غداً نهار آخر على فنزويلا. للمرة الاولى لن يكون «ملهمها» هوغو تشافيز مرشحاً لرئاسة الجمهورية. سيفتقد الفنزويليون خطابات النصر التي كان يلقيها بعد حسم فوزه في الانتخابات الرئاسية السابقة. حضور تشافيز سيكون الطاغي تقريباً على يوم غد، بين وفاء الفنزويليين لخيار زعيمهم الراحل بانتخاب خليفته نيكولاس مادورو رئيساً لاستكمال الثورة البوليفارية وبين خيار آخر يطمح إلى فنزويلا بعيدة عن الاشتراكية وأكثر قرباً من الليبرالية مع مرشح المعارضة انريكي كابريليس.
وبالاعتماد على توقعات المحللين ونتائج استطلاعات الرأي، التي اظهرت تقدم مادورو بعشر نقاط على منافسه كابريليس، يمكن الجزم بأن الفنزويليين حسموا خيارهم بانتخاب مادورو. وعلى مدى الاسبوعين الماضيين حشد مادورو وكابريليس انصارهما «للمعركة» جيداً وكل منهما استند إلى شعاراته وخططه لجذب اكبر عدد من الناخبين إلى صفه مع الاخذ بعين الاعتبار «الحضور المعنوي» لتشافيز في هذه المعركة.
الحملة الانتخابية «السريعة» انهاها الطرفان بمسيرات حاشدة لانصارهما، واظهر طرفا «النزاع» الانتخابي ثقة كبيرة بفوز كل منهما بالرئاسة غادقين على انصارهم بالوعود. الرئيس بالوكالة نيكولا مادورو المعول على الحالة الشعبية المتأثرة بوفاة تشافيز الشهر الماضي، اكد لانصاره أنه واثق من فوزه وأنه مستعد ليكون الرئيس المستكمل للثورة الاشتراكية.
مادورو، وفي آخر خطاب امام انصاره بحضور صديق تشافيز اللاعب الارجنتيني مارادونا، اوضح أنه سيكون «بمثابة الاب والرئيس والرئيس بالنيابة عن الفقراء»، مشدداً على أنه يريد أن يكون عند حسن ظن القائد وأن يكون على قدر المسؤولية التي اوكلها اليه. وحث مادورو مناصريه على تحقيق اخر رغبات «القائد»، الذي تمنى قبل وفاته بالوقوف خلف مادورو وانتخابه رئيساً.
وفي اطار تقليد درج عليه تشافيز، اتهم مادورو ايضاً المعارضة بتدبير مؤامرات مع الولايات المتحدة الاميركية التي طرد اثنان من دبلوماسييها مؤخراً، وبالرغبة في انهاء «المهمات البوليفارية» ــ البرامج الاجتماعية الممولة من الثروة النفطية ــ التي اخرجت ملايين الفنزويليين من دائرة الفقر. وكان مادورو قد وعد «باحترام وصية» مرشده في وجه «البورجوازيين» و«الفاشيين» خلال التجمعات الانتخابية تحت شعار «تشافيز حي، والنضال مستمر» وررد فيها «تشافيز، اعدك بأن صوتي سيذهب لمادورو».
في المقابل، طالب مرشح المعارضة، انريكي كابريليس، المواطنين بالتصويت لصالحه لهزيمة العنف ومحاربة الجريمة التي باتت منتشرة في البلاد. وفي آخر خطاب له قبل انتهاء الحملة الانتخابية في باركويسيميتو، تعهد كابريليس بإنعاش الاقتصاد خلال عام، وقال إن فريقه بدأ بالفعل العمل بأول الإجراءات في هذا الشأن.
وناشد كابريليس مناصريه إعطاءه الفرصة «لإظهار قدرتي على الحكم بالفعل وإصلاح الأمور»، مؤكداً أنه لن ينهي البرامج الاجتماعية التي تعود إلى حقبة تشافيز، لكنه تعهد بالقضاء على الفساد الرسمي.
ويستند كابريلس في الانتخابات الحالية إلى الارقام التي سجلها في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، التي هزمه فيها تشافيز في تشرين الاول (55% في مقابل 44%) وإلى نتيجة الانتخابات المحلية، حيث فشل انصار تشافيز في هزيمته في معركة حاكم ولاية ميراندا (شمال) التي عاد وانتصر بها، بالاضافة إلى كونه كان من اصغر النواب الفنزويليين سناً ولديه الخبرة السياسية القوية التي اثبتها بتوحيد المعارضة التي عرفت بانقساماتها فيما مضى.
ومع حرصه على عدم خدش صورة الرجل القوي السابق في البلاد، ركز كابريلس هجماته على افتقار خصمه للكاريزما، مكرراً بانتظام أن «نيكولاس ليس تشافيز» و«لا يختبئ وراء صورته» حثاً الفنزويليين على عدم تصديقه.
ونادى كابريلس ايضاً بالاشتراكية الديموقراطية على النمط البرازيلي وباقتصاد السوق، ووعد بعدم الغاء «المهمات البوليفارية»، لكنه اكد أنه سيقطع امداد النفط عن كوبا، الحليف الدائم الذي يتلقى اكثر من مئة الف برميل يوميا مقابل ارسال اطباء.
وفي سياق العملية الانتخابية، كشف رئيس رئيس المجلس الانتخابي الوطني (CNE) تيبيساي لوسينا أن الفنزويليين سيختارون الرئيس عبر شاشات لمس وأن عملية التصويت مؤتمتة بالكامل.
وكعادة كل انتخابات رئاسية، وجه انصار المعارضة اتهامات إلى المجلس الانتخابي الوطني بالوقوف إلى جانب مرشح الحزب الحاكم مادورو، في القطاع الخاص، وأوضح عضو حملة كابريليس، كارلوس فيكيو، أن «تيبيساي فقد صدقيته» متهماً المجلس بالتحيز لمادورو كونه تم اختيار اربعة من اصل خمسة من اعضائه من انصار شافيز.
من جهته، طالب مادورو المعارضة بالالتزام النتيجة التي سيعلنها (CNE) والاعتراف بها.
وأنهت السلطات الاستعدادات اللوجستية للانتخابات باغلاق الحدود، ومن المقرر أن تنشر قوة خاصة من 125 الف عنصر للسهر خصوصاً على حوالي 13600 مكتب اقتراع.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)