تبخرت الكثير من الآمال. عديدة هي الملفات التي تنتظر الدخان الأبيض من فيينا، لكن مدخنة قاعة التفاوض بين إيران و«5+1» بثت دخاناً أقرب إلى الأسود منه إلى الرمادي. لعله شيطان التفاصيل، المتعلقة بمفاعل أراك وقدرة التخصيب، وحتى البرنامج الصاروخي. أو أنه جوهر القضية، كما عبر أكثر من مرة المرشد علي خامنئي. وحده محمد جواد ظريف لا يزال يعتقد بأن الاتفاق ممكن قبل انتهاء مهلة الأشهر الستة في 20 تموز المقبل. كذلك الأمر بالنسبة إلى مساعده عباس عراقجي، الذي لا يزال يشيد بـ«المحادثات الجادة والبناءة».
لكن برغم كل الكلام المعسول الذي صدر عن أكثر من طرف، لم يكن هناك مفر من الاعتراف بالوقائع. «لم يحدث تقدم»، خلال جولة المفاوضات الرابعة التي اختتمت في فيينا أمس. كان هذا كلام عراقجي نفسه. بل أكثر من ذلك. قالها بكل وضوح: «لم يتحقق أي تقدم يجعلنا نصل إلى النقطة التي نبدأ منها صياغة الاتفاق النهائي».
وأهمية هذا التصريح أن الجولة التفاوضية تلك بدأت قبل ثلاثة أيام تحت عنوان بدء صياغة الاتفاق النهائي بين إيران ومجموعة «5 + 1».
وكان عراقجي قد أعلن في وقت سابق أن المفاوضات بين بلاده والدول الست «تتقدم في أجواء من حسن النية، لكن بصعوبة كبيرة وببطء شديد».
في المقابل، عبر مسؤول أميركي رفيع المستوى عن قلق بلاده من احتمال عدم الوصول إلى اتفاق شامل في الوقت المحدد في 20 تموز. وقال المسؤول إن «المحادثات بطيئة وصعبة، وما زالت هناك فجوات كبيرة». وأضاف «يتعين على إيران أن تتخذ بعض القرارات الصعبة».
من جهته، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن «مواقف المجموعة السداسية ووفد إيران متقاربة». وأكد أن هناك «أملا بدمج هيكل الوثيقة لنحصل على اتفاق نهائي». غير أن ريابكوف نفى تحقيق «تقدم أكبر من ذلك»، موضحاً أنه خلال المفاوضات كانت هناك «محاولات جدية للانتقال إلى العمل الفعلي لصياغة المشروع».
ومع ذلك، شدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، خلال لقائه الرئيس النمساوي هانز فيشر، أن الاتفاق النهائي مع مجموعة دول «5+1» حول الموضوع النووي «أمر ممكن»، لافتاً إلى أن النظرة الواقعية وإرادة الطرفين عاملان أساسيان للتوصل إلى نتيجة منشودة.
من جانبه تطرق الرئيس النمساوي إلى التقدم الذي أحرزته المفاوضات النووية، معرباً عن أمله في أن تشهد فيينا التوصل الى اتفاق نووي شامل. ورأى فيشر أن دعم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي للمفاوضات «يبعث على الأمل»، واصفاً زيارة وزير خارجية النمسا إلى طهران بالـ«إيجابية جدا».
في هذا الوقت، جدد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، هجومه على إيران، متهماً إياها بـ «خداع العالم ومواصلة مساعيها لتطوير الأسلحة النووية والصواريخ البالستية». وأضاف، خلال لقائه أمس وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، «كنا نقول بصورة متواصلة إن إيران تسعى إلى سحب الخيط من عيون المجتمع الدولي، لخداعه وانتهاك التزاماتها الدولية وقرارات مجلس الامن التي تحظر عليها تطوير بعض الأجزاء من برنامجها النووي».
وانتقد نتنياهو، بصورة غير مباشرة، سير المفاوضات النووية الجارية مع الإيرانيين، مشيراً إلى أن إيران تستمر في خرق التزاماتها الدولية، ومشيراً إلى أن المفاوضات «تتطلب سياسة واضحة وصارمة جداً من جانب القوى العالمية». وتوجه إلى المجتمع الدولي قائلاً: «يجب ألّا ندع أكبر دولة إرهابية في العالم تقوم بتطوير القدرة لانتاج اسلحة نووية»، مضيفاً «يجب ألّا ينتصر آيات الله».
من جهته، أكد هاغل ان «أميركا لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي»، متعهداً «استمرار التزام الولايات المتحدة ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي».
وفي متابعة لموقف الرياض الأخير المنفتح على طهران، أكد مساعد وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان، أن طهران والرياض قادرتان على إعادة الاستقرار إلى المنطقة، مشدداً على أن السعودية «تؤدي دوراً مهماً في العالم الإسلامي»، وذلك تعليقاً على دعوة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة الرياض.
وأشار عبد اللهيان إلى أن زيارة ظريف إلى المملكة تحتاج إلى تحضيرات، مؤكداً أن حل المشاكل في المنطقة على رأس جدول أعمال البلدين. ولفت إلى أن هناك محادثات جرت مع الرياض في ما يخص البحرين، كاشفاً عن أن «أحد رؤساء دول المنطقة سيزور إيران».
(الأخبار، رويترز، ا ف ب، الأناضول)