برلين | على الرغم من العنوان العريض الذي يحمله مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي بدأ في مدينة ميونيخ الألمانية أمس ويستمر حتى مساء غد الأحد، هو «شدّ الروابط بين أطراف حلف الأطلسي»، برز حضور القضية السورية والأحداث العسكرية التي أحاطت بها في اليومين الماضيين على جدول أعمال المؤتمر.
وتبدو الاجتماعات الجانبية بين بعض القوى الفاعلة، أكثر أهمية من كلمة الافتتاح التي سيلقيها نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي استقبلته أمس المستشارة أنجيلا ميركل في العاصمة برلين. أما الكلمات المتبادلة بين المستشارة وضيفها، فكانت أشبه بمعزوفة تقليدية متبادلة عن «أهمية القارة الأوروبية في العمل لحلّ مشاكل العالم»، أو قُلْ ضرورة إعادة توزيع المهمات والواجبات في العالم.
وشملت كلمة الترحيب بنائب الرئيس الأميركي، التي ألقتها المستشارة، الإشارة إلى أن جلسات المؤتمر سيكون في صلبها البحث في توقيع اتفاقية أوروبية - أميركية للتجارة الحرة، وهي اتفاقية تتطلع ألمانيا إلى تحقيقها، لما تعود عليه من فائدة على الطرفين، ويشدد على أهميتها وزير الاقتصاد الألماني فيليب روزلر.
وفي الجانب الأمني، يتطلع وزير الدفاع الألماني توماس دي ميتسير، إلى «تعاون أمني وعسكري أوسع وأشمل بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية». ويقول دي ميتسير، في تعليق إذاعي على أهمية المؤتمر: «يمكن أن لا تكون أوروبا الشريك المُفضّل بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية. لكن من دون شك، بإمكانها أن تكون».
إذاً، لا جديد بالنسبة إلى وسائل الإعلام التي تتطلع بشغف إلى مكان آخر: الوضع في سوريا. هكذا تتسارع وسائل الإعلام في ما بينها لالتقاط إشارة دولية تتعلق بالوضع السوري، وخاصة أن الحاضرين ــ ومعهم المعارض السوري معاذ الخطيب ــ يحملون في جعبتهم تصوراً نهائياً لحلّ ما.
«الوضع الدولي جامد. الولايات المتحدة قادرة، لكنها منسحبة لمعالجة مشاكلها الداخلية، وأوروبا راغبة لكنها غير قادرة». بهذا العنوان تشرح «شبيغل أونلاين» الوضع على أعتاب افتتاح مؤتمر الأمن القومي في ميونيخ.
يقولون هنا، ليل مؤتمر الأمن القومي أفضل من نهاره، واللقاءات الجانبية تُعقَد بسرية مع التكرار. الأزمة في سوريا تخطت الحدود، والجميع الآن على طاولة واحدة، ونظرة سريعة إلى الأسماء الحاضرة تبشّر بإمكانية الوصول إلى «شيء ما»، فهل بإمكان المؤتمر أن يحمل بارقة أمل بحلّ سلمي أم «إعلان حرب»؟
وكانت الاجتماعات المواكبة لأعمال المؤتمر قد بدأت بعد ظهر أمس في أحد فنادق ولاية بافاريا الجنوبية ميونيخ، بكلمة لرئيس مؤتمر ميونيخ للأمن ألقاها السفير فولفغانغ إيشنغر، تلاه وزير الدفاع الألماني. وبدأ المحور الأول للمؤتمر بعنوان «أزمة اليورو ومستقبل الاتحاد الأوروبي، فيما كان المحور الثاني عن ثروات النفط والغاز الأميركية والتحول الجيوبوليتيكي للطاقة. وبعد حفل استقبال أقامته مدينة ميونيخ، عُقدت جلسة آخر الليل عن سوريا برئاسة الكاتب في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ديفد اغناتيوس، تحدث فيها الموفد الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، ورئيس التحالف الوطني المعارض في سوريا معاذ الخطيب، ومديرة منظمة «هيومن رايتس ووتش» في لندن كينيث روث. وخصص جزء من الجلسة لأحداث مالي.
ومن أهم المشاركين في مؤتمر ميونيخ: من روسيا وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائب وزير الدفاع اناطولي اناتوف، ومن إيران وزير الخارجية علي أكبر صالحي، ومندوب طهران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية، إضافة إلى وزير الشؤون الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، ومستشار الأمن القومي الأردني فيصل بن الحسين، ورئيس مركز الدراسات الإسلامية والأبحاث في السعودية تركي الفيصل، ووزير الدولة للعلاقات الدولية القطري خالد العطية، ورئيس دائرة العلاقات الدولية في مكتب الأمن القومي الكويتي فواز الصباح، ووزير العلاقات الداخلية البرازيلي أنطونيو دياغويار بتريوتا. ومن إسرائيل حضر وزير الدفاع نائب رئيس الوزراء إيهود باراك، ومستشار الأمن القومي يعقوب أميدرور. كذلك حضرت مسؤولة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، ووزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش، ورئيس شركة الاستثمارات «العبدلي» في الأردن بهاء الدين الحريري، والناشطة اليمنية كرمان توكل، وغيرهم العديد من سياسيين وباحثين ومسؤولي أمن سابقين وحاليين في العديد من دول العالم.