اسطنبول | بعد نحو خمس سنوات من المحاكمات، وصلت قضية أرغينيكون التركية، أمس، الى خواتيمها عبر إصدار أحكام قضائية طالت بالسجن مدى الحياة رئيس الأركان السابق في الجيش إيلكر باشبوغ (الصورة)، وضباطاً سابقين بتهمة محاولة الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامية الجذور. وأصدرت محكمة سيليفيري بالقرب من مدينة اسطنبول (غرب) أمس، أحكاماً بالسجن المؤبد بحق رئيس الأركان السابق وعدد آخر من قادة القوات المسلحة السابقين والصحافيين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال، بينهم القائد السابق للفرقة الأولى في الجيش هورسيت طولون، وذلك بعدما اتهمتهم «بمحاولة قلب النظام الدستوري بالقوة» ضد حكومة رجب طيب أردوغان. وأصدرت المحكمة أحكاماً بالسجن تتراوح بين 6 أعوام و36 عاماً بحق 235 من المتهمين بقضية أرغينيكون، التي بدأت منذ عام 2008، بينما كانت بداية الاعتقالات في هذه القضية في عام 2007. وأصدر القضاة أيضاً أحكاماً بالسجن لمدد تتراوح بين 12 عاماً و35 عاماً على ثلاثة برلمانيين من حزب الشعب الجمهوري المعارض خلال إعلان الأحكام في القضية.
في المقابل، أمرت المحكمة بإخلاء سبيل 17 شخصاً من المتهمين بعدما قضوا المدة القانونية في السجن، ومن بين هؤلاء البروفسور محمد خبارال، وهو عضو برلمان عن حزب الشعب الجمهوري أيضاً. كما برأت المحكمة 16 آخرين، فيما حكمت بالسجن المؤبد مرتين على الصحافي مصطفى بالباي، وهو عضو برلمان أيضاً عن حزب الشعب المعارض، والسجن المؤبد بحق الصحافي تونجاي أوزكان. وأثار قرار المحكمة ردود فعل عنيفة في الأوساط القانونية.
في هذا الوقت، وصف رئيس الاتحاد العام لنقابات المحامين، متين فايزي أوغلو، المحاكمة بأنها غير قانونية وتتناقض مع أبسط معايير الدستور وحقوق الإنسان. وقال إن هذه المحكمة لا فرق بينها وبين محاكم هتلر في العهد النازي.
أما رئيس نقابة المحامين في اسطنبول أوميت كاباسكال، فرأى أن المحكمة لم تتخذ أي قرار قانوني وحقوقي، بل إنها رضخت لتعليمات وأوامر رئيس الوزراء الذي أراد أن ينتقم من معارضيه ويتخلص منهم بهذا الأسلوب الإرهابي.
ومنعت سلطات الأمن عشرات الآلاف من المواطنين من الوصول إلى مكان المحكمة، حيث السجن الذي يوجد فيه المتهمون (50 كيلومتراً من اسطنبول).
الى ذلك، سعت سلطات الأمن إلى عرقلة دخول المحامين إلى قاعة المحكمة من خلال تفتيشهم تفتيشاً دقيقاً، إلى درجة أنها أجبرتهم على خلع أحذيتهم.
ومنعت المحكمة ممثلي وسائل الإعلام من دخول قاعتها، وسط تدابير أمنية مشددة جداً شارك فيها عناصر الأمن ووحدات من قوات الدرك.
ويأتي قرار المحكمة هذا بعد قرارات مماثلة أصدرتها المحكمة العام الماضي ضد 120 آخرين من الجنرالات والإعلاميين والمثقفين بالسجن لفترات تتراوح بين 5 أعوام و45 عاماً، في إطار «قضية المطرقة»، كما تعني «أرغينيكون» بالعربية.
يُذكر أن قوات الأمن كانت قد اعتقلت خلال السنوات الخمس الأخيرة ما لا يقل عن 500 من قادة القوات المسلحة وضباطها من ذوي الرتب المختلفة، بحجة التخطيط لانقلابات عسكرية ضد حكومة أردوغان.
ونجحت الحكومة في إجراء تعديلات دستورية وقانونية ساعدتها على اعتقال الجنرالات ومحاكمتهم في المحاكم المدنية.
ومنذ 3 أيام، صدر قرار مجلس الشورى العسكري الذي أحال قادة القوات البرية والجوية والبحرية والدرك إلى التقاعد وعيّن قادة جدداً لهذه المناصب.
وقالت وسائل الإعلام التركية إن الضباط الذين أحيلوا إلى التقاعد هم من المعترضين على سياسات حكومة أردوغان الداخلية والخارجية.