في أكبر تظاهرات تهزّها منذ 21 عاماً، شهدت البرازيل أمس مسيرات شعبية استمرّت لأكثر من سبع ساعات في عدد من المدن ولا سيما في ريو دي جانيرو. وانطلقت التظاهرات التي ضمت حوالي 200 ألف متظاهر بشكل سلمي، في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على زيادة أسعار النقل العام والنفقات الطائلة التي تصرف تحضيراً لكأس العالم لكرة القدم الذي تستضيفه البرازيل العام المقبل.
وشارك في تظاهرة ريو دي جانيرو (وهي الأضخم) حوالي مئة الف شخص ولكنها تحوّلت في المساء الى أعمال شغب وعنف. وهاجم عشرات المتظاهرين برلمان ولاية ريو قبل ان تتمكن شرطة مكافحة الشغب من تفريقها خلال الليل. وقام عناصر القوة الضاربة في الشرطة العسكرية، الذين وصلوا الى الموقع في آليات مدرعة، باطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي على مجموعة المهاجمين واعتقلوا عدداً منهم.
وألقى المتظاهرون الزجاجات الحارقة والحجارة على المبنى وحاول بعضهم التسلل من نوافذه. وقام هؤلاء بإحراق سيارة ومستوعبات للنفايات وتحطيم واجهات مصارف وأجهزة الصرف الآلي ونهب متاجر فيما كان متظاهرون آخرون يصيحون بهم «ايها اللصوص! لا نريد أعمال تخريب!». وأصيب عشرون شرطيا وسبعة متظاهرين في المواجهات بينهم اثنان بسلاح ناري.
وكان المتظاهرون البرازيليون قد دعوا عبر شبكات التواصل الالكتروني الى تنفيذ تحركات واسعة في جميع أنحاء البلاد رفضاً لسياسات الحكومة الاقتصادية المواكبة لتحضيرات «المونديال» واحتجاجاً على رفع أسعار النقل العام. وفي العاصمة برازيليا تجمّع حوالي خمسة آلاف متظاهر في حي الوزارات ونجح حوالي مئتين منهم في تسلّق سطح البرلمان حيث ردّدوا النشيد الوطني البرازيلي.
«إنها الخطوة الاولى لنثبت أننا لم نمت. كانوا يعتقدون أننا سنتوقف لمشاهدة كرة القدم لكن البرازيل ليست ذلك فحسب»، علّق أحد المتظاهرين.
وفي ساو باولو حيث نزل حوالي 65 الف متظاهر الى جادة بوليستا، حاولت مجموعة احتلال البرلمان المحلي لكن الشرطة منعتها مستخدمة الغازات المسيلة للدموع. وتكررت مشاهد التظاهرات وصدّ الشرطة لعمليات اقتحام مبان حكومية في بورتو الليغري وكوريتيبا وبيلو اوريزونتي...
وتجري تلك التحركات في وقت حساس جداً حيث تستضيف البرازيل مباريات كأس القارات لكرة القدم وتستعدّ لتنظيم مونديال كرة القدم العام المقبل. وكان وزير الرياضة البرازيلي الدو ريبيلو قد حذّر المتظاهرين من انه «لن نسمح لبضعة متظاهرين بتخريب الفعاليات التي التزمنا بتنظيمها».
لكن رئيسة البلاد ديلما روسيف صححت النبرة بعد بضع ساعات في مسعى واضح لتهدئة الاوضاع وأكدت أن «التظاهرات السلمية مشروعة وهي من ميزات الديموقراطية». واعلنت في بيان رسمي أن «التظاهر هو أمر طبيعي يقوم به الشباب».
وتجري التظاهرات في مرحلة حساسة تمر بها البرازيل وسط تباطؤ الاقتصاد وتراجع الخدمات الصحّية وتزايد التضخم ولا سيما في أسعار المواد الغذائية. وتراجعت شعبية الحكومة ثماني نقاط الشهر الحالي لاول مرة منذ انتخاب روسيف رئيسة عام 2011. وفوجئت الحكومة في بادئ الامر بظهور التحركات غير السياسية الاسبوع الماضي بعد الاعلان عن زيادة أسعار النقل العام.
وردد المتظاهرون في مسيراتهم أمس شعارات مثل «تعالوا تعالوا انزلوا الى الشارع» فيما قام موظفون من أعلى أبراج المكاتب في وسط المدينة بالقاء قصاصات من الورق الأبيض تعبيراً عن دعمهم للمحتجّين.
(الأخبار، أ ف ب)