قد تشير الاشتباكات التي شهدتها منطقة ديار بكر، أمس، بين حزب العمال الكردستاني وعناصر من الجيش التركي إلى محاولة يقوم بها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، تنفيس الحراك الداخلي عبر حشد الشعب التركي ضد الأكراد، وذلك وسط المواجهات التي استمرت أمس بين الشرطة ومتظاهرين في أنقرة، على خلفية تحويل متنزه في اسطنبول الى مشروع تجاري. فبينما رفض أردوغان، أمس، قبيل توجهه الى المغرب العربي في زيارة تستمر أربعة أيام، الحديث عن «ربيع تركي» في مواجهة التظاهرات غير المسبوقة، أعلنت هيئة أركان الجيش التركي أن عناصر من حزب العمال الكردستاني أطلقوا النار على قاعدة للجيش قرب الحدود مع العراق، ما دفع بمروحية تابعة للجيش الى الرد.
وتحدى رئيس الوزراء المتظاهرين الذين يتهمونه بالسعي إلى فرض نظام إسلامي في تركيا العلمانية، مشدداً على أنه انتُخِب ديموقراطياً. وقال، في مؤتمر صحافي في مطار اسطنبول، «هل كان هناك نظام متعدد الأحزاب في الدول التي شهدت الربيع العربي؟». وأضاف «سنبقى حازمين... حافظوا على الهدوء، سنتجاوز كل هذه الأمور... اهدأوا واطمئنوا، وسيجري التغلب على كل هذا».
ورأى أردوغان أن «هذا احتجاج تنظمه عناصر متطرفة... هناك مؤامرة داخلية وخارجية نظمت الاحتجاجات»، مشيراً الى أنه «زاد التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية في ثلاثة انتخابات متتالية ونجح بالفوز في استفتاءين، ما يوضح أن سكان هذه البلاد يؤيدون الحزب».
وأضاف إن «بلادي ستعطي ردّها خلال هذه الانتخابات (المحلية المرتقبة في عام 2014)»، معبّراً بالتالي عن ثقته بثقله الانتخابي. وقال «إذا كانت لدينا بالفعل ممارسات مناهضة للديموقراطية، فإن أمتنا ستطيحنا».
ومع وصوله الى الرباط، قال أردوغان، في مؤتمر صحافي مع نظيره المغربي عبد الإله بن كيران، إن «الوضع يتجه نحو الهدوء وستحل المشاكل حال عودتي من زيارتي» لشمال أفريقيا.
وجدد اتهام معارضيه «بالاستيلاء السياسي على الاحتجاجات». وأوضح أن «مشكلة الأشجار والحديقة سببت أحداثاً، لكن التظاهرات للأسف دفعت من طرف أشخاص لم ينجحوا في الانتخابات». وأضاف «الحزب الجمهوري (حزب الشعب) إلى جانب أطراف أخرى هم جزء من هذه الأحداث».
لكن الرئيس التركي عبد الله غول، تحدث بلهجة أكثر اعتدالاً، ودعا أمس المتظاهرين الى الهدوء. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن غول قوله إن «الديموقراطية لا تعني فقط انتخابات»، مضيفاً إن «الرسائل التي وُجّهت بنوايا حسنة قد وصلت».
ودعا الرئيس التركي المحتجين الى الحذر من «المنظمات غير الشرعية» التي تستغل التظاهرات. وحذر من أي أعمال يمكن أن تضر بصورة تركيا.
أما أبرز المواقف الدولية، فجاءت على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قائلاً إن الولايات المتحدة قلقة لأنباء استخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة التركية، وتدعو إلى ضبط النفس وتؤيد بقوة الحق في الاحتجاج السلمي.
وقال كيري، موبخاً أنقرة التي تتصدى لاضطرابات عنيفة لم تشهد مثلها منذ عقود، «نشعر بالقلق لأنباء استخدام الشرطة للقوة المفرطة. ونحن نأمل بالتأكيد إجراء تحقيق واف في تلك الحوادث وأن تتحلى قوة الشرطة بضبط النفس». وأثار العنف الذي استخدمته قوات الأمن عدة انتقادات في تركيا وفي الخارج، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا التي عبرت عن قلقها، لكنها اعتبرت في الوقت نفسه أن هذه الأحداث لا تؤثر على محادثات انضمام أنقرة الى الاتحاد الأوروبي.
وفي ختام ليلة جديدة من أعمال العنف بين الشرطة ومتظاهرين في اسطنبول وأنقرة وأزمير (غرب)، تجددت المواجهات في المدينة الواقعة بين قارتي أوروبا وآسيا، في أول يوم عمل منذ أولى المواجهات الخطيرة التي وقعت يوم الجمعة الماضي.
وشهدت المدينة تجمعاً ضم نحو ثلاثة آلاف شخص للتنديد بتغطية وسائل الإعلام التركية للحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة، معتبرين أنها غير حيادية. وتسيطر على الصحافة المكتوبة والمرئية في تركيا مجموعات تُعتَبر قريبة من الحكومة الإسلامية المحافظة التي تحكم البلاد منذ 2002. وليس هناك سوى بضع صحف وقنوات تلفزيونية تؤكد استقلالها أو حتى معارضتها للحكومة، لكنها تخضع، حسب منظمات الدفاع عن الصحافيين، لضغوط سياسية ومالية.وقُتل متظاهر تركي شاب في اسطنبول دهساً بسيارة، حسبما أعلن اتحاد الأطباء الأتراك. والشاب محمد ايفاليتس عضو في تنظيم يساري صدمته سيارة اقتحمت تجمعاً للمحتجين على طريق سريع في منطقة «بنديك» على الضفة الآسيوية للمدينة. وأعلن اتحاد نقابات عمال القطاع العام في تركيا أنه سينظّم «إضراباً تحذيرياً» اليوم وغداً، احتجاجاً على قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة خلال الأيام الأربعة الماضية. وأضاف الاتحاد اليساري، الذي يضم نحو 240 ألف عضو في 11 نقابة، في بيان، إن «إرهاب الدولة ضد الاحتجاجات الحاشدة في شتى أنحاء البلاد... أوضح من جديد عداء حكومة حزب العدالة والتنمية للديموقراطية».
وتركت هذه الأحداث تأثيرها على الوضع الاقتصادي في تركيا، حيث انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي 6.67 في المئة لدى فتح الأسواق. كما انخفضت الليرة وارتفعت عوائد السندات.
إلى ذلك، أعلن الجيش التركي في بيان أن «مجموعة من الإرهابيين أطلقت النار ترهيباً على قاعدة للجيش في مدينة سيرناك جنوب شرق البلاد»، وقامت المروحية بالرد في إطار «الدفاع عن النفس». وأضاف الجيش إن جندياً أُصيب بجراح طفيفة جراء الحادث، الأول من نوعه منذ إعلان زعيم حزب العمال المسجون في جزيرة تركية، عبد الله أوجلان، وقف إطلاق النار في 20 آذار الماضي في إطار عملية تهدف الى إنهاء نزاع أوقع أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984.
(أ ف ب، رويترز)
5 تعليق
التعليقات
-
استولى الجنرال الراحل طيباستولى الجنرال الراحل طيب أردوغان على الحكم في تركيا قبل ما يزيد عن أربعين سنة، وبنى لنفسه أجهزة أمنية أخطبوطية، وراحت تلك الأجهزة تشحط الناس عند الفجر من بيوتها وتودعهم في المعتقلات إلى آجال غير مسماة، وكان يجبر الناس الذين لم يُرسلوا إلى السجون والمعتقلات على الركض في الشوارع وهم يحملون صوره واللافتات التي تشيد به وبعائلته الكريمة، ويفدونه وعائلته بالأرواح والدماء. وحينما وافته المنية، كان ابنه "رجب" ولداً قاصراً، وعنده (عرق هبل) لا يصلح لتولي الحكم، فاجتمعت مجموعة من أعضاء البرلمان في غرفة مغلقة، وعدلوا الدستور ليناسب عمره، ورفعوه خمساً وعشرين رتبة عسكرية، حتى صار قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة، وأمينا عاماً لحزب العدالة والتنمية، مطرح أبيه، وقال في خطاب القسم إنه لا يملك عصا سحرية للإصلاح.. البارحة، حينما تظاهر بعض مواطنيه ضد سياسته في اسطنبول.. أرعد وأزبد.. وأمر بقمعهم.. وقال كلمته الشهيرة: إذا فرضت علينا المعركة الآن، فأهلا وسهلا بها.
-
لا وجود للديمقراطيةزعماء ما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط يتصرفون بالطريقة نفسها سواء انتخبوا عبر صناديق الانتخاب أو فرضوا فرضا على شعوبهم. ليس أدل على ذلك من اللغة التي يستخدمها إردوغان الآن. هل هناك فرق بين ما يقوله عن المتظاهرين الأتراك الآن أو ما قاله السادات، وحسني مبارك، وزين العابدين بن علي وغيرهم من قبل؟ القمع الذي مارسه زين العابدين وحسني هم القمع نفسه الذي يمارسه رجب غير المقتنع بالديمقراطية الذي يظن أن الله أرسله إلى تركيا ليعيد هداية الأتراك إلى الإسلام معتبرا إنهم علمانيين، كفرة. أليست هذه معضلة شعوب المنطقة مع الأخوان المسلمين من طنجة إلى جاكرتا؟
-
bla blaو على الباغي تدور الدوائر .. المشروع الامريكي هو تقسيم كل المنطقة بما فيها ادوات المشروع فاذا كان اردوغان-والباقين- يعلم فتلك مصيبة , وان كان لا يعلم فالمصيبة اعظم
-
من فمك ادينكليس دفاعاً عن سوريا ولا عن النظام القائم فيها ، ولا عن شخص الرئيس بشار الأسد ، " الجمرة لا تكوي إلا مكانها" لكل الذين انتقدوا الحكومة السورية واولهم اردوغان ، وآخرهم قادة الميليشيات عندنا نقول ، لماذا تجيزون لأنفسكم ما لا تسمحون به لسواكم ،ألم تقاتلوا الدولة انتم ؟! من اول تظاهرة شاهدنا وقرأنا وسمعنا ايضاً ما فعله رجب طيب اردوغان ، مدعياً ان ايادٍ غريبة تريد النيل من تركيا، وان الشعب بأكثريته من مؤيديه، الم ير ان سوريا مستهدفة منه ومن الخارج ، وان اكثرية تفوق ٠/٠٧٠ ما زالت تؤيد الرئيس الآسد ؟!. الم يسمح الأسد بالتظاهر في بداية الأمر ؟ الم تطلق النيران على الجنود السوريون واجبروا على الرد عليها؟ لماذا لا ترد لنفسك ما تريده لغيرك تفض اذاً وتنحى عن الحكم ، وللذين ينتقدون الحزب الذي يقاتل في القصير نقول ايضاً وبتجرد ، لماذا يأتي كل هؤلاء الغرباء عن العرب للقتال في سوريا ويذهب ايضاً من الشمال والبقاع من يذهب لقتال الجيش السوري ، ولا يسمح لمن يناصر الأسد بالقتال الى جانبه!؟. الحكومة نأت بنفسها عن التدخل وكان من واجبها ومن واجب نواب تيار المستقبل ان يغلقوا الحدود وانةلا يحرضوا انصارهم على الجيش وعلى النظام ، ولماذا ؟لأنهم يعتقدون ان هذا النظام هو منابعد سيدهم سعد عن الحكم ، بينما من ساهم بإبعاده هي افعاله واقواله لانه ارتمى فوراً في الحضن السوري واراد إلغاء المحكمة قبل إنجاز ما اتت من اجله ، وهكذا ابعده من كان يحالفهم ، اذاً لا يجب التسرع من اجل المصلحة الخاصة ، من فمك ادنت يا اردوغان.
-
مقارنة حلوةشوكوزال اردوغان شوكوزال...لم يستطع السلطان الجديد احتمال تحرك بضع مئات من المعترضين او المعارضين فأشعل 16 مدينة تحت اقدامهم ولكنه لم يتورع عن مطالبة الاسد تكرارا بالتنحي استجابة لشروط "دبيحة" الثورة السورية المسالمين !!فعلا الجمل لو رأى حدبته لوقع وفك رقبته ..