمبادئ الامام الراحل وأهداف الثورة الإسلامية». في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الايراني أنه بحث مع نظيره الأميركي على هامش المؤتمر الخمسين للأمن في مدينة ميونيخ (جنوب ألمانيا)، الموضوع النووي، وبدء المرحلة المقبلة من المفاوضات، وضرورة التوصل الى حل مقبول يقوم على أساس رعاية حقوق الشعب الايراني.
وفيما أوضح كيري لظريف أن الولايات المتحدة ستواصل تطبيق عقوبات على ايران، بعد رفع عقوبات أخرى عنها، قال ظريف في مقابلة مع وكالة «رويترز»، ان إيران غير مستعدة للتخلي عن الأبحاث المتصلة بأجهزة الطرد المركزي، التي تُستَخدم لتنقية اليورانيوم في إطار اتفاق نووي نهائي.
من ناحيتها، رحبت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، بالاجتماع بين كيري وظريف، ولا سيما أنها تقوم بتنسيق المحادثات النووية مع إيران نيابة عن الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا. وقالت في ميونيخ «من المهم جداً في الوقت الذي يتطلع فيه المجتمع الدولي الى إجراء محادثات شاملة، أن يُجرى الحوار، وان نسعى للتوصل الى كيفية تطوير نهج شامل من أجل هذا».
لكن العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي، جون ماكين، تبنى نبرة حذرة، وقال إن ايران لها سجل طويل من الخداع واتهمها بالغش، مضيفاً في مؤتمر ميونيخ إن «روحاني تباهى في إحدى وسائل إعلامه بأنه خدع الأميركيين والمفاوضين حين كان مفاوضاً». وأضاف «لا يزال البناء مستمراً حول آراك (مفاعل للماء الثقيل) وأجهزة الطرد المركزي التي ما زالت 19 الفاً منها تدور، والأهم هو الاعتراف المبطن في هذا الاتفاق بالحق في التخصيب». وأشار الى أن «هناك ثلاثة مكونات للأسلحة النووية، هي الرأس الحربي، ونظام التوصيل والمادة نفسها. انهم مستمرون ويغشّون في اول عنصرين من دون اي قيد من اي نوع».
ومن المقرر ان تبدأ ايران محادثات مع الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا في فيينا في 18 شباط، بشأن تسوية محددة للنزاع الدائر منذ عقد بشأن برنامجها النووي. وقال دبلوماسيون ان احدى النقاط العالقة في المحادثات تتعلق بأبحاث وتطوير نموذج جديد لأجهزة الطرد المركزي المتطورة، التي تقول إيران إنها نصبتها. في الوقت نفسه، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، أن الجمهورية الاسلامية ووكالة الطاقة ستجريان مفاوضات يوم 8 شباط الجاري للبحث في المرحلة الثانية من الخطوات العملية الست المتفق عليها بين الجانبين.
وقال، في مؤتمر ميونيخ، ان مهمتنا هي المراقبة والتحقق من حسن تنفيذ اتفاق جنيف.
من جهة ثانية، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن ايران تسلمت اول دفعة بقيمة 550 مليون دولار من الارصدة المجمدة لطهران على حساب سويسري في اطار الاتفاق النووي، الذي جرى التوصل اليه في جنيف، حسبما اعلنت وكالة الانباء الطلابية الايرانية.
واتفاق جنيف ينص، ولمدة ستة اشهر، على رفع جزئي للعقوبات الغربية، وخصوصاً صرف 4,2 مليارات دولار من الأصول المجمدة لايران على ثماني دفعات، مقابل تعليق جزء من الانشطة النووية الايرانية.
في المقابل، توعّد نائب القائد العام لقوات حرس الثورة الاسلامية الايرانية، العميد حسن سلامي، أميركا برد ساحق لا حدود جغرافية له، إذا ارتكبت اي عدوان ضد ايران. ورأى أن القدرات العسكرية الايرانية سند عظيم وراسخ للسياسة الخارجية والفريق النووي.
وقال العميد سلامي، في تصريح للتلفزيون الايراني، لمناسبة «عشرة الفجر»، إننا «نرصد جميع نقاط انطلاق عمليات العدو في المنطقة في أي مستوى وحجم ومكان، وهي تحت مرمى نيراننا». وأضاف «لقد بحثنا وحللنا الاستراتيجية العسكرية الاميركية، وأنشأنا قدراتنا العسكرية، ولقد حددنا النقاط التي من شأنها ان تحدث صدمة في داخل أميركا».
وأكد أنه «لو اراد العدو مواجهة ديننا، فإننا سنواجه عالمه كله، ونوجّه إليه الضربة بحيث ينهار من الداخل، ولقد تطورت قوتنا العسكرية بحيث أضحت خارجة عن مدى توقع القوى الكبرى».
في الشأن الايراني الداخلي، اعتقلت السلطات الايرانية عدداً من المسؤولين في جهاز لمكافحة الفساد، للاشتباه في قيامهم بعمليات تزوير، حسبما اعلنت وزارة العدل أمس. ونقلت وكالة «فارس» عن الوزير مصطفى بور ـــ محمدي قوله إن «بعضاً من زملائنا فاسدون»، مشيراً الى موظفين في الهيئة الحكومية لمكافحة الفساد الاقتصادي والمالي. وأضاف أن «اكثر من عشرة اشخاص من الهيئة الحكومية للعقوبات التعزيرية معظمهم مسؤولون ومستشارون قد اوقفوا واستجوبوا».
وذكر الموقع الرسمي للهيئة الحكومية للعقوبات التعزيرية أن هذه المنظمة أُنشئت لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية. وفي القانون الجزائي المسلم، تختلف العقوبات التعزيرية طبقاً لجسامة الجريمة. إلى ذلك، قال ابن المعارض الإيراني المعتقل مهدي كروبي، الذي أسهم في قيادة احتجاجات كبيرة عام 2009، ووُضع قيد الإقامة الجبرية بعد ذلك بعامين، إن السلطات خففت القيود المفروضة على والده.
وقال محمد حسين كروبي، على صفحته على موقع «فيسبوك»، إن والده الذي هزم في انتخابات الرئاسة عام 2009، نقل من مكان كان محتجزاً فيه في طهران الى منزله في منطقة جامران في شمال العاصمة.
وكانت مصادر في المعارضة قد ذكرت أن كروبي كان محتجزاً في شقة في شمال طهران تحت إشراف أجهزة الأمن.
(فارس، إرنا، أ ف ب، رويترز)