رغم الملفات الحساسة المعلّقة والوضع المالي الذي لا يزال سيّئاً، حاول الرئيس الأميركي باراك أوباما، في خطاب «حال الاتحاد 2013» (الذي ألقاه أمام الكونغرس فجر أمس)، بثّ التفاؤل في النفوس. ورغم اعتراض الجمهوريين على بعض النقاط الواردة في الخطاب، كان الإعلام راضياً عن مجمل ما ذكر فيه، مع تسجيل ملاحظات على الاقتضاب في السياسة الخارجية والوقوع في العموميات، وخصوصاً في ما يتعلق بسوريا وإيران. أوباما استهلّ خطابه بالأخبار الجيدة، معلناً عودة «جنودنا الأبطال» بعد سنوات من الحروب، ومذكّراً بأن حكومته خلقت 6 ملايين وظيفة، وبأن هناك ارتفاعاً في شراء السيارات الأميركية وانخفاضاً في الاعتماد على النفط الخارجي. الجزء الأكبر من الخطاب، الذي دام ساعة، خصص للاقتصاد ومحاولات التصدي للأزمة المالية وسبل خلق فرص العمل، إضافة الى ملفات للهجرة وحق حمل السلاح والبيئة والمناخ.
في الشق الاقتصادي الداخلي، طالب أوباما أعضاء الكونغرس المنقسم على نفسه برفع الحد الأدنى للأجور والسماح للحكومة بأن تعمل «لصالح الأكثرية لا الأقلية»، مركّزاً على اتفاق جديد يضمن العدالة الاقتصادية للطبقة الوسطى. وأيّد زيادة الضرائب على الأثرياء ودعم خطة إنفاق قيمتها 50 مليار دولار لخلق وظائف من خلال إعادة بناء شبكة الطرقات في مختلف أنحاء البلاد. وأعلن أن الاقتطاعات الحادة التي تهدد الموازنة تعتبر «فكرة سيئة فعلاً» وستؤدي الى «تباطؤ النهوض وستكلفنا مئات آلاف الوظائف». الصحف الأميركية رحّبت بالاهتمام الذي أولاه أوباما لمشاكل العجز والإنفاق، لكنها انتقدت عدم طرحه حلولاً جديدة واكتفائه بتكرار العرض الذي قدمه في ولايته الأولى والذي يرفضه الجمهوريون سلفاً. ورغم ترحيب المحللين بتركيز أوباما هذه المرة على قضايا مثل تحسين نوعية التعليم للأطفال وإطلاق ورش أعمال شاملة في مختلف المجالات، تساءلوا عن كيفية تطبيق كل ذلك عملياً، مشكّكين في ما أعلنه أوباما من أن «كل ما طرحه لا يزيد فلساً على العجز العام».
الصحافيون اشتكوا من «عدم وضوح كلام أوباما في الجزء العملي التطبيقي لأفكاره». «على القادة أن يفعلوا أكثر من مجرد تحديد الأهداف بطريقة صحيحة، إذ يجب أن يجدوا الوسائل اللازمة لتنفيذ تلك الأهداف»، علّقت افتتاحية «لوس أنجلس تايمز» أمس.
السياسة الخارجية كانت ثانوية في خطاب أوباما واقتصرت على بعض العناوين الكبيرة، مع غياب مدوّ لأي ذكر لفلسطين و«مفاوضات السلام». ولعلّ العنوان الأبرز في أجندة أوباما الخارجية هو أفغانستان، إذ أعلن سحب 34 ألف جندي بحلول أوائل عام 2014. أما ما قاله في الشأن السوري والإيراني والمصري فلم يعجب بعض المعلقين الذي رأوا في كلامه «ضبابية» و«تهرباً من وضع النقاط على الحروف في قضايا حساسة عالقة منذ عهده الأول». وتوجه أوباما الى النظام الإيراني قائلاً «على إيران أن تدرك أن الوقت الآن هو لحل دبلوماسي... وأننا سنقوم بما يلزم لمنعها من امتلاك السلاح النووي». وعن سوريا كرر الرئيس قوله «سنبقي الضغط على النظام السوري الذي قتل شعبه وسندعم قادة المعارضة الذين يحترمون حقوق كل المواطنين السوريين». ورغم تشديد أوباما على أن الولايات المتحدة «ستقف في الشرق الاوسط مع المواطنين الذين يطالبون بحقوقهم العالمية وستدعم انتقالاً مستقراً نحو الديموقراطية»، أشار هذه المرة الى «أننا ندرك جيداً أن العملية ستشوبها الفوضى، ولا يمكننا أن نملي مسار التغيير على بلدان كمصر مثلاً». وطبعاً، توجه أوباما الى إسرائيل وأكد «الوقوف بثبات معها سعياً الى تأمين الامن والسلام الدائم». وأضاف «هذه هي الرسائل التي سأنقلها عندما أزور اسرائيل والشرق الأوسط الشهر المقبل».
وتحدث أوباما عن الطائرات من دون طيار لكن من دون أن يسمّيها، وقال «بهدف التصدي لتهديد انتشار القاعدة والمجموعات المتطرفة نحن لا نحتاج الى إرسال عشرات الآلاف من أبنائنا وبناتنا الى الخارج أو لاحتلال دول أخرى. بدلاً من ذلك سنحتاج الى مساعدة دول مثل اليمن وليبيا والصومال للحفاظ على أمنها ومساعدة الحلفاء الذين يحاربون الإرهابيين مثلما نفعل في مالي». وأعلن أن الولايات المتحدة ستعزز نظامها للدفاع الصاروخي وستساعد العالم على التصدي للتهديد الذي تمثّله كوريا الشمالية، كما أعلن أيضاً عزمه على التفاوض مع ورسيا من أجل خفض إضافي للترسانة النووية للبلدين.
(الأخبار)