بعد يوم دام شهده الشرق الأوكراني الجمعة وراح ضحيته أكثر من 65 شخصاً بعد ارتفاع عدد ضحايا الحريق داخل مبنى مقر النقابات في مدينة أوديسا إلى 46، أُفرج أول من أمس عن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بعد مضي ثمانية أيام على احتجازهم من قبل انفصاليين في مدينة سلافيانسك، فيما استطاع الانفصاليون من تحرير موقوفين، اعتقلتهم الشرطة في اوديسا بعد اقتحام مركز للشرطة.
في هذا الوقت، أعلن المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه «من الآن فصاعداً، روسيا لم يعد لها تأثير في هؤلاء الأشخاص (انفصاليي شرق أوكرانيا) لأنه سيكون من المستحيل إقناعهم بتسليم أسلحتهم عندما تكون حياتهم معرضة للخطر». وأضاف بيسكوف إن «الحديث عن تنظيم انتخابات سخيف».
من جهة أخرى، دعت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس منظمة الامن والتعاون في أوروبا ديدييه بورخالتر إلى أن يقوما خلال لقائهما الاربعاء بمناقشة سبل عقد طاولات مستديرة حول أوكرانيا تحت اشراف منظمة الأمن والتعاون. وأوضحت المتحدثة باسم ميركل، كريستيان فيتز ، أن ميركل أكدت خلال للرئيس الروسي في اتصال أمس أنه خلال اللقاء بينه وبين بورخالتر «يجب أن تناقش سبل عقد طاولات مستديرة تحت اشراف منظمة الامن والتعاون في اوروبا، تسهل قيام حوار وطني قبل الانتخابات الرئاسية» الأوكرانية المقررة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
كييف تتهم
موسكو بالسعي
إلى تدميرها

من جهته، أعلن الكرملين أن رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ديدييه بورخالتر سيزور موسكو يوم الاربعاء القادم لمحاولة نزع فتيل التوتر في الأزمة الأوكرانية.
وقال الكرملين في بيان صدر اثر المحادثة الهاتفية بين بوتين وميركل أنه «من المهم اتخاذ اجراءات دولية فاعلة وخاصة عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لنزع فتيل التوتر في أوكرانيا». وأضاف إن بوتين انتهز فرصة هذه المحادثة الهاتفية «للتشديد على الحاجة إلى اقامة حوار مباشر بين سلطات كييف الحالية وممثلي مناطق جنوب شرق البلاد» التي تشهد حركة تمرد مؤيدة لروسيا.
في إطار متصل، اتهمت الحكومة الأوكرانية أمس روسيا بالسعي إلى «تدميرها» بعد اتساع دائرة الاضطرابات الانفصالية في شرق البلاد واعمال العنف في اوديسا.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني ارسيني ياتسينيوك الذي وصل أمس إلى اوديسا «ما حدث في اوديسا يندرج في اطار مخطط روسيا الاتحادية لتدمير أوكرانيا ودولتها» مشيراً إلى أن «وحدتنا ستكون أفضل رد على هؤلاء الارهابيين».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، حث روسيا على بذل المزيد من الجهد «لخفض التوتر». وأضاف كيري لدى وصوله إلى كينشاسا آتياً من أديس أبابا، «تكلمت بعد ظهر اليوم (السبت) مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن هذه المراحل الإضافية»، وجددت له «ما اتفق بشأنه الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أي إن «من الأهمية بمكان أن تسحب روسيا دعمها للانفصاليين وأن تسهم في العمل على إخراج هؤلاء الناس» من الأبنية التي يحتلونها في شرق أوكرانيا.
وتابع كيري أن «الرئيس أوباما قال بوضوح إنه إذا استمر الذين تدعمهم روسيا في التدخل في الانتخابات الرئاسية الاوكرانية المبكرة في 25 أيار، فسيتعين اتخاذ عقوبات مختلفة» عن تلك التي اتخذت حتى الآن، متطرقاً إلى «عقوبات قطاعية» محتملة.
من جهته، دعا لافروف الولايات المتحدة إلى حث سلطات كييف على وقف عملياتها العسكرية فوراً. وقال لافروف لكيري، بحسب بيان لوزارة الخارجية الروسية، إن «القيام بعملية تأديبية في جنوب شرق أوكرانيا يغرق البلاد في نزاع بين إخوة»، مضيفاً «على الولايات المتحدة أن تستخدم كل نفوذها لإجبار نظام كييف الواقع تحت سيطرتها، والذي أعلن الحرب على شعبه بالذات، على وقف عملياته العسكرية فوراً في المناطق الجنوبية الشرقية وسحب قواته والإفراج عن كل المشاركين في التظاهرات» الذين اعتقلوا. ورأى لافروف أنه «لا تزال توجد فرص لتطبيق اتفاق جنيف، شرط إعطاء صفة تمثيلية مناسبة لكل المناطق في هذه العملية وإسكات الإرهابيين من «برافي سكتور» (القطاع الأيمن) الذين ارتكبوا مجزرة دامية في أوديسا».
من جانبه، رأى الأمين العام للحلف الأطلسي، الدنماركي أندرز فون راسموسن، أن روسيا ترتكب «خطأً تاريخياً» بمواصلة العمل على زعزعة الاستقرار في أوكرانيا يمكن أن تكون له «تداعيات كبيرة على العلاقات بين روسيا والغرب». وأضاف إن «عقوبات قاسية تستهدف الاقتصاد الروسي» يمكن أن تُتخذ، مؤكداً في الوقت نفسه أن أعضاء الحلف الأطلسي «لا يتحدثون عن خيار عسكري».
في غضون ذلك، نقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر في وزارة الداخلية الأوكرانية قوله إن مواطنين بولنديين ومن دول البلطيق يحصلون على جوازات سفر أوكرانية من سلطات كييف للمشاركة في قمع الاحتجاجات في مناطق جنوب شرق أوكرانيا.
كذلك كشفت صحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية أن عشرات الخبراء من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي يقدمون المشورة لسلطات كييف في ما يتعلق بقمع «التمرد» في جنوب شرق البلاد. وتشير الصحيفة استناداً إلى دوائر أمنية ألمانية إلى أن الخبراء المكلفين من قبل الولايات المتحدة لا يشاركون بأنفسهم في العمليات القتالية ضد الناشطين من أنصار الفدرلة، بل تقتصر نشاطاتهم على النصح وتقديم المشورة من داخل العاصمة الأوكرانية. كذلك يقدم هؤلاء الخبراء خدمات أخرى لسلطات كييف، خاصة في البحث عن الأرصدة المصرفية للرئيس فيكتور يانوكوفيتش.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)