شبح 11 أيلول يخيم على الولايات المتحدة. عبارة تختصر، مع ما تحمله من مبالغة، المشهد يوم أمس في بلاد العم سام، حيث ضربت سلسلة من التفجيرات المتزامنة بوسطن، موقعة عشرات القتلى والجرحى، ومسبّبة حالة من الهلع في تلك المدينة، وفارضة تعزيزاً للإجراءات الأمنية في نيويورك واستنفاراً في واشنطن، حيث اتخذت إجراءات احترازية في محيط البيت الأبيض، خوفاً من الأسوأ. المشهد كأنه مستعاد من ذاك اليوم الدامي. انفجار يضرب ماراتون بوسطن عند خط النهاية، يتبعه ثانٍ بعد 15 دقيقة، وثالث بعد نحو ساعة قرب مكتبة «جي اف كينيدي»، مع عثور على عبوتين أخريين في منطقة الماراثون نجحت السلطات في تفكيكهما، فارضة حظراً للطيران فوق المنطقة، وقاطعة خطوط الهاتف الخلوي للحؤول دون القدرة على القيام بعمليات تفجير عن بعد. إعلان عن إبلاغ الرئيس باراك أوباما فوراً بما يحصل، وتوجه سيارات من الشرطة السرية إلى محيط البيت الأبيض لحمايته، لكن من دون تعليق الزيارات السياحية فيه. كذلك قامت وحدات أمنية بإقفال جادة بنسلفانيا خارج البيت الأبيض وأحاطت المنطقة بشريط أصفر خاص بالشرطة.
نائب الرئيس جوزيف بايدن كان في اتصال عبر الدائرة التلفزيونية مع نشطاء حول نزع السلاح عندما أدار مساعدون التلفزيون ليطّلع على ما يجري. أنباء عن اعتقال سعودي مشتبه فيه بتنفيذ التفجيرات، سرعان ما نفتها السلطات المحلية، التي أكدت وقوع قتيلين وأكثر من 50 جريحاً، فيما تحدثت أنباء عن أن نحو مئة شخص يعالجون في المستشفيات. وطلبت الأجهزة المختصة من المواطنين التزام منازلهم ريثما يتم تأمين المنطقة، حيث كان نحو 27000 شخص يشاركون في الماراثون عدا عن عشرات آلاف المتفرجين.
وتحدث شهود عيان عن «أناس بُترت سيقانهم». وروى أحدهم أن أحد الانفجارين كان قوياً الى درجة اعتقد أن رأسه «سينفجر». وتحدث ثالث عن سحابة كثيفة «من الغبار والدخان» وكميات كبيرة من الزجاج. وتمت معالجة بعض الجرحى في مكان الانفجارين، وخصوصاً مع وجود الخيمة الطبية أصلاً عند نقطة وصول الماراثون، فيما نقل مصابون آخرون سريعاً الى مستشفيات المدينة.
وفي محاولة لطمأنة الشعب الأميركي إلى أن القيادة تمسك بزمام الأمور، خرج أوباما بخطاب قصير قدم فيه التعازي إلى عائلات الضحايا، قائلاً «نحن اليوم لسنا جمهوريين ولا ديموقراطيين، نحن أميركيون» ومشيراً إلى أنه سيسخّر جميع الموارد المتوافرة لعلاج الجرحى وملاحقة أي جهة أو فرد ساهم في التفجيرات، وخاتماً بأنه سيدفّعهم الثمن.
وقال أوباما إن «الحكومة لا تمتلك إلى الآن كل الأجوبة» حول ما حصل في بوسطن، «نحن لا نعرف من قام بذلك.. ما زلنا في مرحلة التحقيق، وحين نعرف سنعلن وسنحاسبهم»، مشدداً على «أن الفاعلين، جهة كانوا أو فرداً، سيشعرون بثقل العدالة». وأضاف أوباما، الذي حذر من القفز إلى استنتاجات قبل تبيان الحقيقة، أن الإجراءات الأمنية سيجري تعزيزها في كل أنحاء الولايات المتحدة بقدر ما يتطلب الوضع ذلك.
وأدت هذه التفجيرات، وفي إجراءات احترازية، إلى تشديد الإجراءات الأمنية في العديد من الولايات الأميركية، وفي مقدمتها نيويورك، حيث أعلن عمدة المدينة مايكل بلومبرغ، في بيان، أن «هناك ألف عنصر في شرطة نيويورك مهمتهم مكافحة الارهاب، وستتم تعبئتهم بنسبة مئة في المئة لحماية المدينة الى جانب عموم شرطة المدينة»، فيما أعلنت شرطة سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا أنها في «أعلى درجات الاستنفار»، وحضّت سكان المدينة على إبلاغها بأي أمر مشبوه.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)