عند تمام الساعة الثامنة بتوقيت الفاتيكان من مساء اليوم، يغادر البابا بنديكتوس السادس عشر الفاتيكان من دون احتفالات، ويتوجه حاملاً لقب «قداسة بنديكتوس السادس عشر البابا المتقاعد» أو «البابا الفخري» إلى مقر إقامته الصيفي في كاستل غوندولفو، على أن يستقر في وقت لاحق في دير بعيداً عن أعين العالم على تلة الفاتيكان. وسيسلم البابا خاتمه الذهبي، كما سيجري تفكيك ختمه البابوي، وهو الإجراء نفسه المتبع حين وفاة البابا. وفي آخر إطلالة له كبابا الفاتيكان، ودّع البابا بنديكتوس السادس عشر أمس الجموع التي احتشدت في ساحة سان بطرس بارغ لرؤيته في لقاء مؤثر. وأعرب البابا، أمام نحو 150 ألف شخص صفّقوا ولوّحوا بأعلام كل البلدان، ورفعوا رايات كتبت عليها كلمة «شكراً» بكل اللغات، عن ثقته بالكنيسة وبالمؤمنين البسطاء الذين التقاهم في القارات الخمس.
ورداً على الجموع التي كانت تهتف باسمه بالايطالية «بينيديتو، بينيديتو!»، قال البابا مرات عدة «إنني متأثر جداً، وأرى أن الكنيسة حية».
وفي تلميح إلى الفضائح (تحرش بالاطفال وفاتيليكس خصوصاً)، اعترف البابا بأن حبريته «شهدت أيضاً لحظات لم تكن سهلة، اضطربت خلالها المياه وواجهت رياحاً غير مؤاتية، كما حصل على امتداد كل تاريخ الكنيسة، وبدا أن الرب نائم». وأضاف «لكني دائماً ما عرفت أن سفينة الكنيسة ليست سفينتي، ليست سفينتنا، لكنها سفينته التي لا يدعها تغرق».
وفي توصيته الاخيرة، شدد بنديكتوس السادس عشر على القول إن «الله يرشد كنيسته ويدعمها دائماً، وأيضاً في الأوقات الصعبة. يجب ألا نفقد أبداً هذه الرؤية الايمانية». وطلب من 1,2 مليار كاثوليكي أن يرفعوا الصلوات من أجل الكرادلة الذين سيختارون خلفاً له خلال مجمع انتخابي يعقدونه الشهر المقبل. وتطرق البابا بإسهاب إلى قراره بالاستقالة، وأوضح «أن تحب الكنيسة يعني أيضاً أن تتوافر لديك الشجاعة للقيام بالخيارات الصعبة»، مؤكداً أنه «مدرك لخطورة وجدة» قراره.
وأضاف البابا «لن أعود إلى الحياة الخاصة، إلى حياة السفر واللقاءات والاستقبالات والمؤتمرات. لن أتخلى عن الصليب، لكني أبقى بطريقة جديدة قرب المسيح المصلوب. لن أتحمل بعد اليوم أعباء إدارة الكنيسة، لكني أبقى في خدمة الصلاة. القديس بنديكتوس (مؤسس الرهبانية البندكتية التأملية) الذي أحمل اسمه بصفتي بابا، سيكون مثالي الاعلى».
وقبل اللقاء، قام البابا بجولة في ساحة القديس بطرس بسيارته بابا موبيلي المكشوفة. وقد بدا منحني الظهر وضعيفاً، لكنه كان مبتسماً ومتأثراً. وبعد اللقاء، بعث البابا بالتغريدة الاخيرة على موقع «تويتر» خلال حبريته، التي طلب فيها من المؤمنين أن يكتشفوا «الفرح في أن يكونوا مسيحيين».
وكتب البابا في تغريدته «أرغب في أن يتذوق كل واحد منكم الفرح الناجم عن أن يكون مسيحياً، وعن أن يحبه الله الذي أعطانا ابنه».
إلى ذلك، يبدأ الكرادلة المشاورات لاختيار البابا الجديد قبيل اجتماع سري لاختيار خليفة بنديكتوس السادس عشر في 15 آذار المقبل.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)