الحرب الإلكترونية أو حرب السايبر، معارك تدور في عالم افتراضي تحمل من الخطورة ما لا يقل عن خطورة أي حرب تقليدية أخرى، بسبب ما يمكن أن تحققه من قرصنة وسرقة لمعلومات بالغة الحساسية واختراق حسابات شخصية لقيادات قد تكون في قلب دائرة القرار. لهذا كانت صرخة الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس واضحة في التحذير من بعض الهجمات المعلوماتية المنطلقة من الصين، والتي استهدفت شركات أو بنى تحتية أميركية «مدعومة من الدولة»، حسبما نقلت وكالة فرانس برس عن مقابلة تلفزيونية أجريت معه.
أما الرد على هذه الهجمات فظهر في وزارة الدفاع الأميركية، حيث يجري العمل على تشكيل فريق لمواجهة الهجمات الإلكترونية مع تصاعد وتيرة هذا التهديد. المفارقة أن واشنطن تظهر دائماً في مظهر الدفاع عن النفس، ناسيةً أو متناسية ما قامت به أجهزتها الاستخبارية الالكترونية، بالاشتراك مع أجهزة إسرائيلية مماثلة، من عمليات اختراق لمنظومات إلكترونية حساسة في دول «عدوة»، في مقدمتها إيران والصين.
في ما يتعلق بالحرب على الولايات المتحدة، فقد نجح القراصنة في اختراق حسابات شخصية وتقارير ائتمانية لشخصيات سياسية ومشاهير، بينهم نائب الرئيس جو بايدن والسيدة الأولى ميشيل أوباما. هذا ما كشفه تقرير لـ«واشنطن بوست»، تحدّث عن تحقيقات يقوم بها مكتب التحقيقات الفدرالي «FBI» حول عمليات اختراق للشبكة العنكبوتية، استهدفت تقارير ائتمانية، ومعلومات مصرفية، وعناوين، نقلاً عن مصادر قضائية. التقرير نقل عن أحد المواقع تأكيده أنه حصل على سجلات نائب الرئيس وزوجته، إضافة إلى سجلات النائب العام ايريك هولدر، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، ومدير «أف بي آي» روبرت مولر. وتكهنت الصحيفة أن يكون مصدر الاختراق جمهورية روسيا.
وكان المتحدث باسم وكالة «اكويفاكس» للتقارير الائتمانية، تيم كلاين، واضحاً في تأكيد معلومات التقرير بقوله إن الشركة تحقق في قضية «احتيال ووصول غير مصرّح به» الى تقارير ائتمانية خاصة بأربعة زبائن. موقع «القراصنة» كشف عن أن تقارير المشاهير الأميركيين تضم الممثلة عارضة الأزياء كيم كارداشيان، والممثل أشتون كوتشر، وحاكم ولاية كاليفورنيا السابق الممثل الشهير أرنولد شوارتزنيغر، والفنانة المتعددة المواهب بيونسي، والمغني جي _ زي. وظهر أيضاً أن صفحة وزير الخارجية الأسبق كولن باول، على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، وبريده الالكتروني تعرّضا للقرصنة هذا الأسبوع.
وفي تقرير آخر نشرته أيضاً «واشنطن بوست»، أول من أمس، تبين أن عملاً تقوم به قيادة قسم الحرب الالكترونية في البنتاغون لتشكيل 13 فرقة هجومية قبل خريف عام 2015 للمساعدة على مواجهة خطر الهجمات الالكترونية من خارج البلاد. هذا ما أوضحه الجنرال كايث الكسندر، في شهادته أمام الكونغرس، قائلاً في الوقت نفسه إن المعرفة نادرة بخصوص القدرات العسكرية للأسلحة الالكترونية. وبدا الكسندر متخوفاً من تخفيضات الميزانية، إذ «ستقوض الجهود لتعزيز هذه القوى في وجه التهديدات الخارجية لأنظمة الكمبيوتر الحساسة للأمة».
وحث الكسندر الكونغرس على «إمرار التشريعات لتمكين القطاع الخاص من مشاركة المعلومات الالكترونية المُهدّدة مع الحكومة من دون خوف قضائياً»، مشيراً الى أن التهديدات التي استهدفت «وول ستريت» منذ شهور ولا تزال تتنامى قد بلغت نحو 160 هجوماً تخريبياً ضد المصارف الأميركية.
المسؤول العسكري الأميركي لم ينس تعميم الخوف من هذه الحرب على حلفائه في صحراء العرب، فتناول الهجوم على شركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) صيف العام الماضي.
طبعاً مجتمع الاستخبارات الأميركية كان قد أشار الى أن الاعتداء على المصارف وشركة أرامكو كان عملاً إيرانياً كرد على العقوبات الأميركية المفروضة على الجمهورية الإسلامية بسبب النزاع حول برنامجها النووي.