اختتم منتدى «دافوس» دورته الثالثة والأربعين في منتجع دافوس شرق سويسرا قبل يومين، بعدما انعقد ما بين 23 و27 الماضيين بحضور 35 رئيس دولة وحكومة، ولكن بغياب ملحوظ لقيادات صينية وأميركية. وأطلق أكاديميون وخبراء اقتصاديون، خلال المؤتمر، تحذيرات إلى صناع القرار الاقتصادي، سواء في الحكومات أو القطاع الخاص، تمحورت حول توعية المؤسسات الاقتصادية الخاصة بضرورة تحمّل المسؤولية والمساهمة في حل المشاكل العالمية البيئية منها والاجتماعية ذات الصلة بالفقر وتحسين مستويات المعيشة، وصولاً إلى الحد اللائق للحياة لمواجهة التحديات التي يواجهها العالم عموماً. كذلك أكد المشاركون في المنتدى ضرورة اهتمام الشركات بالأهداف الاجتماعية السامية وعدم التركيز على الربح دون غيره، مشددين على ضرورة الاهتمام بالإنسانية التي قد تنهار في مواجهة تحديات هذا القرن. وفي هذه الملاحظات نقلة نوعية في المنتدى الذي يجمع كبار الشخصيات الاقتصادية والسياسية في العالم، ويعبر عن تجمّع لقادة النظام الرأسمالي العالمي، ويلقى معارضة من منظمات المجتمع المدني التي تحتج على وحشية هذا النظام العالمي، وتعقد كل عام منتدى اجتماعياً موازياً في بورتي أليغري (البرازيل). وأن يلفت المجتمعون الى أهمية البعد الانساني والاجتماعي لعمل القطاع الخاص الذي يقوم على الربح، يعني إقراراً بفشل المنظومة الرأسمالية التي تتحرك وفق منطق مادي بحت ولا يكترث للعواقب البيئية والانسانية. لكنّ المشاركين في مؤتمر هذا العام اتفقوا على ضرورة تقديم الحكومات لبعض الحوافز للشركات للقيام بدورها الاجتماعي، مثل الحوافز الضريبية والتسهيلات في الإمكانات التي يمكن أن تدعم دور الشركات في فتح فرص عمل جديدة وتقديم خدمات ليست ربحية.
وحول الوضع الاقتصادي العالمي الهش، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، من الإفراط في التفاؤل بشأن الحالة الاقتصادية هذا العام، حتى وإن كان الاقتصاد العالمي سيواجه رياحاً معاكسة أقل ممّا كانت عليه في العام الماضي، إذ لن ترتفع معدلات النمو على الأرجح سوى بنسبة متواضعة تصل إلى 3 و5 في المئة. وكان مندوبو الدول قد أجروا مناقشات دامت أسبوعاً بشأن أكثر من 200 موضوع، إلا أنهم لم يصلوا الى استنتاج بسبب طبيعة المنتدى.
وأثار أيضاً موضوع تنمية الصين اهتماماً كبيراً في المنتدى حول التوقعات بشأن الاقتصاد الصيني. وقال اللبناني الأصل كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة لتحالف رينو ـ نيسان في منتدى فرعي، إن أحدث استثماراتهم لا تزال في الصين، ويعتزمون الاستثمار على نطاق واسع وطويل الأجل. وأشار إلى أن سوق السيارات الصينية لديها إمكانات كبيرة للتطوير، وإن «إنتاجنا في الصين لا يزال غير قادر على تلبية الطلب في السوق، والسوق الصينية للسيارات لها إمكانات هائلة للتطوير».
وكان رجال الأعمال الصينيون المشاركون في المنتدى واثقين بالذات الى أبعد مستوى. وقد عبّر عن ذلك تيان نينغ، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «بانشي» المحدودة لتكنولوجيا المعلومات في مقاطعة تشجيانغ، بقوله إن أعمق المشاعر له خلال مشاركته في هذه الدورة للمنتدى هو وجود «صوت الصين» في كل مكان، مضيفاً «إنك تتأخر عن الركب إذا لم تتحدث عن الصين».
(الأخبار)