تأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الى العاصمة كوريا الجنوبية سيول، بين جولتين من المحادثات الرفيعة المستوى تجمع مسؤولين من الكوريتين، في الجزء الجنوبي من قرية الهدنة بانمونجوم. وتتزامن مع الإعداد لمناورات أميركية كورية جنوبية في 24 شباط الحالي في البحر الأصفر.
وكانت الجولة الأولى من المحادثات بين الجانبين قد عُقدت أول من أمس في بانمونجوم، وكانت أول محادثات رفيعة المستوى بين الكوريتين منذ سبع سنوات، حيث قالت كوريا الشمالية إنها ترفض عقد جولة لم شمل الأسر المشتتة مع كوريا الجنوبية، في الوقت الذي تجري فيه سيول وواشنطن تدريبات عسكرية مشتركة.
وفيما حذّر الوزير الأميركي كوريا الشمالية من محاولة تخريب هذه التدريبات، شدد على أن بلاده لن تقبل أبداً ان تصبح الدولة الشيوعية قوة نووية، وأنه سيرفض الحديث مع بيونغ يانغ «لمجرد متعة التحادث».
وأضاف «سبق ان فعلناها ونريد ان نتأكد من اننا سنجري محادثات «حقيقية»، مضيفا انه يتعين على كوريا الشمالية «اتخاذ اجراءات مهمة» من اجل نزع قدراتها العسكرية النووية قبل امكان بدء حوار.
كذلك أبدى كيري دعمه لجهود رئيسة كوريا الجنوبية، بارك كون هيه، لاحلال أجواء من الثقة مع الشمال، مرحباً بمبادرة دبلوماسية أجازت أخيراً للكوريتين تنظيم لقاء على أعلى المستويات للمرة الأولى منذ سبع سنوات.
وعقد وزير الخارجية كوريا الجنوبية يون بيونغ سي، اجتماعاً مع نظيره الأميركي لمناقشة قضايا شبه الجزيرة الكورية، بينما قام كيري بزيارة مجاملة للرئيسة بارك.
وخلال الاجتماع مع يون، أكد كيري أهمية العلاقات بين واشنطن وسيول، واصفاً العلاقات بالمركزية والأساسية. وقال إن الجانبين يتعين عليهما الحفاظ على علاقات قوية.
وناقش الوزيران أيضًا الموقف الحالي لكوريا الشمالية بما في ذلك الأزمة النووية، كما تطرق الطرفان أيضاً إلى مناقشة القضايا الإنسانية؛ مثل برنامج لم شمل الأسر المفرقة بين الكوريتين المخطط له، وإطلاق الأميركي الكوري كينيث بيه، المعتقل في كوريا الشمالية.
وفي مؤتمر صحافي مشترك بعد المحادثات الوزارية، قال كيري إن على كوريا الشمالية ألا تربط بين القضايا الإنسانية؛ مثل لم شمل الأسر المفرقة، والتدريبات العسكرية المشتركة بين كوريا والولايات المتحدة، مشدداً على أن المناورات ستُجرى هذا الشهر كما هو مخطط لها.
جدير بالذكر أن هذه هي الزيارة الثانية التي يقوم بها كيري إلى كوريا الجنوبية منذ توليه منصبه في شباط الماضي. وسيتجه نحو الصين اليوم، ومن ثم الى إندونيسيا.
وفي بكين، سيشجع كيري الحكومة الصينية على «استخدام النفوذ الفريد الذي تتمتع به» لاقناع بيونغ يانغ بابداء رغبة حقيقية في احياء المفاوضات السداسية (الكوريتان وروسيا واليابان والصين والولايات المتحدة).
من جهته، رأى المتحدث باسم الرئاسة الكورية الجنوبية، مين كيونغ-ووك، أن هذه المحادثات تجيز «اطلاعنا على نيات كوريا الشمالية، كما انها فرصة لنا كي نشرح مبادئنا بوضوح».
اما الشمال، فيأمل إقناع الجنوب بإرجاء تدريبات عسكرية مشتركة بين الجيشين الكوري الجنوبي والأميركي قبل استئناف اجتماعات العائلات الكورية، التي فرقت بينها الحرب والمرتقبة بين 20 و25 شباط.
وتبدأ التدريبات العسكرية الأميركية ــ الكورية الجنوبية في 24 شباط، وترفض سيول إرجاءها مؤكدة ان لا علاقة لها مع لقاءات العائلات، الأمر الذي تكرره واشنطن.
لكن بيونغ يانغ ترى هذه التدريبات تدريباً على اجتياح اراضيها، فيما تؤكد سيول وواشنطن أنها مناورات «دفاعية». وقال وزير الوحدة الكوري الجنوبي ريو كيهل جاي، للبرلمان، لقد «طلبت كوريا الشمالية بإصرار تأجيل التدريبات المشتركة يومين إذ تتزامن مع جهود لم الشمل».
وفي سياق متصل، يقوم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في نيسان المقبل بجولة آسيوية تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا والفيليبين، بحسب ما اعلن البيت الابيض.
وكان اوباما الذي جعل من التركيز على آسيا الحجر الزاوية في سياسته الخارجية، قد اضطر إلى الغاء جولة في آسيا في تشرين الاول 2013 بسبب معركة الميزانية في الكونغرس. وكان من المقرر حينها أن يزور إندونيسيا وبروناي لحضور قمتين اضافة الى ماليزيا والفيليبين.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني ان الرئيس الأميركي سيؤكد خلال جولته «التزامه زيادة الاستثمار الدبلوماسي والاقتصادي والأمني الاميركي في دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ».
(الأخبار، أ ف ب)