في أجواء التوتر التي تعيشها الولايات المتحدة بعد يومين من حادثتي تفجير بوسطن، حيث سقط ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى في اعتداء لم تتضح أسبابه وهوية منفذيه منذ يوم الاثنين، تلقى مركز فرز بريد البيت الأبيض أول من أمس رسالة تحتوي على مادة سامة موجهة الى الرئيس باراك أوباما، حسبما أعلن الجهاز السري، المكلف بحمايته. واللافت أن هذا الاكتشاف جاء بعد ساعات قليلة من اكتشاف مادة الريسين السامة أيضاً في بريد أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي. وقال مكتب التحقيقات الفدرالي، في بيان، إن التحاليل الأولية التي أُجريت أمس على رسالة وصلت الى مركز فرز رسائل البيت الابيض خارج المجمع الرئاسي في 16 نيسان الحالي، أكدت «وجود مادة الريسين» فيها. وأضاف البيان «لا توجد إشارة الى أي رابط مع اعتداءات بوسطن».
وكان المتحدث باسم الجهاز السري المكلف بحماية الرئيس الأميركي، ادوين دونافان، أعلن في وقت سابق أن هذا الجهاز «يرصد عادة الرسائل أو الطرود التي تستلزم فحصاً إضافياً أو تحاليل قبل أن يسلمها» إلى البيت الأبيض.
وكان مسؤول الإدارة والأمن في مجلس الشيوخ، تيرانس غينر، ذكر في رسالة إلكترونية داخلية أن «مركز معالجة بريد مكاتب الشيوخ في واشنطن تلقى رسالة رصد فيها الريسين بعد التحليل»، وكانت موجهة الى عضو المجلس ويكر.
وأضاف أن الرسالة، التي لم تصل الى ويكر، وُضِعت في البريد في ممفيس في ولاية تينيسي (جنوب) من دون عنوان المرسل و«لم يثر المغلف أي شبهة». وأكد مشاركة مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) في التحقيق.
وفيما يدور سجال حاد حول ملفي حيازة الأسلحة والهجرة على الساحة السياسية الأميركية حالياً، اعتقد مراقبون أن هذه الحادثة جاءت على خلفية تصويت ويكر الأسبوع الفائت لصالح فتح نقاشات في مجلس الشيوخ حول إصلاح التشريعات المتعلقة بالأسلحة الى جانب 15 نائباً آخر من حزبه. ونقل موقع «سايت» الأميركي المتخصص في مراقبة المواقع الإسلامية أن السيناتور أثار بتصويته غضب ميليشيات اليمين المتطرف وأنصار تفوق البيض في الولايات المتحدة.
ووصفت تعليقات، نُشِرت على الانترنت، أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوّتوا لصالح فتح النقاش «بالخونة، أكياس القمامة»، وبالقذرين الشيوعيين الليبراليين المناهضين للبيض وللأميركيين، مؤكدة أنهم يستحقون «الشنق كتحذير لجميع الخونة المستقبليين».
في هذا الوقت، قالت قناة «سي.أن.أن.» التلفزيونية الأميركية، أمس، نقلاً عن مصادر في سلطات تنفيذ القانون الاتحادية وفي بوسطن، إن السلطات اعتقلت مشتبهاً فيه بتفجيري ماراثون بوسطن استناداً إلى فيديو التقطته كاميرا أمنية قبل الحادث، ويظهر رجلاً يترك كيساً في شارع وقع فيه أحد التفجيرين.
وكان مسؤول رفيع المستوى في أجهزة إنفاذ القانون عن التحقيقات في جريمتي تفجير بوسطن قال إن القنبلتين اللتين استخدمتا البارود كمادة ناسفة كانتا مليئتين بكرات صلبة وشظايا أخرى لزيادة عدد الإصابات. ويعتقد المحققون أن القنبلتين خبئتا في طنجرتي ضغط.
وأظهرت صور التقطت لمسرح الهجوم، ونشرتها أمس قوة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب في بوسطن، بقايا جهاز للتفجير ضم قطعاً ملتوية من وعاء معدني وأسلاكاً وبطارية وما يبدو كلوحة صغيرة لدائرة كهربائية.
ووصف الرئيس الأميركي باراك أوباما تفجيري بوسطن بأنهما «عمل إرهابي». وقال أوباما، الذي اطلع على التطورات من المسؤولين، إنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي التحري عنه في أسوأ هجوم على الأراضي الأميركية منذ هجمات 11أيلول. في سياق متصل، يتابع المسلمون الأميركيون بقلق آخر تطورات التحقيق في اعتداء بوسطن الدامي الذي وقع الاثنين الماضي، متخوفين من تبعات احتمال تورط إسلاميين فيه كما حصل بعد اعتداءات 11 أيلول 2001.
وأفاد المتحدث باسم مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، إبراهيم هوبر، أن الجمعية قد تلقت «الاتصالات الحاقدة العادية»، لكنها ليست خطيرة جداً في الوقت الراهن، مشدداً على إدانة الاعتداء.
ولم تتأكد أي علاقة بين إسلاميين واعتداء بوسطن في هذه المرحلة من التحقيق، رغم ورود خبر عن اعتقال مُشتبه فيه سعودي تبين في وقت لاحق خطؤه. ورأى رئيس المجلس الإسلامي للشؤون العامة، سلام المراياتي، أن «لا دين للارهاب ولا أهمية لدين من سيُنسَب اليه الاعتداء»، مضيفاً أن «الأهم هو جريمة الارهاب التي نددنا بها نحن المسلمين». وخلص الى القول «إننا نثق ببلدنا، الولايات المتحدة، بأن يكون وفياً لتقاليده في حماية الأقليات وكل ضحايا الكراهية والاضطهاد».
(أ ف ب، رويترز، أ ب)