بعد ما شهدته أوكرانيا من إعلان انفصال أحادي الجانب على أيدي محتجين في مدينة دونيتسك، اتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، روسيا بإرسال «عملاء وعناصر استفزازية» إلى شرق أوكرانيا «لإثارة الفوضى». وقال كيري، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: «كل ما شهدناه في الساعات الـ48 الماضية من جانب عناصر استفزازية وعملاء روس يعملون في شرق أوكرانيا، يدلنا على أنهم أرسلوا إلى هناك وهم مصممون على إثارة الفوضى». كذلك كشف أنه اتفق على لقاء جديد مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الأسبوع المقبل في أوروبا، في محاولة لحل الأزمة في أوكرانيا.
وكانت الخارجية الأميركية قد تحدثت أول من أمس، عن لقاء رباعي يعقد «بحلول عشرة أيام» بين واشنطن وموسكو وكييف والاتحاد الأوروبي، لكن الروس سارعوا إلى نفي الخبر. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «لم أبحث مع جون كيري أي موعد معين، لأننا اتفقنا على ضرورة أن ندرك أولاً طبيعة الصيغة التي ستعقد بها اللقاءات».
واتهم لافروف الولايات المتحدة بأنها تنسب إلى الآخرين ما «اعتادت» هي القيام به، قائلاً في مؤتمر صحافي إن «شركاءنا الأميركيين يحاولون تحليل الموقف بأن يأخذوا على الآخرين ما اعتادوا هم القيام به».
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض قد اتهم موسكو بـ«تنسيق» التظاهرات الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا، مؤكداً وجود أدلة تثبت أنه جرى «دفع نقود» لمتظاهرين موالين لروسيا ليسوا حتى «من السكان المحليين» الأوكرانيين. وقال لافروف: «شعرنا بأننا نعود خمسة أشهر إلى الوراء، وبأنه يصف الوضع في الميدان في وسط كييف». من جانب آخر، رأى لافروف أن موسكو مستعدة للتفكير في محادثات حول أوكرانيا كما اقترحتها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، لكن المناطق الناطقة بالروسية في جنوب شرق البلاد يجب أن تكون ممثلة فيها.
وقال لافروف: «لم نتحدث مع كيري عن موعد محدد؛ لأننا كما اتفقنا يجب أن نحدد صيغة للقاء وجدول أعماله»، مستبعداً الموافقة على لقاء «يتجاهل الاحتجاجات في جنوب وشرق أوكرانيا». ورأى أن هذه المناطق الناطقة بالروسية يمكن أن تمثلها شخصيات باتت تُعَدّ من المرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أيار المقبل. وقال: «أياً كان رأينا في الانتخابات الرئاسية، فإن المرشحين الذين حصلوا على موافقة الأحزاب السياسية يمثلّون القوى السياسية الشرعية في أوكرانيا». من جهته أعلن مسؤول كبير في البنتاغون أمس أن التحركات العسكرية لروسيا في القرم يمكن أن تؤدي إلى إعادة نظر في الوجود العسكري الأميركي في أوروبا الذي واصل تراجعه منذ انتهاء الحرب الباردة. وقال المكلف شؤونَ الأمن الدولي في البنتاغون ديريك شوليه إن "التحركات الروسية في أوروبا وأوراسيا يمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في انتشارها العسكري واحتياجاتها في بشأن الانتشار المستقبلي والتدريبات والتمارين في المنطقة"، لكنه لم يوضح ما يمكن أن تعنيه إعادة النظر في الانتشار العسكري. وشدد أمام نواب لجنة القوات المسلحة على أن "واشنطن لا تسعى إلى المواجهة مع موسكو".
حذرت روسيا
من خطر حرب أهلية
في أوكرانيا

من جانبه، حذّر الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي اندرس فوغ راسموسن روسيا أمس من أنه إذا دخلت في شرق أوكرانيا فستكون هناك «عواقب وخيمة»، في ما يتعلق بعلاقاتها بالحلف. وأضاف: «لدينا خطط معدة لضمان الدفاع الفعال عن حلفائنا وحمايتهم (...) واضحٌ أن الوضع الأمني المتطور في أوكرانيا وعلى حدودها يجعل من الضروري مراجعة خططنا الدفاعية وبحث كيفية تعزيز دفاعنا الجماعي». في غضون ذلك، دعت روسيا السلطات الأوكرانية أمس، إلى وقف كل استعداداتها للتدخل في المناطق الموالية لروسيا بشرق البلاد، محذرةً من خطر حرب أهلية. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن عناصر من شركة أميركية خاصة يشاركون في العملية. وأعلنت الوزارة في بيان نشر أمس: «بحسب المعلومات المتوافرة لدينا، إن وحدات من قوات الداخلية ومن الحرس الجمهوري الأوكراني تتدفق إلى مناطق جنوب شرق أوكرانيا، وخصوصاً في دونيتسك، وأضاف بيان الوزارة: «لقد أوكلت إلى هؤلاء مهمة سحق احتجاجات سكان جنوب شرق البلاد على سياسة السلطات في كييف». وتابع البيان أن «المثير للقلق هو أن قرابة 150 عنصراً محترفاً أميركياً من مجموعة «غريستون» العسكرية الخاصة ارتدوا زي الوحدة الأوكرانية «سوكول»». وفي هذا الصدد، قال وزير الداخلية الأوكراني آرسين أفاكو أمس، إن أوكرانيا بدأت عملية «لمكافحة الإرهاب» في مدينة خاركوف في شرق البلاد وألقت القبض على نحو 70 «انفصالياً» لاستيلائهم على مبنى الإدارة الإقليمية.
إلى ذلك، تشاجر نواب في البرلمان الأوكراني أمس، بعد أن اتهم زعيم شيوعي القوميين بخدمة مصالح روسيا من خلال تبني أساليب متطرفة في بداية الأزمة الأوكرانية. واعترض نائبان من حزب سفودوبا القومي اليميني المتطرف على اتهامات الشيوعي بيترو سيمونينكو، وأمسكا بتلابيبه أثناء حديثه من فوق المنصة. وتجمع أنصار حزبه للدفاع عنه ونشبت مشاجرة مع نواب من أحزاب أخرى وتبادلوا اللكمات.
(أ ف ب، الأناضول، رويترز)