أعلن حزب العمال الكردستاني، أمس، أنه يفي بما التزم به في اتفاق السلام مع تركيا لإنهاء تمرد مستمر منذ 29 عاماً، رافضاً اتهامات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأنه أخفق في سحب معظم مقاتليه. وفي أحدث جولة من التصريحات العدائية المتبادلة التي تكشف عن انعدام الثقة بين الجانبين، قال حزب العمال الكردستاني إن أنقرة أخفقت في اتخاذ خطوات بخلاف وقف التحرك العسكري لإنهاء الصراع الذي سقط فيه أكثر من 40 ألف قتيل. وأضاف الحزب في بيان إن «قواتنا التزمت بقرار الانسحاب حرفياً، وعملية التطبيق جارية». ولم يحدد عدد المقاتلين الذين غادروا فعلًا، مضيفاً إنه سيمضي قدماً في ما هو مطلوب.
وفاجأ أردوغان الشارع الكردي في تركيا خلال تصريح الأسبوع الماضي بقوله إن حكومته ليس لديها خطة لإصدار عفو عام يشمل عناصر حزب العمال، مشيراً الى أن العفو العام خارج عن التداول «وغير مطروح على أجندتنا».
وأضاف إن «الدولة لا تملك سلطة العفو عن جرائم مثل القتل».
ونفى أردوغان تأكيدات للحزب الكردي بأن 80 في المئة من مسلحيه غادروا تركيا إلى شمال العراق، قائلاً إن «من خرجوا لا يشكلون سوى خُمس كوادر الحزب المسلحين، وإن غالبية من خرج هم من نساء وعُجّز وأطفال»، مهدداً مَن سيحاول العودة بسلاحه إلى تركيا بأنه سيجد الجيش التركي بالمرصاد.
وحول قضية جد حساسة، مثل مطلب الأكراد تعليم لغتهم في مدارس تركيا، قال أردوغان: «هذه المسألة ليست واردة على جدول أعمالنا حالياً، لا في المدارس العامة ولا الخاصة»، غير أنه أشار الى أن رزمة من الإصلاحات ستشمل «عدداً من المفاجآت» لم يكشف عن مضمونها.
ويوم أمس، بدأت الحكومة التركية بمناقشة «مجموعة الإجراءات الديموقراطية» في اجتماعها الأسبوعي، والتي تشمل التعليم باللغة الكردية وتعديل قوانين مكافحة الإرهاب. وقدمت وزارة العدل تقريرها لأردوغان بشأن الإصلاحات، ويعد مكتب رئيس الوزراء تقريره الخاص بشأن التعديلات التي تشمل سلسلة من الخطوات «الداعمة للديموقراطية»، ومنها تعزيز حقوق الأقليات.
وكان زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان، المسجون في جزيرة أميرالي قرب اسطنبول منذ عام 1999، قد أعلن وقفاً لإطلاق النار في آذار الماضي بعد شهور من المحادثات مع الدولة التركية، وبدأ مقاتلو الحزب المتمركزون في جبال القنديل الواقعة بين تركيا وإيران والعراق وسوريا، بالانسحاب نحو إقليم كردستان العراقي في أيار الماضي، في إطار اتفاق يتضمن تعزيز الحقوق الكردية الثقافية والسياسية ضمن الدولة التركية.
وأكد أوجلان في رسائل من سجنه أنه يجب استكمال الحل السلمي في تشرين الأول المقبل على أبعد تقدير، وأن على الحكومة التركية البدء بتنفيذ وعودها بإصلاحات سياسية جذرية لحل القضية الكردية. ونُقل عن «أبو» كما يحب مؤيدوه مناداته، أنه توعّد بعودة حزبه إلى القتال في تشرين الأول المقبل، إن لم يتحقق ما اتُّفِق عليه مع أنقرة.
وسرى وقف إطلاق النار بدرجة كبيرة، لكن قادة حزب العمال حذّروا من اشتباكات جديدة إذا لم تتخذ تركيا خطوات ملموسة لدفع العملية بحلول أيلول المقبل.
ويطالب الأكراد، الذين يقطنون منطقة جنوب شرق تركيا ويمثّلون خُمس تعداد سكان البلاد، بحق التعليم باللغة الكردية وتخفيف قوانين مكافحة الإرهاب وخفض نسبة الأصوات التي يتعين على أي حزب الحصول عليها لدخول البرلمان؛ وهي حالياً عشرة في المئة، بالإضافة الى منح مزيد من السلطات للحكومات المحلية، وخصوصاً أن محافظة ديار بكر في الجنوب الشرقي تحتضن غالبية كردية.
وحتى تبقي الحكومة التركية العملية السياسية على المسار، من المتوقع أن تبدأ هذا الأسبوع مناقشة مجموعة من الإصلاحات التي تهدف الى تعزيز الحقوق الكردية وتعزيز الديموقراطية.
(الأخبار، رويترز)