أخبار «غير سارة» ستُزَف اليوم إلى الاميركيين وستدمغ عهد باراك أوباما الثاني بدمغة سوداء. فإذا لم تحصل معجزة ما ويتوصل الجمهوريون وأوباما الى اتفاق عاجل (وهو أمر مستبعد)، فسيدخل نظام الاقتطاعات المالية حيّز التنفيذ، أي إن 85 مليار دولار ستقطع من المصاريف الفدرالية. وهذا يعني خسارة وظائف وتقليص رواتب وتراجع في كافة الخدمات التي تقدمها الدولة، وصرف أساتذة من المدارس وتراجع في خدمات المطار، والتجهيزات العسكرية... ما سيؤثر مباشرة على حياة المواطنين وعلى أحد أبرز مصادر الإنفاق الاميركي وهو القطاع العسكري ــ الدفاعي.
موضوع الاقتطاعات كان ملف جدل أساسياً بين الجمهوريين في الكونغرس والبيت الابيض، إذ رفض النواب الجمهوريون اقتراح أوباما زيادة الضرائب على مداخيل الأثرياء، بالتوازي مع تخفيض النفقات، ما أوصل الأمور الى حائط مسدود بين الطرفين. واستبعد معظم المتابعين أن يتوصل الطرفان الى اتفاق في الساعات الأخيرة، عندما سيلتقي أوباما زعماء الكونغرس اليوم. ويخشى البيت الابيض أن يلوم المواطنون الاميركيون الرئيس أوباما بدل النواب الجمهوريين على كل ما سيعانونه في الأشهر المقبلة.
وفي إطار حملته لـ«تنبيه الرأي العام الاميركي حول مخاطر الاقتطاعات»، حذّر الرئيس الاميركي من أن الاقتطاعات التلقائية ستشكل «صدمة كبيرة» للاقتصاد الاميركي، ووصفها بأنها «غير ضرورية، وتأتي بسبب الخلافات الدائمة بين البرلمانيين». وأشار الرئيس، أمام وفد من رجال الأعمال في واشنطن، الى أن تأثير اقتطاع مبلغ 85 مليار دولار من المصاريف الفدرالية قبل نهاية السنة المالية في أيلول سيكون بمثابة «كرة ثلج»، وتأثيراته الملموسة ستظهر تباعاً، وخصوصاً أن القطاعين الخاص والعام يؤكدان أننا سنفقد 0,6 نقطة من النمو الاقتصادي. وتابع أوباما «هذا يعني أن عدد المستهلكين الذين سيحصلون على الاموال سينخفض، وبالتالي فإن الاقتصاد العالمي سيكون أضعف». وأوضح الرئيس أن «الأسوأ هو أن هذا الإجراء ليس ضرورياً»، مكرراً مطالبته بـ«مقاربة متوازنة» لتقليص العجز في الميزانية، أي أن تترافق الاقتطاعات مع رفع الضرائب على الميسورين. وأردف «هذا ما اقترحته على أصدقائي الجمهوريين منذ أشهر. لكن المسألة ليست تقنية بل سياسية».
من جهتها، قالت مديرة مكتب ميزانية الجيش، كارين دايسن، إن الضغوط المالية على ميزانية وزارة الدفاع يمكن أن توصل الجيش الى مستوى لا يمتلك فيه سوى ملياري دولار للعمليات والصيانة والتدريب. وقالت دايسن إن هذا المبلغ يمثل جزءاً يسيراً مما ينفقه الجيش عادة على تدريب الجنود وصيانة القواعد وإصلاح المعدات وتنفيذ عمليات في الخارج خلال سبعة أشهر»، وإنه خلق وضعاً «صعباً وغير مسبوق». ويحذر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية منذ أشهر من أن اقتطاع 46 مليار دولار من ميزانية الدفاع سيكون «مدمّراً» بالنسبة إلى الجيش. وتابعت دايسن إن «الأزمة المالية التي تواجه الجيش حالياً هي نتيجة تكلفة حرب أفغانستان التي كانت أعلى من المتوقع والخفض الكبير في إجمالي نفقات الدفاع». وأضافت دايسن أن إنفاق الجيش على حرب أفغانستان «تجاوز الميزانية التي كانت متوقعة بنحو ستة مليارات دولار».
من ناحية أخرى، قال مساعد وزير الدفاع لشؤون آسيا والمحيط الهادي، مارك ليبرت، إن سياسة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما القائمة على تحويل تركيزها الأمني إلى منطقة آسيا والمحيط الهادي ستظل كما هي رغم الخفض الكبير في ميزانية الدفاع. وأضاف إن «ما نفعله هو محاولة العمل على التكيف مع الأوضاع الراهنة واستمرار إعادة التوازن على المدى الطويل».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)