كما كان متوقعاً، ودون أي مفاجآت، صوّت سكان مدينتي لوغانسك ودونتسك الواقعتين في شرق أوكرانيا بـ«نعم» للانفصال عن كييف، مؤكدين قدرتهم على تنظيم أمورهم بعد الاستقلال، ومشددين على ضرورة تشكيل جيش محلي لمواجهة الجيش الأوكراني.
وأعلن أحد قادة «جمهورية دونيتسك الشعبية» (المعلنة من قبل نشطاء الفدرلة في أوكرانيا) دينيس بوشيلين، استقلال الجمهورية وتوجهها إلى موسكو بطلب قبول انضمامها إلى روسيا. وفي مؤتمر صحافي عقد في مدينة دونيتسك أمس، أوضح القيادي أن إعلان «جمهورية دونيتسك» دولة ذات سيادة، جرى بناءً على نتائج استفتاء 11 أيار، مضيفاً أن «المجلس الأعلى» هو الذي سيتولى سلطة الدولة، ويتعين عليه تشكيل كل من حكومة الجمهورية ومجلس أمنها.
وسبق لرئيس لجنة الانتخابات المركزية في «جمهورية دونيتسك الشعبية» رومان لياغين، أن أعلن أن 89.7% من الناخبين صوتوا لاستقلال المقاطعة عن أوكرانيا. وفي حديث صحافي، أكد لياغين أنه لن تكون هناك دورة ثانية للاستفتاء على مسألة اندماج مقاطعة دونيتسك مع مقاطعة لوغانسك المجاورة أو انضمامها إلى روسيا، مع أنه وصف هذه الفكرة بالخطوة المناسبة. وأكد أن «جمهورية دونيتسك» لن تطلب من القوات الروسية التدخل، مشيراً إلى أن سكان الجمهورية سيدافعون عن أنفسهم بأنفسهم، وإلى أن إنشاء جيش لمواجهة القوات الأوكرانية سيكون الخطوة التالية من قبل السلطات المحلية. وفي مقاطعة لوغانسك أعلنت لجنة الانتخابات المركزية أن 96.2% من المقترعين صوّتوا لاستقلال «جمهورية لوغانسك الشعبية»، وذلك حسب النتائج النهائية للاستفتاء.
ويعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرد على عمليتي الاستفتاء في شرق أوكرانيا «عملاً بالنتائج»، كما أعلن المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف.
ورداً على سؤال عن إمكانية تأثّر رد فعل بوتين برفض الانفصاليين الموالين لروسيا تأجيل الاستفتاء، مثلما كان قد دعا إليه الأسبوع الماضي، قال المتحدث إن الرئيس الروسي «لم يطلب التأجيل بل أوصى بذلك».
وقال بيسكوف إنه «كان من الصعب التزام ذلك، حتى مع الأخذ بنفوذ الرئيس الروسي»، متابعاً أنه «نظراً إلى العمليات المسلّحة الجارية، فإن السكان في شرق أوكرانيا كانوا مرغمين على التحرك بموجب خطتهم استناداً إلى الوضع» في منطقتهم.
ووصف بيسكوف الانتقادات الغربية لموقف موسكو في الأزمة الأوكرانية بأنها «حماقة مطلقة»، وتساءل: «لماذا لم يتمكن الغربيون من منع استخدام مدرّعات ضد الانفصاليين ومنع قتل مدنيين مسالمين؟». وتابع: «إنهم لم يستخدموا نفوذهم، فيما تجد روسيا نفسها متهمة بكل ما يجري».
وكانت الحكومة الروسية قد عبّّرت عن احترامها لإرادة سكان مدينتي دونيتسك ولوغانسك. وأفاد بيان صادر عن المركز الإعلامي للكرملين أن «روسيا تابعت بأهمية الاستفتاء الذي أجراه الانفصاليون في المدينتين»، مشيراً إلى أن «نسبة المشاركة في الاستفتاء كانت كبيرة رغم محاولات عرقلة عملية التصويت».
وأدان البيان «العمليات العسكرية في المنطقة مجدداً»، مضيفاً أن «موسكو تحترم إرادة سكان المدينتين، وتقف إلى جانب الوصول إلى نتائج الاستفتاء بعيداً عن العنف، وإجراء حوار بأساليب متحضرة بين حكومة كييف وممثلي دونيتسك ولوغانسك».
أما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فأعلن من جهته أن روسيا لا ترى فائدة من إجراء محادثات دولية جديدة حول أوكرانيا من دون ممثلين عن المناطق الانفصالية في شرق البلاد.
وقال لافروف إن «الاجتماع مجدداً في صيغة رباعية ليس له فعلياً اي معنى»، وذلك رداً على سؤال عن احتمال عقد جولة جديدة من المحادثات التي جرت بين روسيا واوكرانيا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة في نيسان في جنيف، وادت إلى اتفاق يهدف إلى وقف التصعيد في أوكرانيا.
في المقابل، أدان الرئيس الأوكراني المؤقت أولكسندر تيرتشينوف الاستفتاء على الحكم الذاتي في المناطق الشرقية لبلاده، ووصفه بأنه مهزلة أثارتها روسيا لزعزعة استقرار أوكرانيا وإطاحة الزعماء في كييف. بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أمس، إن الاستفتاء بشأن الحكم الذاتي في شرق أوكرانيا «بلا أي صدقية». وأضاف أن الأمر الأكثر أهمية الآن، هو الانتخابات الرئاسية الأوكرانية المقررة يوم 25 أيار، موضحاً أن «هذه الاستفتاءات ليس لها أي صدقية في عيون العالم. إنها غير مشروعة بموجب أي معايير. لم تطبّق أي معايير، لا معيار واحد من الموضوعية ولا الشفافية أو النزاهة.»
من جانب آخر، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس في العاصمة الأذرية باكو، أن تقارب الاتحاد الأوروبي مع دول القوقاز الجنوبي ليس «موجهاً ضد أحد»، وذلك رداً على سؤال عن احتمال أن تؤدي زيارته للمنطقة إلى تفاقم التوترات مع موسكو في أوج الأزمة الأوكرانية.
وقال هولاند، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، إن «الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي ليست موجهة ضد أحد، لكن ينبغي أن يكون هدفها السماح بتنمية أكبر للمبادلات والاستثمارات» مع المساعدة «على الاستقرار» في الوقت نفسه.
ويزور وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أوكرانيا اليوم لتشجيع إجراء «حوار وطني» بين حكومة كييف والانفصاليين الموالين للروس، كما اعلن المتحدث باسمه مارتن شايفر أمس في برلين.
وأعلن شايفر أن «هدف الزيارة دعم جهود منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من أجل حوار وطني والدخول في محادثات فعلية حول مستقبل أفضل لاوكرانيا، الجهود التي يمكن أن تساعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 25 أيار» في أوكرانيا.
إلى ذلك قرر الاتحاد الاوروبي أمس توسيع قائمة عقوباته ضد روسيا. وأوضحت مصادر دبلوماسية أنه أُضيفت أسماء 13 شخصية روسية أو موالية للروس إلى قائمة الـ48 شخصاً المستهدفين بعقوبات، إضافة إلى شركتين استفادتا من ضم القرم إلى روسيا.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)