خيّم التوتر الحاد بين روسيا والدول الغربية بسبب الأزمة الأوكرانية، بقوة على أجواء قمة «مجموعة العشرين» التي عقدت في مدينة بريزبن الأوسترالية، ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مغادرتها، من دون التوقيع على بيانها الختامي. ورغم أن هذا البيان تمحور حول العمل على تسريع النمو الاقتصادي وتمويل مكافحة التغيرات المناخية، إلا أن فعاليات القمة شكلت فرصة أمام رؤساء الدول الغربية لانتقاد موسكو وتحميلها مسؤولية الأزمة الأوكرانية.
فقد انتقدت، أمس، كل من الولايات المتحدة وأوستراليا واليابان، في لقاء على هامش القمة، روسيا بشدة، معتبرة أنها تقوم «بتحركات تؤدي إلى زعزعة الاستقرار» في أوكرانيا.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس الوزراء الأوسترالي توني آبوت، ونظيره الياباني شينزو آبي، في بيان مشترك إنهم «مصممون على معارضة ضم روسيا المزعوم لشبه جزيرة القرم وتحركاتها لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا».
واستكمالاً لذلك، حذّر الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مؤتمر صحافي بعد القمة، من أن روسيا ستبقى معزولة إذا واصل نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، تأجيج النزاع في شرق أوكرانيا.
وبعيد اختتام القمة، صرّح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجهت «رسالة واضحة جداً» إلى روسيا بشأن الأزمة الأوكرانية.
أوباما: روسيا ستبقى
معزولة إذا واصل بوتين تأجيج النزاع في شرق أوكرانيا

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد التقى، على هامش «قمة العشرين»، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، حيث أكد الزعيمان ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لتسوية الأزمة الأوكرانية والامتناع عن المواجهة، وإصلاح العلاقات الروسية - الغربية.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية أن الوضع الأوكراني كان عملياً محور الحديث الطويل نسبياً بين بوتين وكاميرون، كما تطرقا أيضاً إلى الأسباب الرئيسية الكامنة وراء الخلافات الحالية في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وعدة دول أوروبية».
وعلى خط مواز، أعلن مستشار الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، أن قادة دول «بريكس» نددوا بالعقوبات المفروضة على روسيا واعتبروها غير قانونية.
في السياق نفسه، وخلال لقاء مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، السبت، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن «فرنسا وروسيا تحتفظان منذ زمن طويل بعلاقات ليست جيدة فحسب، بل ومفيدة للجانبين، وهناك اليوم لحظات مضطربة في الشؤون العالمية، وقد لا تتوافق مواقفنا في كل المسائل»، مؤكداً أن «الأهم هو أن تكون هناك إمكانية للقاء والتحدث حول كل هذه المسائل، وبذل كلّ جهد ممكن للحد من المخاطر والآثار السلبية على العلاقات الثنائية».
ورغم أن هولاند بدوره، أكد أن «الاضطراب» في الشؤون الدولية لن يستمر طويلاً، معرباً عن استعداده للمساهمة في تسوية الأزمة الأوكرانية، إلا أنه أشار، أمس، خلال مؤتمر صحافي، الى أنه سيتخذ قراره بشأن تسليم روسيا السفينتين الحربيتين من طراز «ميسترال»، الذي كان قد أرجئ حتى انتهاء الأزمة في أوكرانيا «بعيداً عن كل ضغط».
وأيضاً في إطار هذه الأجواء الأشبه بالحرب الباردة، اتهم قادة الدول الأنغلوساكسونية موسكو، بأنها تشكّل «تهديداً للعالم» وترغب في «إعادة الأمجاد الضائعة لروسيا القيصرية والاتحاد السوفياتي».
في مقابل كل ذلك، غادر فلاديمير، أمس، بريزبين قبل نشر البيان الختامي لـ«مجموعة العشرين»، كما ظهر في لقطات بثها منظمو القمة.
ونقل موقع «شبيغل» الألماني أن بوتين لم يشارك في المأدبة الأخيرة التي نظمت على شرف قادة وزعماء دول العشرين، كما أنه لم ينتظر حتى التوقيع على البيان الختامي، بل توجه إلى مطار بريزبين، ومنه إلى موسكو بدعوى أنه بحاجة إلى النوم لمواصلة عمله اليوم. ورغم أن الكرملين لم يصدر أي تصريح رسمي بشأن أسباب مغادرة بوتين المبكرة للقمة، لكن التقارير الإعلامية المحلية تحدثت عن «عدم رضاه من سير اجتماعاتها».
وكان بوتين قد أشاد، في مؤتمر صحافي أمس، بـ«الأجواء البناءة» التي سادت القمة. وقال «بالفعل، بعض وجهات نظرنا لا تتلاقى، لكن الحوارات كانت شاملة وبناءة ومفيدة للغاية».
وقد استهجن في الوقت ذاته قرار نظيره الأوكراني، بيوتر بوروشينكو، فرض حصار اقتصادي على مناطق لوغانسك ودونيتسك شرق البلاد.
وكان بوروشينكو قد كلّف، السبت، بإخلاء كل مؤسسات الدولة الأوكرانية والمحاكم وإخراج السجناء من منطقة العمليات الخاصة في لوغانسك ودونيتسك، إضافة إلى وقف خدمة الحسابات المصرفية فيها.
(الأخبار، رويترز،
أ ف ب، الأناضول)