في خطوة تزيد من حدة التوتر في شرق أوروبا، أعلن نواب برلمان القرم الموالي لروسيا أمس، استقلال شبه الجزيرة عن أوكرانيا، مستبقين بهذه الخطوة الاستفتاء الذي سيجرى الاحد لإلحاقها بموسكو. وفي وقت اخفق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري مرة أخرى أمس في تسوية خلافاتهما بشأن حل الأزمة في أوكرانيا.
واستند نواب جمهورية القرم، في قرارهم الانفصالي، إلى سابقة كوسوفو لتبرير خطوتهم من وجهة النظر الدولية. وجاء في بيان لهذا البرلمان، الذي تعده سلطات كييف غير شرعي، أن 78 من 81 نائباً كانوا موجودين، أقروا «إعلان استقلال جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي ومدينة سيباستوبول».
ويشير النص إلى ميثاق الأمم المتحدة «وسلسلة وثائق دولية أخرى تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها»، وكذلك الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في 22 تموز 2010، ومفاده أن «إعلان الاستقلال الأحادي الجانب من جانب قسم من دولة، لا ينتهك أي عرف في القانون الدولي».
وإذا أدى استفتاء 16 آذار إلى إلحاق القرم ومدينة سيباستوبول بروسيا، فإن القرم ستعلن «دولة مستقلة تحظى بسيادة مع نظام جمهوري للحكم».
وأوضحت الوثيقة أن «جمهورية القرم ستصبح دولة ديموقراطية وعلمانية ومتعددة الجنسيات تتعهد الحفاظ على السلام والوفاق بين الإتنيات والأديان على أراضيها».
وفي حال التصويت لمصلحة الحاق القرم بروسيا، فإن شبه الجزيرة «ستتوجه إلى اتحاد روسيا لكي يجري ضمها على أساس اتفاق حكومي مناسب بصفتها قسماً جديداً من الاتحاد».
وقد سارعت روسيا إلى الاعتراف بشرعية قرار برلمان القرم، حيث أكدت وزارة الخارجية الروسية أمس، أن إعلان الاستقلال الذي وافق عليه البرلمان المحلي الموالي لموسكو في شبه جزيرة القرم الأوكرانية «شرعي تماماً».
فيما وصفت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ما تقوم به روسيا في شبه جزيرة القرم بأنه «عملية ضم» لتلك المنطقة.
من جهة أخرى، فشل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميكري جون كيري في مكالمة هاتفية في التوصل إلى موقف مشترك، بحسب ما أقرّ الطرفان.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي عشية زيارة رئيس الوزراء الأوكراني المؤقت ارسيني ياتسينيوك لواشنطن، أن «اجوبة لافروف كانت تكراراً للمواقف (الروسية) التي سمعناها» في المحادثات في باريس وروما الاسبوع الماضي. وأشارت بساكي إلى أن كيري جدد التاكيد على رغبته في مواصلة المحادثات «ولكن البيئة غير ملائمة، ويجب أن يكون الهدف حماية سيادة أوكرانيا» مضيفةً «لم نر ذلك في الردود التي حصلنا عليها من لافروف».
وفي سياق متصل يلقي رئيس الوزراء الأوكراني المؤقت ارسيني ياتسينيوك كلمة أمام مجلس الأمن غداً في جلسة مفتوحة لمناقشة الأوضاع في أوكرانيا.
في غضون ذلك، لوح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس، بفرض عقوبات جديدة على روسيا «اعتباراً من هذا الأسبوع» على الأرجح إذا لم تتجاوب مع الاقتراحات الغربية لوقف التصعيد في أوكرانيا.
كذلك قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرن، إنه إذا لم يقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنشاء مجموعة اتصال، وعقد لقاءات مع الدول الأوروبية بشأن أوكرانيا، فستعاني روسيا آثارا اقتصادية وخيمة.
وأضاف كاميرون، في تصريحات لصحيفة «بيلد» الألمانية، إن الدول الأوروبية عازمة على إعادة النظر في علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع روسيا، إذا لم تكف عن العبث باستقرار أوكرانيا.
وعند سؤاله عما إذا كان الغرب مستعداً لفرض عقوبات قاسية على روسيا، أشار كاميرون إلى إمكان إيقاف التعاون الاقتصادي مع روسيا، وفرض حظر سفر على مسؤوليها، إضافة إلى تطبيق أشكال أخرى من العقوبات.
وقال كاميرون إن أزمة القرم تمثل اختباراً لأوروبا، مؤكدا أن الدول الأوروبية لن ترضى بتجاهل روسيا لسيادة أوكرانيا.
وشدد كاميرون على أن الأزمة الأوكرانية ستحل بالطرق الدبلوماسية، وأن الخيارات العسكرية ليست مطروحة.
من جهته، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس، إن الاتحاد الأوروبي يفضل أن يتفادى الدخول في مواجهة مع روسيا، لكن عليه أن يعد رداً إذا لم تتراجع موسكو.
وقال شتاينماير «إذا مر مطلع الأسبوع دون تغير ملحوظ في سلوك روسيا، فحينها سيكون على المجلس الأوروبي أن يناقش المرحلة التالية من الإجراءات». وأضاف «لا نريد مواجهة، لكن تصرفات الجانب الروسي للأسف تحتم علينا أن نكون مستعدين بالشكل الذي أوضحته لكم».
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد رأت أمس، أن المعونة المالية الأميركية المزمعة إلى أوكرانيا، غير قانونية ومخالفة للأعراف القانونية الأميركية، لأنها تصنّف على أنها تمويل لنظام غير شرعي.
في غضون ذلك، حمّل الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش من جنوب روسيا أمس، الحكام الجدد في كييف مسؤولية تدهور الوضع الأمني والاجتماعي في البلاد، وسعي القرم إلى الخروج من قوام أوكرانيا، مصراً على أنه لا يزال رئيساً شرعياً وقائداً عاماً للقوات المسلحة في البلاد.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)




«الأطلسي» يستطلع الحدود الأوكرانية جواً

أعلن مجلس حلف شمال الأطلسي أول من أمس قرار الحلف إرسال طائرات استطلاعية «أواكس»، إلى حدود بولندا ورومانيا مع أوكرانيا، وذلك على خلفية الأحداث في شبه جزيرة القرم، وذلك بتوصية من القائد العام لقوات الناتو في أوروبا الجنرال فيليب بريدلاف. وقال مصدر دبلوماسي في بروكسل إن طلعات الطائرات ستبدأ اليوم، مشيراً إلى أن هذا الإجراء سيزيد مدى اطلاع الحلف على تطور الوضع في أوكرانيا والقرم، والتنقلات المحتملة للقوات العسكرية في المنطقة، كما أضاف المصدر نفسه إن الـ«ناتو» لن يقدم معلومات استطلاعية إلى أوكرانيا، مشدداً على أن طائرات «أواكس» ستنفذ مهماتها في أجواء بولندا ورومانيا فقط.
من جهة أخرى، بدأت الولايات المتحدة وبولندا تدريبات حربية أمس، في لمحة تأييد من واشنطن لحلفائها في شرق أوروبا، بعد تدخل روسيا في أوكرانيا، لكن الطقس السيّئ أجل تدريبات بحرية في البحر الأسود.
ودعا الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي الزعماء السياسيين في بلاده إلى ضمان نفقات الدفاع، في وقت تخضع فيه الميزانية لقيود بسبب «الأحداث في الشرق».
وتقول الولايات المتحدة إن التدريبات الجوية في بولندا والمناورات المشتركة في البحر الأسود مع رومانيا وبلغاريا كان مخططا لها قبل الازمة في أوكرانيا.
(الأخبار، أ ف ب)