نواكشوط | لم تكن تتوقع فرنسا أن تواجه الصعوبات التي تعيشها اليوم في القارة الأفريقية. فبعد اضطرارها إلى التدخل العسكري المباشر في شمال مالي لإنهاء خطر المسلحين الإسلاميين واستعادة أبنائها السبعة المختطفين، ها هي اليوم تواجه خطر استهداف مواطنيها في القارة السمراء بعد اختطاف سبعة فرنسيين في الكاميرون. وحاولت باريس عبر إعلامها أن تخفي نبأ اختطاف الفرنسيين في الكاميرون، كما حاولت أن تخفي تناقضات مسؤولي السفارة الفرنسية في الياوندي حيال تأكيد الحادث، قبل أن يتسرب الخبر عبر وسائل إعلام دولية.
وإزاء هذه التطورات، أوضحت وزارة الخارجية الفرنسية في «تعليماتها إلى المسافرين» على موقعها على الإنترنت أنه نظراً إلى عملية الخطف هذه «على الرعايا الفرنسيين الموجودين حالياً في أقصى شمال الكاميرون التوجه فوراً إلى مكان آمن ومغادرة المنطقة في أسرع وقت ممكن». كما أكدت الوزارة أنه «نظراً الى تدخل القوات الفرنسية والتشادية في مالي، يتعين على الفرنسيين الموجودين أو المتوجهين إلى تشاد توخّي أكبر قدر من الحيطة والحذر».
وبشكل أعم، دعت الوزارة رسمياً الفرنسيين الى تفادي التوجه الى «المناطق الحدودية للنيجر وجنوب ليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، إضافة الى منطقة بحيرة تشاد».
وفي الإطار ذاته، أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، أمس، أن الوزارة ترى أن جماعة بوكو حرام الإسلامية في نيجيريا هي التي خطفت السياح، لكنها لم تعلن عن ذلك بعد، مستبعداً أي صلة لحادث الخطف هذا بالتدخل العسكري الفرنسي في مالي.
من جهة أخرى، كشف لو دريان أن وحدات من القوات الفرنسية ستبدأ الانسحاب من مالي في غضون أسابيع، على الرغم من الاشتباكات والتحديات الجديدة في استئصال المسلحين المسلحين. واعترف لو دريان، في حديث الى تلفزيون «فرنسا 2»، بأنه لا يوجد أي سبب لبقاء القوات الفرنسية، وهي مسألة أسابيع، موضحاً أن القوة الأفريقية العسكرية التي ستتولى المسؤولية من الفرنسيين ليست جاهزة بعد. كذلك أعلن لو دريان «مقتل 25 إرهابياً أثناء المواجهات التي وقعت شمال مالي»، حيث لقي جندي فرنسي مصرعه، في حين تحدثت رئاسة هيئة الأركان أمس عن «أكثر من عشرين».
في إطار آخر، بدأ محققون من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) باستجواب سجناء سلفيين موقوفين في سجون تديرها قوات مالية وأفريقية وفرنسية تشارك في العملية العسكرية. وقال مصدر أمني مطّلع لمراسل «وكالة الأناضول» إن وكالة المخابرات المركزية الأميركية أرسلت مجموعة من المحققين الذين يعملون على ملاحقة فروع تنظيم القاعدة الدولي للتحقيق مع مجموعة من السجناء السلفيين الموجودين رهن الاحتجاز في سجون تديرها القوات المالية والأفريقية والفرنسية في مالي.
ونقل المصدر ذاته أن القوات المتحالفة تحتجز أكثر من 200 سجين، أغلبهم مقاتلون عاديون في منظمات القاعدة وأنصار الدين والتوحيد والجهاد. وأضاف «لكن بعض هؤلاء السجناء يشغل مناصب قيادية في المنظمات الإرهابية بالمنطقة».