54 دولة حول العالم شاركت في حملات الاعتقالات والتعذيب والاحتجاز في سجون سريّة وتسليم عدد من المشتبه بهم بناءً على أوامر الولايات المتحدة الأميركية عقب هجمات 11 أيلول 2001 في ما سمي «الحرب الكونية على الإرهاب». هذا ما كشفه تقرير أميركي جديد ركّز على البرنامج الأمني الاستخباري الشامل الذي أطلقته «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي ايه) وحددت فيه لوائح سوداء لمطلوبين إسلاميين من مختلف الجنسيات ولاحقتهم ومارست بحقهم أسوأ أعمال التعذيب. التقرير، الذي نشرته أول من أمس منظمة «مبادرة العدالة في المجتمع المفتوح» تحت عنوان «عولمة التعذيب»، يسمّي دولاً أوروبية وعربية وأفريقية بعضها تعاون بشكل سرّي مع الـ«سي آي إيه» في حملتها بسبل مختلفة، منها استضافة سجون تابعة للوكالة والمساعدة في القبض على المشتبه بهم ونقلهم والسماح باستخدام مجالها الجوي والمطارات وتقديم معلومات عن أفراد واستجوابهم. ومن أبرز تلك الدول: كندا، بريطانيا، بلجيكا، ألمانيا، إيطاليا، الدانمارك، سوريا، إيران، السعودية، الأردن، مصر، الجزائر، المغرب، ليبيا، موريتانيا، ماليزيا، أندونيسيا، باكستان وأفغانستان... التقرير ركز على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتبطت بالاعتقالات في السجون السرية وعلى عمليات «التسليم الاستثنائية» للمشتبه بهم من قبل الحكومات الأجنبية للسلطات في واشنطن. وقال القيّمون على التقرير إنهم استندوا في ما أوردوه من معلومات إلى «مصادر عامة موثوق بها» وإلى «منظمات شهيرة لحقوق الإنسان».
وأشار التقرير الى أن «عمليات الاعتقال السرية وعمليات التسليم الاستثنائية التي جرت خارج الولايات المتحدة تحت غطاء من السرية لم تكن لتنفذ من دون مشاركة نشطة من جانب حكومات أجنبية. وهذه الحكومات يجب محاسبتها أيضاً».
و«عمليات التسليم الاستثنائية» تتضمن نقل الشخص المحتجز الى حكومة أجنبية بهدف اعتقاله واستجوابه من دون اللجوء الى المسار القانوني اللازم المعتمد. وسمّى التقرير 136 فرداً من الذين تمّ اعتقالهم بتهم «الإرهاب»، كما فنّد طرق المساعدة التي قدمتها الدول الأربع والخمسون لتسليمهم أو اعتقالهم على أراضيها.
وقد ركّزت الصحافة الغربية أمس على ذكر إيران من بين الدول المتعاونة مع الـ«سي آي إيه» في هذا المجال. وجاء في التقرير أن «إيران ألقت القبض على 15 متهماً ونقلتهم إلى أفغانستان، التي سلّمتهم بدورها إلى الحكومة الأميركية». وأضاف «عملية النقل هذه تمت بعد أشهر قليلة من الغزو الأميركي لأفغانستان، لذا فإن إيران كانت تدرك أن هؤلاء المعتقلين سيسلمون الى السلطات الأميركية».
وذكّر التقرير أنه رغم تعهّد الرئيس الأميركي باراك أوباما بإغلاق المعتقلات السرية التابعة لـ«سي آي إيه»، فإن الأمر لم ينفّذ بعد ولم يتوقف عند «التسليم الاستثنائي». ومن أهم التوصيات التي رفعها التقرير هي المتعلقة بوجوب استنكار الولايات المتحدة عمليات التسليم الاستثنائي ورفض الحكومات الأخرى المشاركة فيها.
ولم تعلّق وكالة الاستخبارات الأميركية بعد على ما جاء في التقرير، لكن بعض المتابعين وضعوا توقيت صدوره في إطار الضغط للحؤول دون تنصيب جون برينان مديراً جديداً لـ«سي آي إيه». ويعقد الكونغرس اليوم جلسة الاستماع الخاصة بالموافقة على تعيين برينان، مديراً لوكالة الاستخبارات، ومن المتوقع أن يواجه مرشّح الرئيس أوباما أسئلة شائكة حول ملفات تتعلق بموافقته على بعض أساليب التعذيب أثناء التحقيقات، وحول قوانين استخدام الطائرات من دون طيار واستهداف المواطنين الأميركيين بواسطتها.
(الأخبار)