بعد نحو 3 أشهر من توقيع الاتفاق النووي في جنيف بين إيران ومجموعة الدول الست «5+1» برعاية الاتحاد الأوروبي، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا آمانو، في تقريره الأخير، الذي أعدّه حول الملف النووي الإيراني، أن إيران أنهت عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في الـ 20 من شهر كانون الثاني 2012، أي قبل نحو سنة من الاتفاق التاريخي. وأفاد التقرير بأن إيران قدّمت معلومات ضرورية للوكالة بخصوص منشأة آراك لإنتاج المياه الثقيلة في إيران، إضافةً إلى وصول المفتشين إلى الموقع المذكور.

وكشف أن إيران منذ 2006 أنتجت في «آراك» 100 طن من المياه الثقيلة، لافتاً الى أن السعة الإنتاجية لمنشاة آراك 16 طناً من المياه الثقيلة سنوياً.
وذكر التقرير أن السلطات الإيرانية أبلغت الوكالة عن خطة إنشاء موقع جديد لإنتاج المياه الخفيفة، لم تحدّد موقعه بعد، كما أعطت الإذن لزيارة فريق المفتشين للموقع النووي في بندر عباس.
وأوضح التقرير أن عدد أجهزة الطرد المركزي بقيت كما هي، وأن مفتشي الوكالة يواصلون زياراتهم لـ 17 منشأة نووية في 9 أقاليم في إيران. كما قدّم التقرير معلومات تفصيلية عن المفاعلات النووية الإيرانية منذ بدء أولى زيارات فرق التفتيش في بداية شهر شباط/ فبراير 2014.
كما ذكر التقرير أن القلق لا يزال قائماً بخصوص احتمالية استخدام إيران تلك المفاعل لأغراض التسلح، مجدداً طلبه تزويد الوكالة معلومات بشأن منشأة «بارتشين» والاختصاصيين الأجانب. وأشار إلى الصعوبات التي تحول دون وصول المفتشين إلى المنشأة المذكورة، مضيفاً إن «صور الأقمار الاصطناعية تشير إلى استمرار عمليات الحفر في الموقع».
وقال يوكيا في تقريره «إن التدابير والتعهدات التي أبدتها إيران في إطار المفاوضات تعدّ خطوة إيجابية»، مضيفاً «هناك حاجة إلى المزيد من التعاون».
ومن المنتظر أن يعلن عن التقرير في اجتماع مجلس المحافظين لوكالة الطاقة التابعة للأمم المتحدة والمزمع عقده بين 3 و7 آذار المقبل، بعدما أرسل يوكيا التقرير إلى رؤساء وفود 35 دولة هم أعضاء مجلس المحافظين، وإلى مجلس الأمن الدولي.
في غضون ذلك، أعلن المفاوض النووي الإيراني عباس عراقجي، أمس، أن الخبراء التقنيين الإيرانيين والغربيين من مجموعة الدول الست الكبرى سيبدأون محادثاتهم في بداية آذار في فيينا، على هامش اجتماع وكالة الطاقة.
وأضاف إن «تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات والتعاون النووي الدولي ستكون على جدول أعمال هذه المفاوضات التقنية وسيتم الاطلاع عليها لاحقاً خلال الاجتماع الرئيسي» في 17 آذار والذي سيجمع المسؤولين السياسيين من مختلف الأطراف.
وقبل ذلك، ستتوجه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون الى طهران بصفتها مسؤولة الدبلوماسية في الاتحاد الاوروبي والدول الـ 28 الأعضاء.
من جهة ثانية، اعتبر وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رينديرز، أن على طهران والدول الغربية إعادة بناء «علاقة ثقة» تنبع من اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.
وقال رينديرز، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في طهران أمس، إن «الهدف هو الذهاب نحو إعادة بناء علاقة من الثقة أولاً عبر التفاوض واتفاقات نأمل التوصل إليها في الملف النووي، وكذلك بلوغ اتفاق نهائي وشفاف ويمكن التحقق منه ومن شأنه توفير علاقة من الثقة بين المجتمع الدولي وجمهورية إيران الإسلامية».
بدوره، قال ظريف «في المفاوضات، نسعى الى إزالة أي عذر للعقوبات بهدف تأمين الظروف من أجل استثمارات أجنبية... على أصدقائنا الأوروبيين أن يعلموا بأن هناك وضعاً مستقراً للاستثمار في إيران».
في السياق نفسه، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس عن «قلقه» حيال مسار المفاوضات النووية بين الدول الكبرى وإيران، وذلك عشية زيارة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، لإسرائيل. وقال نتنياهو، خلال جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية في القدس المحتلة، نقلتها إذاعة جيش الاحتلال، أمس، إن «إيران تحصل على كل شيء ولا تعطي شيئاً عملياً... أنظر بقلق الى كون إيران تعتقد أنها تستطيع تنفيذ خطتها لتصبح بلداً قريباً من العتبة النووية».
وأضاف «ينبغي ألا يكرّس الاتفاق النهائي (بين إيران والقوى الكبرى) هذا الوضع»، موضحاً أنه سيبحث مع المستشارة الألمانية الملف النووي الإيراني والمفاوضات مع الفلسطينيين.
وألمانيا عضو في مجموعة الدول الست الكبرى التي تجري مفاوضات مع طهران الى جانب الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا.
من جهة أخرى، التقى وزير الاستخبارات يوفال شتاينيتز، أمس، مساعدة وزير الخارجية الأميركي وندي شيرمان، التي أطلعته على المراحل التي بلغتها المفاوضات مع إيران، حسبما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي.
إلى ذلك، رأى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، أن إيران متورطة في كل الساحات في الشرق الأوسط و«توزع المشاعل على المهووسين بإشعال الحرائق؛ ومعها الذخائر والصواريخ».
وخلال جولة ميدانية في هضبة الجولان المحتلة، قال غانتس إن الأوضاع على الحدود هادئة، لكن متوترة «وأنا أوصي الجميع بأن يتذكروا بأن تحت الهدوء تجري عاصفة يومية في كل واحدة من الساحات». وأضاف «في كل ساحة هناك توتر. إن منطقتنا تحتوي على أحداث وتغيرات كثيرة. بعضها استراتيجي وبعضها الآخر تكتيكي. الجيش الإسرائيلي يلوم نفسه في الجبهات المختلفة لهذا الوضع».
من جهته، نشر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، مقالاً في صحيفة «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان «أنتم (الإسرائيليون) لستم بمفردكم»، كتب فيه أن «البرنامج النووي لإيران يشكّل تهديداً يرتسم في الأفق... تبحث الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في فيينا مستقبل البرنامج النووي الإيراني. إن هدفنا واضح: يجب منع إيران من امتلاك أسلحة نووية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)