رغم الإشارات السلبية لعقد مؤتمر «جنيف 2» بنجاح، بعد رفض «الائتلاف» المعارض المشاركة في أعماله، أبقى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الباب مفتوحاً أمام عقد المؤتمر رغم الصعوبات. وأكد كيري التزام واشنطن بالتعاون مع روسيا والدول الأخرى لجمع الأطراف السورية في المؤتمر، وتنفيذ ما جرى التوصل إليه في مؤتمر «جنيف 1». وأعرب، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني غيدو فيسترفيله في واشنطن، عن قناعته بأنّ المعارضة السورية ستحضر «جنيف2»، واصفاً بيان جنيف بأنه «معادلة للتوصل إلى حكومة انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية على أساس موافقة الشعب السوري».
وأمل كيري أن يكون بيان جنيف «منطلقاً للتوصل إلى حلّ سياسي سلمي»، وأعاد التأكيد على أنّ الرئيس بشار الأسد «لن يكون جزءاً من معادلة العملية الانتقالية في سوريا». وأضاف كيري «في جنيف سنرى من هو الجدي. هل الروس جديون؟ أعتقد ذلك. الرئيس (فلاديمير) بوتين قال إنهم جديون. سيرغي لافروف قالها أيضاً، ويحاولون تنظيم المؤتمر».
في إطار متصل، أوضح كيري أن قيام روسيا بتزويد دمشق صواريخ مضادة للطائرات، لا يسهم في دفع عملية السلام في سوريا.
بدوره، توجّه فيستر فيله لموسكو محذّراً «لا تعرّضوا مؤتمر جنيف للخطر. تسليم أسلحة إلى نظام الأسد خطأ كامل».
من جهة أخرى، ستكون القضية السورية أحد المواضيع الرئيسية في قمة «روسيا – الاتحاد الأوروبي» التي ستعقد في مدينة يكاترينبورغ الروسية في 3 – 4 حزيران المقبل. وكشف مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أن القمة «ستتناول القضايا الدولية الملحة، وسيجري التركيز بالدرجة الأولى على سوريا. وستحتل مناقشة القضية السورية القسم الأكبر من وقت القمة».
وأشار أوشاكوف إلى أنّه «إذا ما طرح الجانب الأوروبي مجدداً مسألة استقالة الرئيس السوري بشار الأسد، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيعرض في طبيعة الحال موقفنا بهذا الشأن». وتعليقاً على ما كشفته تركيا عن القاء القبض على عناصر لجبهة النصرة بحوزتهم غاز السارين، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو تنتظر من تركيا تقديم إيضاحات حول هذا الأمر.
ولفت لافروف، في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية البوسنة والهرسك زلاتكو لاغومجيا، أنّ موسكو تنتظر أن «يقدم زملاؤنا الأتراك المعلومات حول النتائج التي خرجوا بها كاملة وبسرعة». وشدّد على ضرورة التحقيق في مثل هذه الحالات، وعلى أنّ «العملية خطيرة جداً، ويجب ألا يتلاعب بها من يتحدث عن مشكلة السلاح الكيميائي باستمرار». وفي السياق، أعرب لافروف عن خيبة أمل موسكو من عدم استجابة الأمانة العامة للأمم المتحدة على نحو محدد لطلب إجراء تحقيق في حادث استخدام السلاح الكيميائي في حلب. بدوره، أكد الناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، أنّ طلب سوريا إجراء تحقيق أممي في علاقة قطر باختطاف عناصر من قوات حفظ السلام في الجولان يستحق الاهتمام.
في موازاة ذلك، يدخل اعتباراً من اليوم قرار الاتحاد الأوروبي بالسماح بتوريد السلاح إلى سوريا حيّز التنفيذ. وأعلن الاتحاد، أمس، أن النظام المعدل «للاجراءات العقابية» التي اتخذت تدريجياً منذ بداية النزاع في سوريا عام 2011، يطبق اعتباراً من اليوم.
وجاء في بيان الاتحاد حول تفاصيل القرار، أن النظام المعدل يتضمن «عدداً من القيود على الواردات والصادرات مثل الحصار النفطي، إضافة إلى قيود على الاستثمارات والانشطة المالية وفي قطاع النقل»، فيما التغيير الوحيد في النظام هو الغاء الحظر على الأسلحة المخصصة «للائتلاف» المعارض.
من جهة أخرى، يبقى 179 شخصاً «على علاقة بالقمع العنيف في سوريا» هدفاً لتجميد أرصدتهم ومنعهم من السفر إلى الاتحاد الأوروبي. ويشمل تجميد الأرصدة أيضاً 54 كياناً، بينها البنك المركزي السوري.
وأوضح مايكل مان، المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، أن تسليم الأسلحة المحتمل «لن يكون ممكناً إلا وفق شروط صارمة جداً». وسيرتبط خصوصاً بضمانات حول «الوجهة النهائية» للأسلحة و«مستخدميها»، في محاولة لتفادي وقوعها بين أيدي المجموعات المتشددة.
في المقابل، شدّد مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية، يوري يوشاكوف، على أنّ قرار الاتحاد الأوروبي سيلحق الضرر بالجهود الرامية لعقد مؤتمر «جنيف 2». وأكد أنّ القرار «غير بنّاء بالنسبة إلى الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر دولي بهذه الأهمية»، كما صرّح المندوب الروسي لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيخوف، بأنّ القرار الأوروبي يدلّ على أن «سيلاً من الأسلحة» سيتدفق إلى سوريا.
في سياق آخر، أضاف مجلس الأمن الدولي، أمس، «جبهة النصرة» إلى لائحة المنظمات «الارهابية». وجاء في بيان صادر عن لجنة العقوبات في مجلس الأمن أنه جرى بذلك تجميد أصول «جبهة النصرة» كما بات يحظر تسليمها أسلحة.
إلى ذلك، من المقرّر أن تجتمع قيادة «الجيش السوري الحر» في إسطنبول اليوم لاختيار ممثلين له في «الائتلاف»، بعد قرار الأخير المتخذ بضمّ 15 عضواً من هذا «الجيش».
«الائتلاف» الذي وافق على ضم 14 عضواً ليبرالياً من جماعة ميشيل كيلو المعارضة، إضافة 14 عضواً من «الحراك الثوري» في سوريا، فشل في اتفاق على آلية محايدة لاختيار 29 عضواً جديداً، ما ينذر بمعركة أخرى لتسميتهم في الاجتماع المقبل للائتلاف في 12 حزيران.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)