لم يتضمن البيان الختامي لقمة منظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت على مدى اليومين الماضيين أي إدانة للنظام السوري. كما تجنب تحميل النظام مسؤولية استمرار العنف في سوريا، مكتفياً بالتأكيد على ضرورة إجراء «حوار جاد بين التحالف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة وبين ممثلي الحكومة، يفسح المجال لعملية انتقالية تمكن ابناء الشعب السوري من تحقيق طموحاتهم المشروعة في التغير الديموقراطي». وشددت القمة على «المسؤولية الاساسية للحكومة عن استمرار اعمال العنف وتدمير الممتلكات» في سوريا، مشيرة الى «اهمية الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة اراضيها». كما دعت القمة الى «الوقف الفوري لاعمال العنف والقتل والتدمير والى تجنيب سوريا مخاطر الحرب الاهلية الشاملة وعواقبها على الشعب السوري والمنطقة والسلم والامن الدوليين».كما أيد البيان الختامي للقمة مبادرة الرئيس المصري محمد مرسي التي تدعو إلى تشكيل مجموعة اتصال رباعية حول أزمة سوريا، تضم كلا من تركيا وإيران والسعودية إلى جانب مصر. وترتكز المبادرة على وحدة الأراضي السورية، والحوار الشامل بين مختلف أطراف الأزمة السورية، والاستجابة لأي جهد من أي دولة عضو بمنظمة المؤتمر الإسلامي تشارك في هذا الحوار.
وأوضح وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، أن البيان الختامي لقمة منظمة التعاون الإسلامي راعى التحفظ الإيراني على إدانة النظام حفاظاً على التوافق.
وفي مؤتمر صحافي عقده مع اكمال إحسان الدين أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، عقب الجلسة الختامية للمؤتمر، أوضح أن ما خرجت به القمة من ضرورة الحوار بين المعارضة والحكومة في سوريا هو تعبير عن الموقف الجماعي لرؤساء وفود الدول الإسلامية المشاركة بالمؤتمر.
من جهته، أكد أوغلو أن «ايران تحفظت على فقرة أو اثنتين» من الفقرات المتعلقة بسوريا في البيان، وفيما أكد لبنان انه «ينأى بنفسه» عما ورد حول سوريا في البيان ـأشار دبلوماسيون شاركوا في الاجتماع إلى أن العراق تحفظ كذلك على الفقرات المتعلقة بسوريا. وفي السياق، نقلت وكالة الأناضول عن وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي تأييده للدعوات بضرورة البحث عن حل سياسي للأزمة السورية. وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان النظام السوري سيقبل بالحل السياسي، ولا سيما أن المعارضة تشترط حلاً بدون وجود الأسد في الحكم، قال سعدون «لا بد أن تترك لعدوك مخرجاً».
وكان الرئيس المصري محمد مرسي، أكد في الكلمة الختامية للمؤتمر أنه «اتفقنا جميعا على ضرورة تكثيف العمل لوضع حد للمأساة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق». كما أكد مرسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي عبد الله غول بعد محادثات بينهما حول العلاقات بين البلدين، أن الاجتماع الثلاثي، الذي عقد حول سوريا أول من أمس على هامش القمة الاسلامية وضمه مع الرئيسين التركي والايراني محمود احمدي نجاد، تناول «الاطار العام» لتسوية الازمة السورية وخصوصاً امكانية التوصل الى وقف اطلاق النار.
وأوضح أن «وزراء الخارجية يقومون بتحويل هذا الاطار العام (الذي تم الاتفاق عليه في القمة الثلاثية) الى مبادئ واجراءات ونتوقع ان يعلن عنها خلال ايام في اطار عربي واسلامي ودولي».
من جهته، دعا الرئيس التركي خلال كلمة ألقاها في جلسة عمل بعنوان «العالم الاسلامي: التحديات الجديدة والفرص المتزايدة» عقدت على هامش القمة النظام السوري إلى التنحي حقناً لدماء السوريين، والبدء بعملية سياسية تؤدي إلى تحقيق الديموقراطية بما يكفل المطالب المشروعة للشعب السوري.
أما الرئيس الإيراني، الذي كان نجم القمة فأكد أن وجهات النظر بين بلاده ومصر وتركيا تتجه نحو التقارب بشأن حل الأزمة الراهنة في سوريا.
ولم يحدد نجاد ملامح هذا التقارب بين بلاده ومصر وتركيا بشأن الأزمة السورية، لكنه قال «إيران لا ترى أن حقوق الشعب السوري يمكن أن تأتي من خلال الحرب، وأن التفاهم الوطني بين النظام السوري والمعارضة هو الحل لإنهاء الأزمة في سوريا».
وكرر دعوته للمعارضة الى التفاوض مع النظام السوري من اجل اجراء «انتخابات حرة وشفافة»، مشدداً على ان «الشعب السوري هو الذي يتعين عليه تقرير مستقبل بلاده».
كما شدد الرئيس الإيراني على أنه «لا يحق لأحد التدخل في الشؤون الداخلية والمحلية للدول»، في إشارة إلى اتهامات النظام السوري لبعض الدول العربية بالتدخل في شؤونه.
وبخلاف الأزمة السورية، أعلن قادة الدول الإسلامية مساندتهم لسيادة مالي ووحدة أراضيها وأدانوا الإرهاب في الدولة الواقعة في غرب افريقيا، لكنهم أغفلوا التدخل العسكري الفرنسي لطرد المقاتلين الإسلاميين، ما يعكس الحرج الذي تشعر به القمة لعودة قوة استعمارية سابقة إلى دولة إسلامية.
كما أيد البيان نشر قوة عسكرية دولية في مالي بقيادة افريقية وإجراء انتخابات تشريعية.
وفي ما يتعلق بفلسطين، دعا البيان الختامي جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى ضرورة التعامل مع القضية الفلسطينية والقدس باعتبارها قضية رئيسية يجب على الدول الأعضاء أن تعتمد بشأنها موقفاً موحداً في المحافل الدولية، فيما ندد البيان بشدة بالهجوم الإرهابي على مجمع الغاز في عين اميناس بالجزائر.
في غضون ذلك، وافقت القمة الاسلامية على تعيين السعودي اياد مدني أميناً عاماً جديدا لمنظمة التعاون الاسلامي خلفاً للتركي اكمل الدين احسان اوغلو. وسيتولى مدني مهامه اعتباراً من كانون الثاني 2014، فيما أعلن الرئيس التركي استضافة بلاده القمة الاسلامية المقبلة في شباط 2016.
إلى ذلك، استأنفت ايران والسنغال علاقاتهما الدبلوماسية التي قطعتها دكار في شباط 2011 بعد اتهامها طهران بتزويد متمردي كازامانس بالاسلحة، بعد لقاء جمع الرئيس الإيراني ونظيره السنغالي ماكي سال على هامش القمة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)



اتفاق تجاري مصري تركي ومحاولة ثانية للاعتداء على نجاد

اتفق الرئيس التركي عبد الله غول ونظيره المصري محمد مرسي على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين من 5 مليارات دولار حالياً ليصل إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة. وأوضح غول أن «قيمة الاستثمارات التركية في مصر بلغت ملياري دولار مع وجود 60 ألف عامل تركي، وإنني أؤمن أن هذه النسبة ستزداد خلال فترة قصيرة». ورأى أن «المستثمرين الأتراك يولون أهمية كبيرة للاستثمار في مصر وحصلنا على وعد بتقديم الحوافز والتسهيلات على إقامة استثمارات تركية في مصر». وأكد الرئيس التركي أن نسبة التبادل التجاري بين بلاده ومصر «ستزيد بعد فترة قصيرة».
أما الرئيس الإيراني أحمدي نجاد فقد تعرض أمس لمحاولة اعتداء ثانية خلال حضوره حفلاً أقامته البعثة الدبلوماسية الإيرانية بالقاهرة بمناسبة الذكرى السنوية للثورة الإسلامية في إيران، عندما توجه إليه أحد الحاضرين من المصريين محاولا الاعتداء عليه جسديا.
وفي لقاء خاص أجرته قناة النيل، إحدى القنوات التابعة للتلفزيون المصري الرسمي، أكد الرئيس الإيراني على عمق علاقات المودة والمحبة بين الشعبين الإيراني والمصري. وقال «كما أن الشعب الإيراني مؤمن، فإن الشعب المصري أيضا شعب محبوب ومؤمن. وعلى الرغم من وجود بعض الاختلاف في أفكارهما وأعمالهما إلا أن بينهما تشابها كبيرا، فكلا الشعبين يمتلكان إرثا حضاريا كبيرا، كما أنهما يسعيان وراء السلام والعدالة وانتشار الأمان في كل أرجاء العالم».
وأكد أحمدي نجاد في الحوار أيضاً على تصريحاته التي خرج بها قبل زيارته لمصر لحضور القمة على أن تعزيز العلاقات المصرية ــ الإيرانية من شأنه أن يعمل على تغيير معادلات كل دول العالم. وقال «لا شك أن بلدين كبيرين في حجم مصر وإيران يمتلكان من العمق الثقافي والحضاري ما يساعدهما على تشكيل كيان أكبر تأثيرا في المنطقة». وتابع «على سبيل المثال، يمكن لمصر وإيران أن تخرجا معا إسرائيل من الأراضي المحتلة إذا ما عملتا مع بعضهما البعض بشكل متناسق».
وأضاف أحمدي نجاد أنه «لا يوجد لدى إيران ما يعوقها عن حدوث مصالحة بينها وبين مصر، فإيران تسعى للتعاون مع مصر في ظروف من التعاون والاحترام المتبادل»، مؤكدا على «أن تقدم مصر وعزتها وقوتها هو في الحقيقة عزة وقدرة لإيران». وقال «لقد قلت ذلك في السابق وأعلن الآن أننا مستعدون وبشكل كامل للتعاون في كل المجالات، فالظروف السياسية قد تغيرت. وهذا التعاون بين هذين البلدين المستقلين سيجعل من مقدورنا أن نستغني عن حاجتنا إلى الكثير ممن يريدون فرض سياساتهم علينا، مما سيعمل على تغيير المعادلات في المنطقة».
وعلى هامش القمة أيضاً، التقى الرئيس الإيراني بنظيره السوداني عمر حسن البشير وسط توقعات السودان بزيادة الاستثمارات من إيران مع سعي البلدين لتنمية روابط الصداقة بينهما.