يزداد الصراع الداخلي في تركيا احتداما مع اقتراب استحقاق الانتخابات البلدية آخر هذا الشهر، التي يبدو أن السياسة الخارجية تمثل جزءاً أساسياً منها، وإن كان التركيز يبقى دائما على الشأن الداخلي المتأزم. وفيما كرر الحزب الحاكم معزوفة «المؤامرة»، التي تتعرض لها البلاد مرفقة بالوعود باقتصاص من كل من يريد توتير الأجواء، سعى حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى البعث برسائل طمأنة باتجاه إيران وسوريا ومصر، مشيراً إلى أن خير البلاد بإقامة علاقات جيدة من الدول الثلاث.
وأكد اردوغان، في خطاب في محافظة كوجالي قرب اسطنبول، «لن نسمح بالمزيد من التوتر والضحايا... لن نسمح ابدا بان يتحول الشارع الى ساحة معركة». واضاف «لا نريد ان يدفع احد بشبابنا للنزول الى الشارع بزجاجات حارقة وحجارة وسكاكين».
وكانت المواجهات قد نشبت في تركيا بعد وفاة الفتى بركين الوان (15 عاماً) الثلاثاء، متأثرا بجروح اصابته بها الشرطة اثناء تظاهرات مناهضة للحكومة في حزيران الماضي. واصبحت قصة بركين الوان الذي اصيب في الرأس نتيجة القاء الشرطة قنبلة مسيلة للدموع ودخل في غيبوبة لمدة 269 يوما، رمزا للاسلوب الذي تعتمده قوات الامن لقمع التظاهرات المناهضة لاردوغان.واتهم اردوغان الوان الجمعة بأنه كان «عنصرا تخريبيا يعمل لحساب تنظيم ارهابي»، لافتاً إلى أن المعارضة تحاول خلق اجواء من الفوضى قبل الانتخابات البلدية في 30 اذار. وأوضح «هذا الفتى، الذي كان يوجد حصى في جيبه، ومقلاع في يده ووجهه مغطى بوشاح وارتبط بمنظمات ارهابية، تعرض مع الأسف لرذاذ الفلفل».
وفي خطاب اخر القاه أول من أمس، حذر خلال تجمع انتخابي في مدينة اضنة بالقول «سنلقن الذين شنوا ثورة على الجمهورية التركية درسا». وأضاف «سنقوم بما علينا القيام به عندما يحين الوقت. لن نسلم البلاد للمخربين والاشخاص الذين يحتجون في الشارع».
كذلك دان أردوغان وصف قناة تلفزيونية تابعة لغريمه الداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، خلال تغطيتها للقصف الإسرائيلي على مواقع في قطاع غزة. وأعرب عن عدم استغرابه من صدور هذا الوصف «من جماعة سبق أن قالت الشيء ذاته في متطوعي سفينة مرمرة الزرقاء»، التي قصدت قطاع غزة لفك الحصار عنها، مشيراً إلى أن «نتائج الانتخابات المحلية في 30 آذار، ستأخذ آمال هذه الجماعة أدراج الرياح».
يشار إلى أن قناة STV الإخبارية التركية كانت قد أذاعت خبراً مفاده «قيام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف 7 مواقع للإرهابيين في قطاع غزة» بحسب خبر القناة.
من جهته، أكد بولنت أرينتش، نائب رئيس الحكومة التركية، أنهم سيحاسبون كل من تجسس على أبناء الشعب التركي، مشيرا إلى «التنصت على مكالمات رئيس الوزراء، والوزراء، يعد جريمة تجسس في أي مكان في العالم، وليس مجرد تنصت على الهاتف».
في المقابل، طلب كمال قليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية، من الناخبين الأتراك، محاسبة الجميع عبر الطرق الديمقراطية وصناديق الانتخابات في 30 آذار الحالي، مضيفا «لأنكم لو لم تفعلوا ذلك، تكونون قد عجزتم عن أداء الدور المطلوب منكم في محاسبة المسؤولين». وأضاف «أخاطب من يقولون إن الأخلاق عندنا أهم من أي شيء، وأسألهم، في منزل ابن أي من رؤساء الوزراء، يمكن العثور على مبلغ مليار دولار نقدا؟». وتابع «علينا أن نحاسب من يأكلون أموال العباد، لأنني لو لم أفعل ذلك أكون قد عجزت عن أداء عملي، وأنتم كذلك»، لافتا إلى «أن الحكومة جعلت البلاد وقفا عليها هي فقط، تفعل بها ما تشاء، وكيفما تشاء».
وشدد على أنهم كحزب «نريد السلام والعلاقات الجيدة مع جميع دول الجوار مصر وسوريا وإيران، وذلك لأننا نريد السلام في الداخل والخارج، ولا نريد أن ندخل في صراع مع أي من الدول المجاورة، فالدماء تسفك في سوريا، والمسلمون يقتلون بعضهم بعضا، لكن الرجل الذي يجلس على كرسي رئاسة الورزاء يرسل الأسلحة بالشاحنات إلى سوريا، يعطيها للأخ ليقتل أخاه، فتركيا على مر تاريخها لم تقم بأي عمل يؤدي إلى نزف الدماء في بلدان المسلمين، وهذه أول مرة يحدث فيها ذلك على يد العدالة والتنمية».
(ا ف ب، الأناضول، الأخبار)