رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تقديم الاعتذار لنظيره التركي رجب طيب أردوغان «حدثاً مهماً لأمن إسرائيل»، مؤكداً أن هذه الخطوة جاءت بهدف تعزيز «التنسيق مع تركيا بشأن معالجة الأوضاع المتدهورة في سوريا». وقال، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، «الأزمة في سوريا تزداد سوءاً كل دقيقة، وكان ذلك من الاعتبارات الرئيسية أمام عيني لحظة الإقدام على هذه الخطوة». وأضاف أن سوريا تنهار والترسانة العسكرية والأسلحة المتطورة تكاد تقع في أيدي الجهات المختلفة، مشيراً إلى أن الخطر الأكبر يكمن في مخزون الأسلحة الكيميائية التي تحاول «المنظمات الإرهابية الاستيلاء عليها».
وتابع نتنياهو «تحدثت مع رئيس وزراء تركيا بعد ثلاث سنوات من القطيعة، وقررت أن الوقت قد حان لإعادة بناء العلاقات، لأن تغيّر الواقع من حولنا يتطلب إعادة تقييم علاقاتنا باستمرار مع دول المنطقة». وأوضح أن إسرائيل بذلت عدة محاولات في السنوات الثلاث الماضية لإنهاء الخلاف مع تركيا. وأكد أن الوضع في سوريا كان يتطلب من إسرائيل إعادة تقييم العلاقات مع تركيا. وأشار إلى محاولات عناصر من الجهاد العالمي «القاعدة» الوصول إلى الحدود مع الجولان، ما يشكّل تحديّاً للنظام الأمني في إسرائيل.
كلام نتنياهو جاء رداً على أصوات معترضة في الداخل الإسرائيلي، في مقدمتها وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، الذي وصف الاعتذار بأنه «خطأ خطير» ومس بحافزية الجنود الإسرائيليين. لكن رئيس أركان الجيش بني غانتس رفض الانتقادات لقرار القيادة الإسرائيلية بالاعتذار لتركيا، مؤكداً أن «اتفاق المصالحة مع تركيا مهم جداً» بالنسبة إلى دولة إسرائيل. وأضاف «من الصحيح تذكر ما حصل في الماضي، ودراسته واستخلاص العبر، لكن علينا أيضاً أن ننظر إلى الأمام من أجل مصالح دولة إسرائيل»، رابطاً ذلك «بشكل اساسي، بما يجري على الساحة الشمالية، ومن ضمنها الساحة السورية». ورفض غانتس اعتبار الاعتذار مساً بجنود الجيش، مؤكداً أنه «يدعم بشكل مطلق كل جندي في الجيش، أين ومتى وبكل قوة ما يقوم به، شرط أن ينفذ ذلك بمهنية وقيم».
بدوره، أكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور، أن قرار تقديم الاعتذار لتركيا كان بمبادرة إسرائيلية وليس أميركية، رغم إقراره بالتشاور مع الجانب الأميركي. وأضاف عميدرور أن العلاقات الرسمية بين إسرائيل وتركيا تتحسن لإجراء حوار بينهما، لكنه عاد ولفت إلى أن أحداً لا يستطيع التكهن بمآل الأمور. ولفت إلى أنه «في حال كان هناك هدوء، فإن عملية تحسين حياة سكان قطاع غزة ستستمر، وإذا كان هناك صواريخ كاتيوشا فسيجري إبطاء هذه الخطوات وربما حتى إيقافها، وإذا لزم الأمر عكسها». وأكد أيضا أن إسرائيل لم توافق على التعهد لتركيا بأنه «تحت أي ظرف من الظروف سنستمر في نقل كل الأشياء إلى غزة وتحسين أوضاع سكان غزة إذا كان يوجد إطلاق نار من هناك»، مؤكداً أن إسرائيل «لا تعتزم التخلي عن حقنا في الرد على ما يحدث في غزة بسبب الاتفاق مع الأتراك».
في المقابل، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس، إن الاعتذار الإسرائيلي عن مقتل تسعة نشطاء أتراك مؤيدين للفلسطينيين في عام 2010 لبّى شروط تركيا وأظهر نفوذها الإقليمي المتزايد.
وقال أردوغان الذي يعتزم زيارة الأراضي الفلسطينية بما في ذلك قطاع غزة، الشهر المقبل، «ندخل مرحلة جديدة في تركيا وفي المنطقة. نحن في بداية عملية لرفع مكانة تركيا إلى وضع يجعل لها كلمة وقدرة على المبادرة وسلطة كما كانت في السابق».
وأضاف أردوغان، الذي كان يتحدث في مؤتمر أذيع مباشرة في بلدة إسكي شهر في غرب تركيا، أن هذه الشروط الثلاثة هي اعتذار واضح ودفع تعويضات لعائلات الضحابا وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة.
إلى ذلك، رأى القيادي في الجهاد الاسلامي، خالد البطش، أن الاعتذار الاسرائيلي لتركيا «وهمي ولفظي» وجاء بمبادرة من الرئيس الاميركي باراك أوباما لفك العزلة عن إسرائيل. وقال البطش، في تصريح له على صفحته على فايسبوك، «انتصار وهمي لتركيا واعتذار إسرائيلي مسموم سيجر الويلات، وهو يهدف إلى فك العزلة عنها ويجدد التعاون الامني والسياسي والعسكري مع تركيا».