بعد نحو ثلاثة أعوام من تعليقها، استؤنفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في واشنطن مساء أمس (صباحاً بتوقيت بيروت)، حيث يفترض أن يجمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومارتن انديك، الذي عينته الإدارة موفداً خاصاً لمفاوضات السلام، كلاً من كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني، والمفاوض الإسرائيلي، إسحاق مولخو، في اجتماع رمضاني لوضع أسس مفاوضات شاقة، لا تظهر حتى اللحظة ملامحها نجاحها.
وقالت صحيفة «هآرتس» إن وزير الخارجية الأميركي، اتصل برئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووجه إليهما دعوة شخصية لإرسال ممثلي الطرفين إلى واشنطن لتجديد المفاوضات رسمياً.
ويفترض أن يكون الوفدان قد التقيا على مائدة الإفطار في بيت وزير الخارجية الأميركي، لمناقشة جدول أعمال المفاوضات، على أن يجتمعا اليوم في مبنى وزارة الخارجية لمواصلة المحادثات.
وأعلن كيري رسمياً تعيين السفير الأميركي السابق في اسرائيل مارتن أنديك موفداً خاصاً لمفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وأكد أن مهمته ستكون الإشراف على استئناف العملية التفاوضية بين الجانبين، وهي «عملية شاقة» بعد توقفها لنحو ثلاثة أعوام. وقال إنديك، عضو منظمة «ايباك» اليهودية الأميركية، وهو يقف إلى جانب كيري: «أنا مقتنع منذ أربعين عاماً بأن السلام ممكن».
بدورها، توقعت ليفني أن تكون هذه المفاوضات «شاقة جداً». وقالت بعدما التقت في نيويورك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبيل توجهها إلى واشنطن: «سيكون الأمر شاقاً جداً ومعقداً». لكنها تداركت أن إسرائيل ستخوض هذه المفاوضات التي ترعاها واشنطن «بأمل»، وسيُفرَج خلالها عن أسرى فلسطينيين.
ورأت ليفني أن جهود السلام «هي في مصلحة إسرائيل والفلسطينيين والعالم العربي والمجتمع الدولي»، مضيفة: «إنها مسؤولية كبيرة. أنا واثقة من أن الأمر سيكون معقداً، لكنني أشعر بأنه حين نرى الاضطرابات في منطقتنا فإن ما نستطيع القيام به هو تغيير مستقبل الأجيال المقبلة عبر صنع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين».
كذلك رحب الرئيس الاميركي باراك اوباما باستئناف مفاوضات السلام، مشيراً إلى أنها لحظة «واعدة»، لكنه حذر من «خيارات صعبة» تنتظر الطرفين. وقال في بيان ان «الاكثر صعوبة لا يزال امامنا في هذه المفاوضات، وآمل ان يدخل الاسرائيليون والفلسطينيون هذه المحادثات بحسن نية وتصميم واهتمام كبير». وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن طاقمي المفاوضات الإسرائيلي والفلسطيني يلتقيان في واشنطن، بعد تصديق الحكومة الإسرائيلية على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين القدامى ما قبل أوسلو والبالغ عددهم 104 أسرى. وأشارت إلى أن «الشاباك» قام في الأسبوع الأخير بفحص ما سمته «مدى خطورة كل أسير من الأسرى المنوي إطلاق سراحهم». وقدم توصيات لرئيس الحكومة تهدف إلى «تقليص مستوى تهديد الأسرى المحررين». وتجتمع اللجنة الوزارية الخاصة بإطلاق سراح الأسرى قريباً لمناقشة توصيات «الشاباك».
وعبّر رئيس «الشاباك»، يورام كوهين، عن معارضته لقرار تحرير جزء من المعتقلين، مشيراً الى أن ذلك يمسّ بالأمن الاسرائيلي، سواء في ما يتعلق بمستوى التهديد الفوري على الجمهور، أو نتيجة تقويض قدرة الردع. مع ذلك، لفت كوهين الى أن دخول المفاوضات مع الفلسطينيين يوفر «تأثيراً معيناً على هدوء الميدان في الضفة الغربية، وخصوصاً لجهة مؤيدي السلطة». ولقي هذا القرار ردود فعل غاضبة داخل حزب الليكود. وذكر موقع «واللا» العبري، أن 12 عضو كنيست من أصل 20 تابعين لكتلة «الليكود» يعارضون قرار الحكومة تحرير 104 معتقلين فلسطينيين، حيث سادت أجواء غاضبة، دفعت البعض منهم إلى الحديث عن ضرورة عقد جلسة مستعجلة لمؤتمر «الليكود». في المقابل، لقي القرار نفسه تفهماً من قبل بعض الشخصيات الأخرى، منهم رئيس الكنيست، يولي أدلشتاين، الذي رأى أن نتنياهو لجأ إلى هذا الخيار عندما لمس إصراراً على ضرورة إجراء المفاوضات على أساس حدود عام 67 وبموازاة تجميد البناء في المستوطنات. وأكد أن نتنياهو بالتأكيد ليس على مسار مشابه للانفصال عن غزة، وعبّر عن ثقته بأن «الليكود» لا يواجه حالة تمرد وانشقاقات.
بدوره، رأى وزير الدفاع موشيه يعلون أن قرار إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين كان «أهون الشرين بالنظر إلى تأثيره السلبي على قوة الردع الاسرائيلية»، مؤكداً أن الكثير من الاعتبارات الاستراتيجية كانت وراء هذا القرار وأنها قد تتجلى مستقبلاً. وأضاف أن القرار لم يأتِ خوفاً من اندلاع مواجهات في الضفة الغربية، بل من أجل التوصل إلى تسوية سلمية حقيقية. وحمل مجدداً الجانب الفلسطيني المسؤولية عن تعليق المفاوضات خلال السنوات الأخيرة.
من جهته، رأى المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن الجدل الذي ساد في الحكومة حول القرار لم يكن أمنياً، لأن جزءاً كبيراً من المحررين قد تجاوزوا سنّ الخمسين ويصعب أن نتخيل سيناريو يعود فيه شيوخ فتح هؤلاء إلى النشاطات «الإرهابية».
(الأخبار)