في الوقت الذي تستمر فيه الجهود الدولية لإيجاد حل سلمي للأزمة الأوكرانية، رأى وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن روسيا تحاول تغيير المشهد الأمني في أوروبا الشرقية والوسطى، داعياً حلفاء واشنطن في حلف شمالي الأطلسي إلى زيادة النفقات العسكرية لتعزيز قدرات الحلف.
وقال كيري، في خطاب أمام مؤسسة أبحاث في واشنطن حول العلاقات الأميركية الأوروبية، «تمثّل الأحداث في أوكرانيا تحذيراً بالنسبة إلينا»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين حاولوا تحقيق تكامل روسيا مع المجتمع الأورو ــ أطلسي، لكن خطوات موسكو الأخيرة في أوكرانيا تدل على أنها «تلعب وفق قواعد مختلفة». وتابع «إن الأزمة في أوكرانيا تدفعنا إلى أداء الدور الذي تشكل الحلف من أجله، وهو حماية أراضي الحلف وتعزيز الأمن الأطلسي». وفي هذا السياق، أشار كيري إلى 3 أهداف أساسية، أوّلها حمل حلفاء واشنطن في «الأطلسي» على زيادة النفقات العسكرية فعلاً. وذكر أنه ليس كل أعضاء الحلف ينفقون 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الأهداف الدفاعية، ودعا هذه الدول إلى الالتزام بزيادة النفقات في هذا المجال خلال الأعوام الخمسة المقبلة. أما الهدف الثاني، فرأى كيري أنه يتمثل في اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لتبعية الدول الأوروبية للنفط والغاز الروسيين. أما الهدف الثالث فهو يكمن، بحسب كيري، في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين أعضاء الحلف.
من جهتها، أيّدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. ونقلت إذاعة «دويتشي فيللي» الألمانية عن ميركل قولها أمس: «إذا لم تلتزم موسكو بالقواعد الدولية، يجب على المجتمع الدولي أن يرد على ذلك بفرض العقوبات». وأضافت أنه لا يحق لروسيا التدخل في اتخاذ قرارات في أوكرانيا، مشيرةً إلى أن «أوكرانيا دولة حرة».
وأفادت الإذاعة أن ميركل تنوي مناقشة الأزمة الأوكرانية والعقوبات ضد روسيا مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء زيارتها لواشنطن التي ستبدأ اليوم. في هذا الوقت، أفاد مسؤول في صندوق النقد الدولي أمس بأن الصندوق يرى أن روسيا دخلت في مرحلة انكماش، حيث يعاني اقتصادها من تبعات الأزمة الأوكرانية.

كييف: قواتنا
المسلحة في حالة استنفار شامل للقتال
وقال أنتونيو سبيليمبرغو الذي يترأس مهمة للصندوق في موسكو، في تصريح نقلته وكالات الأنباء الروسية، «إذا عرّفنا الانكماش باعتباره تسجيل نموّ سلبي في فصلين متعاقبين، فهذا يعني أن روسيا تمر حالياً بمرحلة انكماش».
وكان الصندوق، ومقرّه واشنطن، خفض توقعاته للنمو في روسيا بصورة كبيرة بالنسبة لعام 2014 إلى 0,2% بدلاً من 1,3% كان أعلنها في وقت سابق، وحذّر من أنها يمكن أن تنخفض إلى أدنى من ذلك. كذلك خفض الصندوق توقعاته لنمو إجمالي الناتج الداخلي في روسيا لعام 2015 إلى 1% بدلاً من 2,3%، كما قال سبيليمبرغو.
وفي بداية نيسان، عمد صندوق النقد إلى تخفيض توقعاته لعام 2014 من 1,5 إلى 1,3% بسبب الأزمة الأوكرانية، لكنه ذهب أبعد من ذلك هذه المرة.
في المقابل، أعلن الرئيس الأوكراني الانتقالي أولكسندر تورتشينوف أمس أن القوات المسلحة الأوكرانية «في حالة استنفار شامل» للقتال في حال حصول غزو من قبل القوات الروسية المحتشدة عند الحدود، مؤكداًً أن على أوكرانيا «منع انتشار الإرهاب» إلى مناطق أخرى في شرق البلاد.
وقال تورتشينوف إن «قواتنا المسلحة في حالة استنفار شامل للقتال»، معتبراً «خطر أن تشن روسيا حرباً ضد أوكرانيا، حقيقياً». وكان تورتشينوف قد اعترف أول من أمس بأن هيئات الأمن الأوكرانية عاجزة عن السيطرة على الأوضاع في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك شرق البلاد، قائلاً: «أريد أن أقول بصراحة إن هيئات الأمن اليوم عاجزة عن السيطرة بسرعة على الأوضاع في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك». كذلك أكد في رسالة وجهها إلى الشعب الأوكراني أن «هيئات الأمن بالذات ووحدات دوائر وزارة الداخلية وهيئة الأمن في هذه المقاطعات، وفي الدرجة الأولى في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك، عاجزة عن تنفيذ واجباتها. والأكثر من ذلك، فإن بعض أفرادها يتعامل مع المنظمات الإرهابية». وقد أجرت القوات المسلحة الأوكرانية أمس تدريبات عسكرية في وسط العاصمة كييف، بعد تحذير الرئيس المؤقت أولكسندر تورتشينوف من خطر غزو روسي.
في السياق، قال مسؤول من الشرطة في العاصمة الإقليمية دونيتسك إن محتجين موالين لروسيا سيطروا أمس على مبنى حكومي محلي ومقر للشرطة في بلدة هورليفكا شرق أوكرانيا.
إلى ذلك، أعلن متحدث عسكري روسي أمس أن الجيش الروسي سيجري تدريبات لمروحيات عسكرية قرب الحدود مع دول البلطيق، بينما عزز الحلف الأطلسي دورياته الجوية في هذه المنطقة مع اندلاع الأزمة الأوكرانية.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)