كشفت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أمس، استناداً إلى وثائق حصلت عليها حصرياً من «مكتب التحقيقات الفدرالي» (إف بي آي) أن «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي إيه) وضعت منذ عقود أستاذ الأدب المقارن والألسنية نعوم تشومسكي تحت المراقبة الاستخبارية. وكانت الوكالة قد نفت مراراً وجود تشومسكي (84 عاماً) على لوائحها. لكن المجلة أشارت إلى أنه منذ السبعينيات كان بحوزة «سي آي إيه» ما يسمّى «ملف تشومسكي»، الذي شمل مواد تتعلق بتعقبه ورصد أسفاره ونشاطاته. «فورين بوليسي» ذكّرت بأنّ تشومسكي تحوّل منذ نهاية الستينيات حين نشط في مناهضة حرب فييتنام إلى أحد أشد الناقدين للسياسة الأميركية تجاه القضايا العالمية وتجاه إسرائيل. صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أشارت أول من أمس إلى أن أمر تعقّب تشومسكي من قبل «وكالة الاستخبارات المركزية» كُشف عنه الآن في أعقاب توجّه الـ«إف بي آي» إلى كشف وثائق حكومية استناداً إلى قانون حرية المعلومات. «فورين بوليسي» شرحت أنه خلال السنوات الماضية كان جواب «سي آي إيه» حول موضوع مراقبة تشومسكي، يتلخّص بأنها «لا تملك وثائق تثبت ذلك». ولكن عندما جرى التوجه إلى الـ«إف بي آي» بالسؤال نفسه، تبيّن أن هناك مراسلات بين الأجهزة الاستخبارية جرت خلال عام 1970 وتتعلق بسفر تشومسكي إلى شمال فييتنام. وفي تلك المراسلات طلبت «سي آي إيه» من الـ«إف بي آي» معلومة عن تشومسكي ومرافقيه في السفرة المذكورة. وتبين أيضاً في مقال المجلة الأميركية أن ملف تعقّب آخر باسم تشومسكي كان موجوداً ثم أتلف دون أن تعرف هوية من أعطى الأمر بذلك ومتى صدر قرار التلف. وقد بات معلوماً أن «سي آي إيه» نفذت في الماضي تجسساً داخلياً على معارضين أميركيين للحرب على فييتنام.
وتعليقاً على ما كشف، قال تشومسكي ساخراً لـ«فورين بوليسي»: «سيأتي يوم يدرك فيه الناس أن الأنظمة الممسكة بالسلطات تستخدم كل الوسائل المتاحة لبسط سلطتها وتعزيزها».
يشار إلى أن تشومسكي انتقد السياسة الأميركية الخارجية علناً، وفي عدد من الكتب التي نشرها، وقد منعته سلطات الاحتلال الإسرائيلية عام 2010 من الدخول إلى رام الله لإلقاء محاضرة، لكنه زار غزة في العام نفسه على رأس وفد أكاديمي بعد أن دخلها من طريق معبر رفح للمشاركة في مؤتمر. تشومسكي وصف الولايات المتحدة في سلسلة مقابلات أعقبت أحداث 11 أيلول بأنها «دولة الإرهاب الأكبر في العالم»، وكتب مقالات ندّد فيها بالوحشية الإسرائيلية في حربها على غزة والحصار المفروض عليها، وكانت له مواقف شاجبة لمهاجمة إسرائيل لأساطيل الحرية لفكّ الحصار عن القطاع الفلسطيني.
(الأخبار)