كما كان متوقعاً، فاز حزب نواز شريف ــ الرابطة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في باكستان أول من أمس، محققاً الغالبية التي تخوّله قيادة الحكومة الثالثة له في التاريخ الباكستاني الحديث، وأول انتقال سلمي للسلطة بين حكومتين مدنيتين، فيما أفرزت النتائج أيضاً زعامة جديدة للاعب الكريكيت الشهير عمران خان وحزبه «طريق الإنصاف»، الذي يحظى خصوصاً بشعبية واسعة في أوساط الشباب والطبقة الوسطى. الرجلان يدعمان الإصلاح والحوار مع الحركة المتمردة «طالبان»، ويعارضان بشدة غارات الطائرات الاميركية بدون طيار التي تستهدف الاسلاميين في شمال غرب البلاد. لذلك يتوقع أن تكون المرحلة المقبلة مفصلية في التاريخ الباكستاني، ولا سيما أن عملية سياسية جارية على قدم وساق في البلاد المجاورة أفغانستان، حيث يرتقب انسحاب القوات الأميركية العام المقبل والتمهيد لعملية انتقالية تكون «طالبان» الأفغانية جزءاً منها. وعلى الرغم من أعمال العنف التي سبقت الانتخابات والهجمات التي أدّت إلى مقتل 17 شخصاً على الأقل، توجه ملايين الناخبين للإدلاء بأصواتهم، بحيث تجاوزت نسبة الاقتراع 60 في المئة.
وفاز كل من نواز شريف، رئيس الوزراء السابق، وعمران خان، نجم الكريكت السابق، بمقعدين في البرلمان الباكستاني الجديد. وأعلنت اللجنة الانتخابية بعد إقفال مكاتب التصويت مع حلول المساء أن المشاركة كانت هائلة. وقال رئيس المفوضية فخر الدين إبراهيم إن «حوالى 60 في المئة من الناس شاركوا في عملية التصويت»، وهذه النسبة هي الأعلى منذ 1977. وأضاف «نسبة التصويت مرتفعة جداً، وهذا برهان على قوة الشعب»، متوجهاً بالشكر الى السلطة والجيش وقوى الأمن على تعاونها التام «الذي سمح لنا بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة».
وبعد فترة وجيزة من إقفال الصناديق، أعلن شريف فوز حزبه في الانتخابات التشريعية، ودعا خصومه الى حل مشاكل البلاد. وقال لأنصاره المتجمعين في لاهور، ثاني أكبر مدن البلاد، «يجب أن نشكر الله الذي منح الرابطة الاسلامية ــ نواز فرصة أخرى لخدمة باكستان، النتائج تواصل الظهور، ولكن لدينا الآن تأكيد أن الرابطة الإسلامية ــ نواز ستظهر كحزب رئيسي».
وقال شريف «أدعو كل الأحزاب الى الجلوس حول طاولة معي لحل مشاكل البلاد». وأضاف «لو كان الامر يتعلق بي وحدي لما تحدثت اليهم، لكني أقوم بذلك من أجلكم ومن أجل الاجيال المقبلة».
وكانت شبكات التلفزة قد توقعت أن يفوز حزب شريف بنحو مئة مقعد من أصل 272، على أن يسعى بعد ذلك الى تشكيل ائتلاف لتأمين غالبية في الجمعية الوطنية. وتولى نواز شريف الذي لا يتحدث بطلاقة ولا يتمتع بحضور قوي لكنه يعتمد على تجربته الطويلة كرجل دولة، رئاسة الحكومة مرتين من 1990 الى 1993 ومن 1997 الى 1999.
ويعتبر الغرب نواز شريف رجلاً براغماتياً، على الرغم من تصريحاته المعارضة للحرب التي يخوضها الأميركيون في المنطقة ضد تنظيم «القاعدة» وحلفائه في حركة «طالبان».
بدوره، أقرّ خان بهزيمة حزبه أمام شريف، لكن هذه الانتخابات جعلت من حزبه ثاني أكبر الأحزاب وأدخلته كزعيم قوي الى المعترك السياسي. وقال المسؤول الكبير في حركة «الإنصاف» أسد عمر لشبكة تلفزيون «جيو» الباكستانية الخاصة «لقد برزوا كأول حزب. أودّ أن أهنئهم». لكنه أكد أن حركته ستؤلف الحكومة المحلية في إقليم خيبر باختونكوا في شمال غرب البلاد. وقال «بالنسبة الى حركة الإنصاف هذا يوم عظيم، إنه يوم ذهبي. فقد تمكن حزب ليس له أي تمثيل في البرلمان من أن يصبح ثاني أكبر حزب على الصعيد الوطني، والحزب الاول في خيبر باختونكوا، حيث بمشيئة الله سيشكل حكومة» الاقليم. ونجح نجم رياضة الكريكت السابق وصاحب الشعبية الكبيرة في باكستان عمران خان (60 عاماً) في الاستفادة من صورته كممثل لجيل جديد من السياسيين في استحقاق السبت الانتخابي، وقطف ثمار حملته الانتخابية الناشطة بهدف إحداث ثورة في البلاد عبر كسر احتكار الأحزاب التقليدية.
(الأخبار)