رفضُ الولايات المتحدة وصفَ المعركة الدائرة على التراب الأوكراني مع روسيا بالحرب الباردة، لا يلغي صحة هذا الوصف الدقيق لمجريات الأحداث في كييف، حيث دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري، روسيا إلى الوفاء بوعدها واحترام وحدة تراب أوكرانيا بعد صدامات بين نشطاء موالين لموسكو وآخرين موالين للسلطات الجديدة في كييف في منطقة القرم، مشدداً في الوقت نفسه على أن أميركا وروسيا لا ينبغي أن تدخلا في مواجهة على نمط الحرب الباردة.
وقال كيري: «بالنسبة إلى دولة تحدثت مراراً... ضد التدخل الأجنبي في ليبيا وفي سوريا وفي أماكن أخرى سيكون من المهم بالنسبة إليهم أن يستمعوا إلى تلك التحذيرات وهم يفكرون في الخيارات في دولة أوكرانيا ذات السيادة، ولا أعتقد أنه ينبغي أن يوجد أي شك على الإطلاق في أن أي نوع من التدخل العسكري ينتهك السيادة الإقليمية لأوكرانيا سيكون خطأً فادحاً... هائلاً».من جهتها، قالت وزارة الداخلية الروسية في بيان أمس، إن المتطرفين في أوكرانيا «يفرضون إرادتهم» ويذكون التوتر الديني بعد عزل الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، حيث توجد خصومات قديمة بين الكنائس الأرثوذكسية، مضيفةً أن رجال الدين وممتلكات الكنيسة التابعة للكنيسة الروسية الأرثوذكسية، ومقرها موسكو، واجهوا تهديدات، محذراً من أن التوتر يمكن أن يسبب «شقاقاً أكبر في المجتمع الأوكراني».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد دعا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من خلال بيان لوزارة الخارجية الروسية أمس «إلى إدانة تنامي النزعة العنصرية والفاشية الجديدة في غرب البلاد بأشد العبارات، بالإضافة إلى دعوات القوميين إلى حظر اللغة الروسية، ونزع حق المواطنة عن السكان الناطقين بالروسية، وفرض قيود على حرية التعبير، وحظر الأحزاب السياسية التي لا تروقهم». كذلك شدد لافروف على أن المساعدات لأوكرانيا، بما فيها المساعدات من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يجب أن تقدم بعد طلب السلطات الأوكرانية الشرعية ومع احترام سيادة البلاد. وأشار الجانب الروسي أيضاً إلى ضرورة إعادة تطورات الأوضاع في أوكرانيا إلى الأطر القانونية.
في هذا الوقت، أعلنت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو، أن بقاء فيكتور يانوكوفيتش رئيساً شرعياً لأوكرانيا، أمر لا يقبل الشك. وذكّرت ماتفيينكو بأن الدستور الأوكراني يتضمن إجراءات معينة لا يمكن من دونها عزل الرئيس من منصبه. «بداية، يجب إجراء عملية حجب الثقة في البرلمان، ثم يعود القرار إلى كل من المحكمة الدستورية والمحكمة العليا»، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات لم تحصل حتى الآن.
في السياق، أكدت وزارة الخارجية الأوكرانية أمس، تمسك السلطات الجديدة في كييف بعلاقات حسن الجوار مع روسيا. وفي بيان لها قالت الوزارة، إنه فور تشكيل الحكومة الجديدة «سيكون الجانب الأوكراني مستعداً لاستئناف حوار ثنائي متكامل، في إطار مؤسسات اللجنة الحكومية المشتركة الأوكرانية الروسية». ونفت الخارجية الأوكرانية ما جاء في بيان صدر عن الخارجية الروسية الاثنين، عن وجود تهديد للحقوق المدنية في أوكرانيا، بما فيها حقوق الأقليات القومية والديانات. هذا ووصف البيان بـ«المخالفة للحقيقة» الاتهامات باستخدام «أساليب إرهابية لقمع المعارضين» ونشر إيديولوجيا نازية جديدة من قبل القوى السياسية التي «تأخذ الآن على عاتقها المسؤولية عن الوضع في البلاد»، بحسب نص البيان. وأشارت الخارجية الأوكرانية إلى أن «شرعية القرارات التي اتخذتها البرلمان الأوكراني قد حظيت بالاعتراف من قبل الكثير من الشركاء الدوليين لدولتنا».
وتسلم رئيس البرلمان الأوكراني ورئيس الدولة المعين من قبل البرلمان ألكسندر تورتشينوف، صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية. وفي مرسوم، نشر على الموقع الإلكتروني للرئيس المعين أمس، أشار تورتشينوف إلى أن تسلمه صلاحيات القائد العام يأتي بناءً على مادتين من القانون الأساسي الأوكراني.
إلى ذلك، أكد القائم بأعمال وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف، أنه لم يتخذ أية إجراءات لاعتقال الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش في القرم، تفادياً «لدخول قوة أجنبية في النزاع».
(الأخبار، أ ف ب)