نواكشوط | فيما تحدثت السلطات المالية أمس عن دحر الجماعات المسلحة وهزيمتها في المعارك المتواصلة، اعترف وزير الدفاع الفرنسي جان _ إيف لودريان بأن الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الفرنسية على مواقع الجماعات الإسلامية المسلحة في مدينة دوينتزا لم تتمكن من وقف «تقدم المجموعات الإسلامية». كذلك أفاد مصدر مقرّب من الرئيس فرنسوا هولاند، أمس، بأن القوات العسكرية الفرنسية في مالي تواجه مجموعات إسلامية «مجهزة ومدربة بشكل جيد» وتمتلك «معدات حديثة ومتطورة». وقال هذا المصدر «في البداية، كان يمكننا الاعتقاد أن الامر يتعلق ببعض الجنود المرتزقة على متن عربات تويوتا وبعض الأسلحة»، مضيفاً «تبيّن أنهم في الواقع مجهزون بشكل جيد ومسلحون ومدربون بشكل جيد»، لافتاً إلى أن المجموعات الإسلامية «استولت في ليبيا على معدات حديثة متطورة أكثر صلابة وفاعلية مما كنّا نتصور». وتابع المصدر نفسه أن «ما صدمنا بقوة هو حداثة تجهيزاتهم وتدريبهم وقدرتهم على استخدامها». وأضاف أن هذه المجموعات «أظهرت كيف يمكنها إلحاق الضرر بمروحية وإصابة قائدها إصابة قاتلة».
ولليوم الثالث على التوالي، شنّت الطائرات الحربية الفرنسية أمس مزيداً من الغارات على قوافل عسكرية لحركتي التوحيد والجهاد وأنصار الدين في منطقة كونا. وحتى أمس استمر ارتفاع أعلام الجماعات الاسلامية المسلحة على النقطة الحدودية الفاصلة بين الشمال المالي وجنوبه عند مدينة دوينتزا، فيما لم تحرز القوات الفرنسية المدعومة من مالي وساحل العاج وتشاد أي تغيير يذكر، في انتظار الساعات المقبلة التي يتوقع المراقبون أن تكون حاسمة مع توافد القوات الأفريقية.
وفي السياق، تضاربت المعلومات بشأن السيطرة على مدينة كونا. ففيما أعلن الجيش المالي أمس استعادته السيطرة على المدينة، أفادت روايات لشهود عيان من المدينة أن المعركة لم تنته على الأرض رغم الخسائر التي مُني بها المقاتلون في محيط المدينة، حيث كشف الروايات أن المقاتلين اختفوا في البلدة مشكّلين جيوب مقاومة.
من جهتها، اتهمت حركة أنصار الدين الحكومة الفرنسية بمغالطة العالم من خلال حديثها المتكرر عن استعادة قرية كونا في الوسط المالي، معلنةًَ تحديها للفرنسيين ببثّ صورة واحدة من المدينة، أو الاعتماد عل أحد ضباطهم أو موفديهم من الميدان.
وقلل الناطق الرسمي باسم حركة «أنصار الدين»، سند ولد بوعمامه، في اتصال هاتفي بوسائل إعلام موريتانية، من الأنباء الواردة في الإعلام الفرنسي، مؤكداً أن هؤلاء يعتمدون الرواية الفرنسية للأحداث، التي وصفها «بالكاذبة والمغالطة».
من جهة أخرى، أعلن مصدر أمني مقتل مسؤول كبير في جماعة «أنصار الدين» يدعى عبدالكريم، ويعرف باسم «كوجاك»، في المعارك التي جرت في الأيام الماضية في مدينة كونا. وقال المصدر الأمني إن المقاتلين الإسلاميين تعرضوا لنكسة حقيقية مع مقتل عبدالكريم.
وفي السياق، أكد المتحدث باسم جماعة أنصار الدين، ساندا ولد بو امامة، أن تدخل الجيش الفرنسي ضد المقاتلين الإسلاميين في شمال مالي سيعرض المواطنين الفرنسيين للخطر. وقال «ستكون هناك عواقب ليس على الرهائن الفرنسيين فقط بل على جميع المواطنين الفرنسيين أينما وجدوا في العالم الإسلامي». وأضاف «سنستمر في المقاومة والدفاع عن أنفسنا. ونحن على استعداد للقتال حتى الموت».
بدوره، دعا المتحدث باسم تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، عبد الله الشنقيطي، في شريط مصوّر، فرنسا إلى مراجعة تدخلها العسكري في مالي، وهو ما دفع باريس إلى رفع درجة التأهب الأمني تحسباً لردود انتقامية.
وفي إطار دعم العملية العسكرية، وصلت أمس إلى مالي طلائع القوة التي قررت المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا (إيكواس) تشكيلها لدعم الجيش المالي، وسمح مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي بنشرها. وقبيل وصول الدفعات الأولى من الجنود، وصل إلى باماكو ضباط من قيادة أركان دول إيكواس لوضع الترتيبات اللازمة لانتشار القوة التي سيقودها الضابط النيجيري شيحو عبد القادر. وتعهدت السنغال وبوركينا فاسو والنيجر بإرسال خمسمئة جندي من كل واحدة منها، وأعلنت نيجيريا لاحقاً أنها ستساهم بستمئة جندي، وبنين بثلاثمئة جندي.
وكانت تعزيزات فرنسية، لم يُكشف عن حجمها، قد وصلت أمس إلى باماكو في إطار ما وُصف بمهمة لحماية نحو ستة آلاف فرنسي في مالي.
وفي سياق متصل، أعلن وزير الاندماج الأفريقي في ساحل العاج علي كوليبالي، أمس، أنه تم إرجاء القمة الطارئة لرؤساء دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا حول مالي إلى 19 كانون الثاني بعدما كانت مقررة في 16 منه.
في إطار متصل، تفاوتت التصريحات الدولية بين مؤيّد ومستنكر للحملة الفرنسية في مالي. ففيما أبدت بريطانيا والولايات المتحدة الأميركة وقوفهما إلى جانب فرنسا عارضتين مساعدتها عسكرياً بشكل لوجستي واستخباري، أعلنت روسيا رفضها القرارت الأحادية لفرنسا، مشددةً على ضرورة أن تتم العملية العسكرية بإشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن الممثل الخاص للكرملين في أفريقيا، ميخائيل مارغيلوف، قوله «لا أحد يعالج مشاكل القارة السوداء إلا الأفارقة».
من جهتها، أكدت الجزائر، التي استقبلت رئيس الوزراء المالي ديانغو سيسوكو أمس، دعمها «الصريح» للسلطات الانتقالية في مالي.