إسطنبول | تشهد الساحة التركية، قبل أيام قليلة من الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مشاحنات واتهامات متبادلة بين المرشحين، وصل بعضها حدّ الاتهام بالخيانة. أحدث تلك الاتهامات، كان عرض نائب رئيس حزب «الشعب الجمهوري» غورسيل تكين في مؤتمر صحافي تسجيلاً مسربا يظهر ابن رجب طيب أردوغان، بلال، وهو يدعو إلى تغيير كل المدارس المختلطة في تركيا، إضافةً إلى التوسع في بناء المدارس الدينية التي تسمى في تركيا «مدارس الإمام الخطيب»، ليصل عددها خلال فترة قصيرة من ٤٦٥ ألفا إلى مليون.
يقول بلال أردوغان في التسجيل إن «مدارس الإمام خطيب تمثل ١٠٪ أو ربما ١٥٪ من المدارس في تركيا»، مشيراً إلى أن وجود مادة الديانة مادة اختيارية في المدارس الأخرى «أمر إيجابي». التسجيل المسرَّب يظهر مشاركة رئيس جمعية «نشر العلوم» يوسف تولون، ووزير التربية والتعليم نابي أفجيه في الاجتماع، الذي أعلن فيه ابن أردوغان اقتراحٍاً يدعو إلى «إيقاف بناء المزيد من المدارس المختلطة»، مؤكداً أن المدارس الجديدة للمراحل الإعدادية والثانوية «يجب أن تكون مخصصة إما للفتيان أو للفتيات».

وفي حلقة أخرى من سلسلة الاتهامات المتبادلة، سخر أردوغان بقسوة من منافسه، مرشح المعارضة، أكمل الدين إحسان أوغلو، حين اتهمه بعدم معرفته النشيد الوطني التركي «مسيرة الاستقلال»، الأمر الذي يعد إهانة خطيرة في بلد شديد الحرص على الشعور الوطني. وكان إحسان أوغلوا قد زار قبر الشاعر محمد عاكف أرصوي، مؤلف كلمات النشيد الوطني، وتحدث عن الصداقة التي ربطت بين والده وأرصوي في الفترة التي شهدت تأسيس الجمهورية التركية بداية القرن العشرين، إلا أن أوغلوا نسب أبيات الشعر الشهيرة المكتوبة على قبر الشاعر إلى شاعر آخر، الأمر الذي استغله أردوغان قاطعاً كلمته خلال أحد التجمعات في مدينة كهرمانمراس جنوب شرق الأناضول، ليبث شريط فيديو يصور هفوة منافسه على شاشة عملاقة، متهماً أوغلو بأنه «عاجز عن التمييز بين النشيد الوطني وقصيدة شهداء تشاناكالي». ووصف أردوغان منافسه بأنه «مرشح مستورد لا يعرف النشيد الوطني».
وعلى غير عادته، رد إحسان أوغلو بغضب على رئيس الوزراء، متهماً إياه بـ «الكذب والافتراء»، وقال «أنا ابن أقرب صديق لمحمد عاكف أرصوي، تعلمت النشيد الوطني وأنا ما زلت أرضع من صدر والدتي، وقبلك بكثير».

من جهة أخرى، عنونت صحيفة «بير غون» التركية في الرابع من آب الجاري «كليتشدار أوغلو علوي، ديميرتاش زازا (كردي)، إحسان أوغلو مصري، وأنت سارق»، في إشارة إلى زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح الأكراد للانتخابات الرئاسية، ومرشح المعارضة، ورئيس الوزراء أردوغان. ولفتت الصحيفة إلى خطاب أردوغان في تجمع انتخابي في إسطنبول، حيث استهزأ بإحسان أوغلو بقوله «هو بروفسور يتكلم ثلاث لغات.. هل نحن نبحث عن مترجم؟ لو كنا نبحث عن مترجم لوجدنا من يتكلم ثلاث لغات، ومن يتكلم خمس لغات، لكننا أسندنا هذا العمل لترجمان فوري».

من جهته، نشر موقع «غارتشيك غونديم» دراسةً حول الفوارق بين أردوغان وإحسان اوغلو. الدراسة التي حطمت رقماً قياسياً بأعداد مشاركتها على الانترنت، ذكرت ٢٢ فرقاً بين المرشحين، ومن أبرزها: «أردوغان سياسي، أما إحسان أوغلو، فهو دبلوماسي. أردوغان رشح نفسه للانتخابات، أوغلو رُشح للانتخابات. أردوغان يتكلم التركية فقط، ويقرأ القرآن جيداً، أوغلو يتكلم خمس لغات جيداً وحافظ للقرآن. أردوغان بقي مظلوماً في السجن ٤ أشهر، واستغل الظلم الذي أدخله السجن ليصبح رئيس حزب، فيما ظلم أوغلو بابعاده هو وعائلته خارج تركيا، ولم يستغل ذلك. أردوغان خريج جامعة لديه شهادة جامعية فقط، ويقرأ الشعر، أما أوغلو، فهو بروفسور درّس في العديد من الجامعات، منها هارفرد والأزهر ولديه العديد من المؤلفات. أردوغان يستخدم الشتائم، وبحقه قضايا رشوة وفساد غير محدودة، أوغلو متزن في حديثه، وما من قضايا بحقه. أردوغان يعد من مهندسي الحالة الكارثية الراهنة في الشرق الأوسط، فيما أمضى أوغلو حياته في تنمية بلاده والعالم العربي والإسلامي. أردوغان يريد ذهاب (رئيس الجمهورية السوري بشار) الأسد بقوة السلاح، أوغلو دافع عن ضبط الأوضاع في سوريا عن طريق الديمقراطية».
وعلى الرغم من هذه الأجواء المشحونة، من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً في نبرة الخطاب المتبادل بين المرشحين، في محاولة من كل طرف لاستغلال أي هفوة أو خطأ لمنافسه، وإظهارها للرأي العام كفضيحة كبرى سعياً لكسب المزيد من أصوات الناخبين.