ربما يبصر الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى النور، خلال الأسبوع المقبل، وربما لا، لكن بموازاة الجهود الديبلوماسية التي يقوم بها الأطراف في فيينا، هناك جهود حثيثة في الداخل الأميركي من قبل معارضين للاتفاق، وأعضاء في الكونغرس، من أجل وضع شروط تعرقل تنفيذه قبل أن يجف حبر توقيعه.
وبرغم أن الولايات المتحدة لم تضمن بعد توقيع الاتفاق النهائي مع إيران حول الملف النووي، إلا أن مساعي عرقلته بدأت منذ اللحظة الأولى لتوقيع الاتفاق المؤقت، في تشرين الثاني الماضي، حيث دأب بعض الباحثين في معاهد الدراسات على التحذير من مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق، وراحوا يضعون السيناريوهات المحتملة، بناء على شكوك تتعلق بعدم التزام إيراني مرتقب. الأمر نفسه انسحب على أعضاء في الكونغرس، ليصل بهم الأمر، أخيراً، إلى وضع اقتراح يتضمن شروطاً جديدة، لإتمام الصفقة النهائية.
فبعدما أفادت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، قبل أيام، بأن هناك خطة يجري الترويج لها داخل الكونغرس من قبل اثنين من أهم المعارضين للاتفاق مع إيران، عادت، أمس، لتنقل معلومات عن أن هناك معركة بين الكونغرس والبيت الأبيض، بشأن الصفقة النووية المحتملة مع إيران.
وأوضحت «فورين بوليسي»، في احد تقاريرها، أن اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ اقترحا شروطاً جديدة لإتمام الاتفاق النهائي، من شأنها أن تعقد المحادثات.


شروط جديدة
في مجلس الشيوخ قد تعيق المحادثات

وأوردت المجلة الأميركية، مذكرة الشروط التي تقدم بها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور بوب مينينديز، وعضو لجنة القوات المسلّحة ليندسي غراهام، والتي طالبا فيها بتفتيش المنشآت الإيرانية، لمدة 20 عاماً على الأقل.
كذلك طالبا بتمكين «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» من الوصول إلى جميع المرافق والأشخاص والوثائق اللازمة، لتحديد مدى التزام إيران الصفقة.
وهدد عضوا مجلس الشيوخ باستمرار العقوبات الاقتصادية القائمة ضد إيران، ما لم توافق على التفتيش لمدة 20 عاماً، في الوقت الذي تعارض فيه طهران أي اتفاق يبنى على نظام التفتيش، كما تطالب بالقضاء على العقوبات.
وكانت «فورين بوليسي»، قد أفادت بأن المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» مارك دوبوفيتز، والمستشار السابق للسيناتور الجمهوري مارك كيرك، ريتشارد غولدبرغ، بدآ يروجان داخل الكونغرس خطة يسعيان من خلالها، إلى الاعتراض على رفع العقوبات المالية عن إيران، بربط هذه العقوبات ببنود لم تكن جزءاً من المحادثات بين إيران والدول الست.
وفي هذا الإطار، ذكرت المجلة أنهما طلبا من الكونغرس وضع شروط تتعلق «بإثبات إيران أن قطاعها المالي، بما في ذلك المصرف المركزي الإيراني، قد توقف عن دعم الإرهاب وغسل الأموال وانتشار الأسلحة النووية».
وتعقيباً على هذا الاقتراح، أشارت الباحثة في معهد «بروكينغز» سوزان مالوني، إلى أن دوبوفيتز وغولدبرغ يتمتعان بتأثير كبير على الكونغرس، في ما يتعلق بقضية العقوبات»، موضحة في الوقت ذاته أن «هذه الخطة ستلقى الكثير من الدعم من قبل أعضاء الكونغرس».
وبالعودة إلى آذار الماضي، فإن المخاوف الأميركية التي تسعى إلى عرقلة تنفيذ الاتفاق، كان لها مكانها في تقرير نشره الباحثان جيمس جيفري وديفيد بولوك في «معهد واشنطن».
رأى الباحثان في هذا التقرير، أن مهمة الولايات المتحدة وبقية مجموعة «دول الخمسة زائدا واحدا» (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا)، في المنطقة، ستكون وضع ترتيبات لتشجيع إيران على التزام الاتفاق النووي. وأشارا إلى أن العمل في هذا الإطار، يجب أن يكون على المستوى نفسه الذي جرى من خلاله العمل على إنجاز الاتفاق.
وطرح الباحثان فكرة وضع قيود محدّدة على برنامج إيران، استناداً إلى أنه سيُبقى على بقايا برنامج التخصيب في نهاية الاتفاق، كما طالبا بوضع صيغة للتحقق والمراقبة والاستخبارات، داخل الاتفاق وخارجه، لتحديد أي تجاوز للعتبة النووية.
وفي هذا الإطار، طالب الباحثان بوضع سيناريوهات موثوق بها في حال حدوث تجاوزات، فأشارا إلى أن «أي اتفاق مع إيران يجب ألا يمنع البيت الأبيض من فرض عقوبات جديدة، في حال حدوث أي انتهاك إيراني».
ولم يكتفيا بذلك، بل أشارا إلى أن على واشنطن الحفاظ على تهديداتها الصريحة في ما يتعلق بالإطار العسكري.
إضافة إلى ذلك، طالب الباحثان بضرورة تمكين أفراد «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» من تقديم تقارير محددة إلى مجلس الأمن الدولي، من خلال مجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، ومن دون طلب التصويت من أعضاء المجلس.
أما بالنسبة إلى العقوبات، فقد رأى الباحثان أنه «ينبغي تعليق عقوبات محددة مفروضة حالياً من قبل الأمم المتحدة على إيران، بدلاً من رفعها. وتخفيف بعض العقوبات على مراحل، بدلاً من رفعها على الفور، كمحفز للالتزام، وخاصة في ما يتعلق بنظام التفتيش».
في مقابل ذلك، قال رئيس غرفة التجارة البريطانية الإيرانية نورمان لومانت في مقال في مجلة «ذي أوبزرفر»، إن «القيام بعمل عسكري يمكن أن يغرق المنطقة في مواجهة أكثر عنفاً، كما أن المزيد من العقوبات يمكن أن يؤدي إلى خاتمة سيئة»، موضحاً أن «العقوبات الحالية أثرت في إيران، لكنها دفعت بالعديد من الأعمال في القطاع الخاص إلى أحضان الحرس الثوري، وساهمت في تقوية هذا الأخير في المجال الاقتصادي».