واشنطن | تواصل الولايات المتحدة انتهاج سياسة الاحتواء في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني بالرغم من تهديدها المستمر بأن نافذة الحل الدبلوماسي ليست مفتوحة إلى ما لا نهاية، لكنها لا تشدد على اللجوء إلى الخيار العسكري، بل تؤكد أن بديله هو تشديد العقوبات على طهران.وفي الوقت الذي تبدأ فيه جولة جديدة من المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة الدول «5+1»، التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا اليوم في ألما آتا، كبرى مدن كازاخستان، تبدو الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بعيدين عن حل قضية الملف النووي الإيراني.
ويأمل الدبلوماسيون الغربيون المشاركون في محادثات اليوم أن يعرض الوفد الإيراني، الذي يترأسه كبير المفاوضين النوويين الايرانيين، سعيد جليلي، مقترحاً جديداً يقضي بتعهد إيران وقف أو تعليق إنتاج وتخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وهو المقترح الذي ربما لن يجد استحساناً من جانب الغرب.
وقال مسؤول أميركي إن مدى التقدم الذي سيتحقق في المحادثات النووية التي ستجرى هذا الاسبوع بين القوى الدولية الست وايران في ألما آتا يتوقف على رد طهران على الاقتراح الذي قدمته مجموعة «5+1». وأبلغ المسؤول، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، الصحافيين ان الدول الست تأمل ان تقترن التصريحات «الايجابية» الايرانية بردود وأفعال محددة من جانب المسؤولين الايرانيين.
ومن ناحيتها، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، إيران إلى ضرورة الرد على العرض المقدم من القوى الدولية حتى يمكن تحقيق النجاح في المحادثات النووية المقررة اليوم وغداً. وقالت أشتون في تركيا «إنني دائماً متفائلة بحذر، لكنني ايضاً واضحة جداً في ان من المهم للغاية ان نتلقى رداً» من ايران.
غير أن جليلي أكد، في تصريح في آلما أتا أمس، أن إيران ستدافع عن حقها في تخصيب اليورانيوم «بمزيد من القوة» بعد اجراء انتخابات الرئاسة الايرانية في حزيران المقبل. وقال ان نجاح المفاوضات يتوقف على ما اذا كانت القوى تقبل حق طهران في امتلاك برنامج نووي. وأضاف أن «تأثير الانتخابات سيكون أن شعبنا سيدافع عن حقه بمزيد من القوة».
ويتضمن العرض، الذي قدمته مجموعة «5+1» لإيران، إنهاء الجمود في الخلاف بشأن برنامج طهران النووي، تخفيف حظر التجارة مع ايران في الذهب والمعادن النفيسة الأخرى وتخفيف حظر استيراد المنتجات البتروكيماوية الايرانية مقابل تعليق تخصيب اليورانيوم الى درجة نقاوة 20 في المئة في منشأة فوردو، التي تقع في جوف جبل قرب مدينة قم الإيرانية (جنوبي طهران)، وهو من المواقع النووية التي يصعب تدميرها، كما يشمل العرض «تقييد القدرة على الاستئناف السريع للعمليات هناك» في فوردو، في مقابل إلغاء جزء من العقوبات المفروضة على ايران، وخلاف ذلك يعني أن العقوبات النفطية والمصرفية ستبقى، بل وستشتد.
وبالرغم من تلميح إيران بأنها غير راضية عن العرض، إلا أن جليلي عدّ العرض محاولة من الدول الست للاقتراب من وجهة النظر الإيرانية. وهو ما صنفه خبراء ومحللون بمثابة اتفاق تكتيكي حقق لإيران بعض المكاسب، أبرزها اقتناصها اعترافاً نسبياً بالحقوق النووية الإيرانية، لأنه على أقل تقدير جرى الاعتراف بحق تخصيب اليورانيوم في إيران وإن كان بنسبة ضئيلة (20 في المئة)، هذا فضلاً عن حديثهم عن إمكانية إلغاء العقوبات. والعرض يمثل تطوراً في الموقف الغربي يمكن أن يؤدي إلى اتفاقات أكثر جدية إزاء الملف النووي الإيراني، في الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على اختبار أو قياس كيفية الرد الإيراني.