نواكشوط | شكك الأزواديون، أمس، في صحة الأنباء التي نقلت عن إقدام المسلحين الاسلاميين على إحراق مكتبة المخطوطات الاسلامية في تمبكتو، واتهموا القوات الفرنسية بقصف المركز، ما سبّب إحراقه. ونقلت يومية «الوطن» الموريتانية عن مصدر في حركة تحرير أزواد أن الطائرات الفرنسية هي من قصف مكتبة «أحمد بابه التمبكتي» التي تضم ثمانين ألف مخطوط من التراث العربي والإسلامي، والتي كانت نموذجاً في العطاء العلمي.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن فرنسا قصفت المركز بحجة أن الجماعات الإرهابية كانت تتمركز فيه، مؤكداً أن القصف سبّب احتراق المركز، وأن مبانيه تأثرت كثيراً.
بدوره، نفى مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة العربية الأزوادية، محمد المولود رمضان، أن يكون المقاتلون الإسلاميون هم من أضرم الحريق الضخم في المركز «لوجود مصاحف وتآليف في الشريعة والفقه الإسلامي، ولو كانوا يريدون حرقه لفعلوا ذلك عندما حكموا المدينة منذ أشهر».
وأوضح المولود رمضان، في اتصال مع موقع «صحراء ميديا»، أنهم في الحركة العربية الأزوادية يعتقدون أن «الحريق عملية مفبركة من طرف الجيش المالي ومن يواليه من سكان المدينة، وذلك من أجل التغطية على جرائم الجيش المالي ضد السكان المحليين، مضيفاً أن الحريق يستهدف الوجود التاريخي للعرب في تمبكتو. وطالب الأمم المتحدة واليونسكو بضرورة تأليف لجنة تحقيق مستقلة لمعرفة أسباب الحريق ومن يقف وراءه.
من ناحية أخرى، أكد البروفسور في جامعة «كيب تاون»، شامل جيبي، أن الغالبية العظمى من مجموعات الكتب المحفوظة في المركز سليمة بحسب التقارير، ولم يلحق بها دمار أو تلف أو أي ضرر. كذلك أكد مصدر من مالي شارك بطريقة مباشرة في حفظ مخطوطات تمبكتو أن 95 في المئة من الوثائق التي يقدّر عددها الإجمالي بأكثر من 300 ألف وثيقة في المدينة والمنطقة «سليمة وفي حالة جيدة».
ويعتبر المركز الذي افتتح في كانون الثاني 2009 أحد أهم المعالم التاريخية في تمبكتو، ويحتوي المركز على عشرات الآلاف من مخطوطات التراث العربي والاسلامي، يعود بعضها إلى القرن الثالث عشر ميلادي. كذلك اتهم الأزادويون فرنسا بدعم ارتكاب المجازر بحق العرب في تمبكتو، ورأوا أن هذه الانتهاكات باتت تهدّد وجود العرب في شمال مالي.
وأوضح الناطق باسم عرب أزواد، وهو الأمين العام السابق للجبهة العربية الإسلامية لتحرير أزواد، ماء العينين ولد بادي، أن الجيش المالي والميليشيات التابعة له «يرتكب المجازر في مدن وقرى وأرياف أزواد، وكأنه يقوم بحرب تطهيرية تمارس ضد سكان الإقليم من عرب وطوارق وإفلان»، مشيراً إلى أن ذلك يتم «بدعم من فرنسا التي لديها أطماع في المنطقة وأحقاد دفينة».
وأكد ولد بادي في تصريحات صحافية إلى محطات إذاعية موريتانية أمس أن شعب أزواد يتعرض الآن «لمحن متعددة»، موضحاً أنها تتمثل في «تخلّي الإخوة في اتحاد المغرب العربي عنه وعن قضيته». ودعا الدول العربية والإسلامية إلى مدّ يد العون لأزواد لوقف ما يتعرض له من محن.
من جهة أخرى، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية فيليب لاليو، أمس، السلطات المالية إلى بدء «محادثات» مع سكان شمال مالي، بمن فيهم «الجماعات المسلحة غير الإرهابية التي تعترف بوحدة مالي»، وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن. وشدد في بيان أمس على أن إجراء «حوار بين الشمال والجنوب وحده سيسمح بالتمهيد لعودة الدولة المالية إلى شمال البلاد». وأضاف أن فرنسا ترحّب أيضاً بتبنّي البرلمان المالي لـ«خارطة طريق» سياسية لمرحلة ما بعد الحرب، و«يجب التقدم الآن بشكل ملموس» في العملية السياسية. ميدانياً، سيطر الجيش الفرنسي أمس على مطار مدينة كيدال في شمال مالي، وهي آخر معاقل المتمردين في شمال البلاد، وبذلك تكون كيدال آخر مدينة رئيسية في شمال مالي تستعيدها القوات الفرنسية من المسلحين الاسلاميين.
إلى ذلك، حذر نواب بريطانيون من انجرار الحكومة البريطانية إلى الصراع في مالي على غرار الحرب في أفغانستان بعد إعلان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إرسال 340 جندي إلى شمال أفريقيا في مهمات تدريبية.
ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أن كبار الشخصيات العسكرية والنواب من فريقي الموالاة والمعارضة في بريطانيا شددوا، خلال مناقشة عاجلة لقرار الحكومة، على وجود مخاوف من صراع طويل في شمال أفريقيا يشبه الحرب في أفغانستان وفيتنام، فيما شدد وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند على أن بريطانيا لديها «واجب حتمي» للتدخل ضد الإرهابيين، معترفاً بوجود خطر في المهمة. وأوضح هاموند أن المملكة المتحدة لديها مصلحة في استقرار مالي وتأمين أراضيها لكي لا تصبح مساحة متاحة لتنظيم القاعدة لتنظيم هجمات ضد الغرب.