بدأت مفاعيل العقوبات الغربية على روسيا، على خلفية الأزمة الأوكرانية، تظهر آثارها بنحو جلي على الاقتصاد الروسي، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط التي أثرت، بحدّة، في سعر صرف الروبل. فقد أعلن نائب وزير الاقتصاد الروسي، ألكسي فيديف، أمس، أن العقوبات التي فرضت على موسكو فضلاً عن أسعار النفط المنخفصة، ستسهم في انزلاق الاقتصاد الروسي في براثن الكساد، العام المقبل، وذلك في تحوّل جذري عن توقعات سابقة بنمو الناتج المحلي الإجمالي 1.2 في المئة.
وفي أول توقع رسمي بحدوث كساد، قال فيديف إن الناتج المحلي الإجمالي سينخفض 0.8 في المئة في العام المقبل.
وصرح فيديف للصحافيين: «نفترض الآن أن تستمر العقوبات على مدار عام 2015»، بعدما كانت الوزارة قد توقعت في وقت سابق رفع العقوبات في وقت ما منتصف العام المقبل.
وأضاف أن «هذا يعني إغلاق أسواق رأس المال أمام غالبية الشركات والمصارف الروسية، فضلاً عن بيئة استثمار غير مواتية تتمثل في الحالة الضبابية وغياب الأمن».
وأشار نائب وزير الاقتصاد الروسي إلى أن هبوط سعر النفط سيبقي الروبل ضعيفاً. وأوضح أن «السبب الرئيسي لتعديل توقعاتنا هو التنبؤ بانخفاض أكبر أسعار النفط عمّا كان مفترضاً (من قبل)».
لكن غداة إعلان موسكو إلغاء مشروع خط أنابيب «ساوث ستريم»، أعلنت المفوضية الأوروبية، أمس، أنها ستمضي قدماً في المحادثات الخاصة بهذا المشروع، في التاسع من كانون الأول.
وكانت شركة «غازبروم» الروسية قد ذكرت، أول من أمس، أنه جرى إلغاء مشروع بناء خط أنابيب «ساوث ستريم» الجديد الذي يمتد إلى الاتحاد الأوروبي، من دون المرور في الأراضي الأوكرانية، وعزت السبب وراء ذلك إلى اعتراض الجهات التنظيمية في الاتحاد.
لكن نائب رئيس المفوضية الأوروبية، ماروس سيفكوفيتش، قال في بيان إن «المفوضية عقدت عدة اجتماعات تهدف إلى إيجاد حل لهذا المشروع يتوافق تماماً مع تشريعات الاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أنّ من المقرر عقد الاجتماع التالي في التاسع من كانون الأول. وأشار إلى أن أمن الإمدادات يأتي على رأس الأولويات، في ظل التغيّرات الكبيرة التي يشهدها قطاع الطاقة.
على خط موازٍ، أدان وزراء خارجية «حلف شمال الأطلسي» التعزيزات العسكرية الروسية في شبه جزيرة القرم، وخطط موسكو لزيادة قواتها في البحر الأسود. ويأتي ذلك فيما أعلنت منظمة «الأمن والتعاون في أوروبا»، أن الجيش الأوكراني والقوات الانفصالية اتفقا، «من حيث المبدأ»، على وقف جديد لإطلاق النار، يبدأ من الخامس من كانون الأول في منطقة لوغانسك التي يسيطر عليها الانفصاليون.
وانتقد وزراء الحلف في إعلان مشترك، صدر عقب اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بروكسل، التحركات الروسية التي وصفوها بأنها تمثل «تقويضاً للأمن في أوكرانيا، وسيكون لها تداعيات خطيرة، على أمن واستقرار المنطقة الأوروبية الأطلسية برمّتها».
وأدان الوزراء، الذين تحدثوا خلال الاجتماع مع نظيرهم الأوكراني بافلو كليمكين عبر دائرة تليفزيونية، ما سمّوه «زعزعة روسيا المستمر والمتعمد» للاستقرار في أوكرانيا، معلنين في الوقت ذاته تقديم مساعدات جديدة للجيش الأوكراني.
وأقرّ الحلف إنشاء أربعة صناديق استئمانية للإسهام في تمويل إصلاح الجيش الأوكراني وتحديثه، ستخصص لتوفير الخدمات اللوجستية وأمن الإنترنت وإعادة تأهيل الجنود الجرحى، ومهمات أخرى.
وفي السياق ذاته، أفاد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، بأن وزير الخارجية، جون كيري، سيبحث مع حلفاء أوروبيين، هذا الأسبوع، فرض المزيد من العقوبات على روسيا، ما لم يوقف الانفصاليون الموالون لها في شرق أوكرانيا
أعمال العنف.
وقال المسؤول الذي رافق كيري إلى اجتماع وزراء خارجية دول «حلف شمال الأطلسي»، الذي عقد في بروكسل أمس، إن «هناك محادثات متواصلة مع الاتحاد الأوروبي، بشأن الاستمرار في توسيع العقوبات».
وأضاف: «سنجري محادثات بشأن ما سنفعله في ما بعد، خصوصاً للرد على استمرار تدفّق الأسلحة الثقيلة عبر الحدود (من روسيا)».
لكن دبلوماسيين أوروبيين صرّحوا بأنه لا توجد رغبة قوية داخل الاتحاد الأوروبي لفرض المزيد من العقوبات، ما لم يحدث تدهور حاد في الوضع في أوكرانيا.
وعندما سأل الصحافيون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فيديريكا موغيريني، بشأن العقوبات الجديدة المحتملة، قالت إن «دورنا أيضاً هو استكشاف سبل الحوار (مع روسيا)»، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض أخيراً عقوبات على
مزيد من الانفصاليين، وذلك فيما صرح الرئيس التجديد للمفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، بأنه لا يرى جدوى من مواصلة التهديد بفرض مزيد من العقوبات.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)