بعد الفشل الذي كشفت عنه الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا، يحاول الطرفان زيادة جرعة «التفاؤل» في التصريحات، على أمل التمكن من التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء المهلة المحددة بـ20 تموز المقبل. ومع ذلك، كان واضحاً أن الهوة لا تزال كبيرة بين الطرفين، بل إن الغرب لم يفهم بعد أن عليه التخلي عن لغة التهديد. في النهاية، أول ما تريده، حتى حكومة حسن روحاني، هو «احترام الشعب الإيراني».
ويصل اليوم أحد مندوبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران لإجراء محادثات حول إجراءات إيران في إطار الاتفاق الذي توصل اليه الجانبان.
ويقع كلٌ من أعضاء الوفد الإيراني والدبلوماسيين الغربيين في تناقض صريح عندما يتحدثون عن «الهوة السحيقة» بين موقفي الطرفين بالتزامن مع الإصرار على أن التوصل إلى وثيقة شاملة بين إيران والسداسية الدولية «غير مستبعد قبل 20 تموز».
وعقب عودته إلى طهران، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن التوصل إلى اتفاق نهائي بين إيران والقوى الكبرى «يبقى ممكناً على الرغم من الاختلافات التي ظهرت في جولة المحادثات الاخيرة»، داعياً الغرب إلى «عدم تفويت الفرصة مجدداً كما حصل في 2005».
وكتب ظريف على «تويتر» أنه «عائد من فيينا بعد مباحثات صعبة». وأضاف أن «التوصل إلى اتفاق أمر ممكن، لكن يجب أن تزول الأوهام»، فيما أكد رئيس الوفد الإيراني المفاوض عباس عراقجي أن «الخلافات كانت أكبر من أن تتيح البدء بصياغة نص اتفاق». وأضاف أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق ضمن المهلة المحددة فإننا «لن نعتبر الأمر كارثة».

عراقجي:
يجب على الطرف
الآخر التخلي عن لغة التهديد والحظر

ويرى دبلوماسيون غربيون أن التوصل إلى اتفاق دولي حول البرنامج النووي «لا يزال ممكناً رغم عدم إحراز تقدم في الجولة الأخيرة». وتقول دبلوماسية أميركية إن «أي تفاوض يشهد مداً وجزراً، وهذا الأمر لم يكن غير متوقع، لكننا نعتقد أننا لا نزال قادرين على بلوغ اتفاق».
وأشار السفير الفرنسي السابق في طهران بين 2001 و2005 فرنسوا نيكولو إلى العوائق التي تعترض الاتفاق، قائلاً إن «الغربيين يريدون قسمة عدد أجهزة الطرد المركزي في إيران على أربع أو خمس مجموعات، فيما يرى الإيرانيون أنهم يحتاجون إلى خمسين ألف جهاز على الأقل لتلبية حاجاتهم المقبلة في الأبحاث وإنتاج الكهرباء النووية»، وبالتالي فإن «الهوة كبيرة بين الموقفين».
وفي ما يتعلق بمفاعل «آراك» للمياه الثقيلة الذي يعد حجر عثرة في المحادثات، علق عباس عراقجي قائلاً إن «من الممكن خفض وإزالة هواجس الطرف الآخر بشأن مفاعل آراك عبر القيام ببعض الإجراءات التقنية»، مؤكداً في المقابل أن «طبيعة المفاعل ستبقى كما هي ولن تخفض قدرته».
يشار إلى أن الغرب يدّعي خشيته من أن ينتج «آراك» كميات كبيرة من البلوتونيوم من الدرجة المستخدمة في صنع الأسلحة.
وقال عراقجي إن إزالة الهواجس حول المفاعل تتحقق عبر «استخدام النماذج العلمية»، مشيراً إلى أن هناك «أفكاراً» في هذا المجال لدى الوفد الإيراني ولدى الطرف الآخر، لكنها بحاجة إلى «نقاشات فنية جدية يقوم الخبراء النوويون بالعمل عليها».
كذلك أكد عراقجي «ضرورة تخلّي الطرف الآخر عن لغة التهديد والحظر»، داعياً الدول الغربية إلى «التعاطي بلغة احترام الشعب الإيراني»، ومعيداً التذكير بأن بلاده لا تسعى للاتفاق النهائي فقط بل للاتفاق الذي يضمن حقوق الشعب الإيراني. كذلك جدد التأكيد على التزام الخطوط الحمر، وهي عدم التنازل عن حق الشعب في التخصيب في مقابل عدم خروج أي مواد نووية من البلاد والماء الثقيل، مضيفاً «سنصل إلى الاتفاق النهائي بتحقق هذه الخطوط الحمر، وإذا لم نصل الى اتفاق فلن يعتبر الأمر كارثة».
وأعلن عراقجي عن موعد الجولة الجديدة من المفاوضات التي ستعقد في فيينا من 16 إلى 20 حزيران المقبل.
من جهة أخرى، أكد الرئيس حسن روحاني أن بلاده «لا تزال في حالة دفاع وليست في حالة هجوم في مواجهة الغزو الثقافي»، داعياً إلى التصدي لهذه الظاهرة بأساليب حديثة و«عدم الانفعال أمامها».
وأوضح روحاني، في ختام المهرجان الوطني الرابع للاتصالات وتقنية المعلومات، أنه «لا يمكن تحقيق الاقتصاد المقاوم بدون الاتصالات الحديثة، وفي مقدمتها تقنية المعلومات»، مشيراً إلى أن «عهد الاستبداد الإعلامي قد أوشك على الانقراض»، وذلك يعود إلى «تقنية المعلومات والاتصالات التي مكّنت الجميع من التواصل في ما بينهم في مختلف أرجاء العالم».
على الصعيد الأمني، تمكنت القوى الأمنية الإيرانية من تفكيك خلية إرهابية في مدينة مهاباد في محافظة آذربيجان واعتقال ثلاثة من عناصرها، حسبما أعلنت السلطات الإيرانية. هذه الخلية نفذت في أيلول 2010 تفجيراً استهدف حشداً من النساء والأطفال في استعراض للقوات المسلحة في أحد شوارع مهاباد، ما أدى الى مقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من 40. ووفقاً لاعترافات المعتقلين، فقد تلقّى عناصر هذه الخلية الإرهابية التدريب والإعداد والتمويل من قبل جماعة «كوملة».
(الأخبار, أ ف ب, رويترز)