كشفت «مصادر دبلوماسية روسية» فحوى اجتماع عقده فلاديمير بوتين مع مجلس الأمن القومي الروسي، بعد أحداث أوكرانيا وقبل ضم القرم، مؤكدة أن الرئيس الروسي أبلغ الحضور أن ما يحدث في أوكرانيا هو نتجية لرفض بلاده مقايضتها بسوريا طبقاً للعرض الأميركي الغربي.
في هذا الوقت، أعلن صندوق النقد الدولي أمس أنه سيمنح أوكرانيا مساعدة تتراوح قيمتها بين 14 و18 مليار دولار بموجب اتفاق لمدة سنتين، فيما كشف رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني أندريه باروبي عن أن روسيا حشدت قرابة مئة ألف جندي على طول حدودها مع أوكرانيا، وهو رقم يفوق بكثير ما أعلنته الولايات المتحدة عن وجود حوالى عشرين ألف جندي على الحدود.
وبحسب وسائل الإعلام الروسية، قال بوتين، في اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، إنه «بعد فشل مؤتمر جنيف 2 حاولت واشنطن وأوروبا ابتزاز روسيا بتحريك الاحداث في أوكرانيا، لكن روسيا رفضت». وأضاف أنه «أرسل نائب وزير الخارجية إلى مؤتمر جنيف 2 على أمل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقاً مع واشنطن حول سير العملية السلمية في سوريا، ويشمل وقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب وتشكيل حكومة انتقالية، لكن الوزير الاميركي جون كيري أراد الالتفاف على هذا الاتفاق وألحّ على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية أولاً، وهو ما رفضته روسيا، لأنه كان يريد التنصل من الشروط الاخرى كوقف إطلاق النار ومكافحة الارهاب ثم الذهاب الى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف الدولي بالحكومة الانتقالية، وبالتالي إخراج النظام السوري عن الشرعية».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد نفى أول من أمس، في خطاب ألقاه في بروكسل، سعي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض السيطرة على أوكرانيا، مشدداً على أن الغرب لن يدخل في حرب باردة جديدة مع موسكو. وانتقد أوباما قرار روسيا ضم جمهورية القرم، ووصف «التصريحات عن تخابر أميركا مع الفاشيين في أوكرانيا» بأنها مثيرة للسخرية، مشدداً على أن العالم بحاجة إلى روسيا «قوية لا ضعيفة». وأردف الرئيس الأميركي قائلاً: «نريد أن يعيش الشعب الروسي في أمن ورفاهية وأن يفتخر بتاريخه»، ولكنه شدد على أن ذلك لا يعني أن من المسموح به لروسيا أن تتخذ القرارات بدلاً من جيرانها. وأقرّ الرئيس الأميركي بأن الغرب لا يخطط لاستخدام القوة لطرد القوات الروسية من القرم أو منعها من التقدم داخل الأراضي الأوكرانية، داعياً إلى اعتماد الطريقة الدبلوماسية لتسوية الأزمة. لكنه أردف قائلاً: «إذا واصلت القيادة الروسية السير في نهجها الحالي، فسنعمل معاً على عزل روسيا بنحو متزايد».
من جهة أخرى، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس قراراً يدعم وحدة أراضي أوكرانيا. وقد صوّت على القرار 110 دول، مقابل معارضة 11 أخرى، في حين امتنعت عن التصويت 58 دولة. ودعا نص القرار الدول إلى عدم الاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا، الذي جاء عقب استفتاء جرى يوم 16 آذار، معتبراً أن الاستفتاء «يفتقر إلى القاعدة القانونية ولا يمكن أن يكون أساساً لتغيير واقع القرم أو مدينة سيفاستوبل».
وغداة القرار، أعلن مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أنه قبل التصويت في الجمعية العامة على قرار دعم وحدة أراضي أوكرانيا، اشتكت الدول الأعضاء فيه لروسيا من تعرضها لضغط هائل من قبل الدول الغربية العظمى.
في غضون ذلك، أكد رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الدوما (النواب) الروسي ألكسي بوشكوف، أمس، أنه «لا مفر من إعادة النظر في النظام العالمي المستند إلى هيمنة الولايات المتحدة. وستكون هذه العملية مصحوبة بعدد من الأزمات».
من جانب آخر، أعلن بوتين أمس أن روسيا ستنشئ نظامها الخاص للدفع الإلكتروني كبديل لنظامي الدفع الأميركيين العملاقين فيزا وماستركارد، في محاولة لتخفيف الاعتماد الاقتصادي على الغرب، وسط الجدل حول إلحاق القرم بروسيا.
وقال بوتين «لماذا لا نفعل ذلك؟ في بعض الدول مثل الصين واليابان هذه الأنظمة تعمل بشكل جيد جداً». وأضاف «في بادئ الأمر بدأوا كأنظمة وطنية ينحصر عملها فقط بأسواقهم وأراضيهم وسكانهم، والآن توسع نطاق عملهم».
وتابع «يجب أن نقوم بذلك، وسنفعل»، مشيراً إلى أن البنك المركزي الروسي والحكومة يدرسان هذا الأمر.
في السياق، قال رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني أندريه باروبي، في مداخلة عبر الانترنت من كييف مع مجلس الأطلسي ــ مركز الأبحاث الذي يوجد مقره في واشنطن، إن «حوالى مئة ألف جندي يتمركزون على الحدود الأوكرانية. إنهم جاهزون للضرب منذ عدة أسابيع»، مؤكداً أن «القوات الروسية ليست في القرم فقط، بل على طول الحدود. إنها في الشمال والشرق والجنوب».
وأكد وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل أن «روسيا تواصل تعزيز قواتها على طول الحدود مع أوكرانيا»، معلناً أن «أقوال روسيا حول تطورات الأوضاع في أوكرانيا تتنافي مع أفعالها».
إلى ذلك، أعلنت رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو التي أُطلق سراحها من السجن الشهر الماضي، أنها ستخوض انتخابات الرئاسة التي تجرى في 25 أيار. وتعهدت تيموشينكو ببناء جيش قوي وأعربت عن أملها بأن تتمكن من استعادة القرم من روسيا.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)