يبدو أن سياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الداخل التي اعتمدت لسنين طويلة على نفوذ رجل الدين الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة في الشرطة والقضاء لكسر نفوذ الجيش، قد انعكست بعدما وقع الخلاف مع غولن الذي يُعتقد أنه وراء كشف فضيحة فساد تورط بها عدد من الشخصيات المقربة لأردوغان، ما دفع الأخير إلى خطب ودّ «أعدائه» القدامى من عسكريين لمواجهة الفضيحة وحليفه السابق.
وفي حلقة جديدة من صراعه مع غولن الذي يَعتقِد أنه يُنفّذ «مؤامرة» لإطاحته، مرر أردوغان قانوناً يلغي قوانين استثنائية كانت فُصِّلت للقبض على مئات الضباط ووضعهم في السجون بدعوى أنهم شاركوا في «مؤامرة انقلاب عسكري»، حيث ألغى البرلمان التركي الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم أمس المحاكم الخاصة التي أدانت هؤلاء الضباط.
ويعني صدور هذا القانون أنه يمكن إعادة محاكمة الضباط أمام محاكم جنايات عادية، وهو احتمال طرحه أردوغان الشهر الماضي. وقد يؤدي إلى إعادة النظر في قضايا شملت عسكريين ورجال أعمال وصحفيين وسياسيين سجنوا في قضية (أرجينكون)، وذلك لاستمالة أوساط علمانية وعسكريين كان قد حاربها سابقاً لمواجهة حليفه القديم. ويخوض أردوغان الآن معركة في مواجهة فضيحة فساد تمثل واحدة من أكبر المخاطر على حكمه، ويرى أنها من تدبير حركة الخدمة التي يتزعمها غولن، وقام بالفعل بفصل أو نقل الآف من ضباط الشرطة ومئات القضاة وممثلي الادعاء في محاولة للتخلص من نفوذها.
وفي السياق، أكد أردوغان أنه لن يتأثر بما سماه «محاولات الانقلاب» عليه، متهماً من يقف خلفها «بانعدام الأخلاق».
وقال أردوغان: «سنقف منتصبي القامة أمام أي محاولات انقلابية في المستقبل، كما وقفنا على مدار 12 عاماً، وكما وقفنا في محاولة الانقلاب الأخيرة، ولن ننحني أمام أي مؤامرات أو ضغوط».
ورأى في كلمة أمام اتحاد نقابات الموظفين الأتراك أول من أمس في أنقرة أن حكومته تتعرض لهجمات بشكل جماعي «لأننا أوقفنا عجلة الخيانة، لكن هذه الأشياء لن تؤثر فينا، فنحن ألفناها منذ انقلاب 28 شباط الذي لم يرتكب من قاموا به هذا الكم من انعدام الأخلاق الذي يمارس اليوم».
ومضى أردوغان قائلاً: «أرادوا غلق حزبنا، غير عابئين بالإرادة الوطنية، لكن الشعب ونحن كنا لهم بالمرصاد، وكشفنا تلك الاستفزازات، وقدمنا الجناة للقانون»، وذلك في إشارة إلى قضايا الفساد التي كُشفت منتصف كانون الأول الماضي واتُّهم فيها رجال أعمال وسياسيون محسوبون على الحزب الحاكم.
وفي سياق آخر، انتقدت أنقرة في مؤتمر في سيدني السياسات الاقتصادية للدول الصناعية الكبرى، مشيرةً إلى أن أنظمتها المالية تحتاج إلى «عملية إصلاح»، وذلك قبل اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين مطلع الأسبوع القادم. وقال نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون المالية علي باباجان، أمس، إن الدول المتقدمة الأعضاء في مجموعة العشرين تحتاج إلى إصلاح أنظمتها المالية وتخفيف الحاجة إلى أن تدعم البنوك المركزية اقتصاداتها بسياسة نقدية.
(رويترز، الأناضول، أ ف ب)