كشفت وثائق سرية مسربة أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) تحولت الى أكبر وكالة تجسس في الولايات المتحدة بحصولها على ميزانية تبلغ نحو 15 مليار دولار وتوسع عملياتها السرية، في وقت تعهد فيه مدير وكالات الاستخبارات الأميركية الست عشرة جاك كلابر، نشر تقرير سنوي يتضمن المعلومات «العامة» عن أنشطة المراقبة الهاتفية، التي فجّرت جدالاً منذ أن اقدم المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي إدوارد سنودون على كشف معلومات سرية.
وسرب سنودن «الميزانية السرية» للسنة المالية 2013 الى صحيفة «واشنطن بوست»، التي نشرت على موقعها الالكتروني مقاطع من الوثيقة السرية للغاية التي تسلط الضوء على أجهزة الاستخبارات.
وقيمة الميزانية البالغ 52,6 مليار دولار لوكالات الاستخبارات الـ16 ليست أمراً جديداً يُكشَف عنه، اذ إن البيت الابيض ينشر النفقات العامة لهذه الأجهزة منذ 2007.
الا ان الوثائق تكشف عن تعزيز وكالة الاستخبارات المركزية، التي كان يُعتقد انها في تراجع بعد اخفاقات الاستخبارات قبل هجمات الحادي عشر من ايلول2001، ثم الغزو الاميركي للعراق في 2003.
وهي حالياً جهاز الاستخبارات الرئيسي. وزادت العاملين فيها بنسبة 25 في المئة خلال عقد واحد، ليبلغ 21 الفا 575 شخصاً هذه السنة.
كما زادت «سي آي ايه» حجم الميزانية التي تطلبها ليبع 14,7 مليار دولار أي أكثر بنحو النصف من المبلغ المخصص لوكالة الامن القومي، كما ورد في مراجعة الصحيفة لهذه الوثائق، على الرغم من ان اجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة أجبرت الوكالات على الاكتفاء بميزانيات محددة.
وقالت الصحيفة ان «سي آي ايه» كانت تحصل في 1994 مثلاً على 4,8 مليارات دولار من أصل 43,4 مليار مخصصة لأجهزة الاستخبارات حسب قيمة الدولار اليوم.
وفي مقدمة الموازنة، كتب مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر، أن أجهزة الاستخبارات تواجه «خيارات صعبة» مع اضطرار الحكومة إلى خفض النفقات.
وسيبقى حجم الإنفاق بلا تغيير حتى 2017، لكن كلابر أكد أن «أجهزة الاستخبارات لم تواجه يوماً من قبل مثل هذا التعقيد والعدد من القضايا في مثل هذه البيئة من الموراد المحدودة».
وكانت وكالة الأمن القومي تُعدّ أكبر أجهزة الاستخبارات الأميركية، لكن حسب هذه الوثائق يتبين ان ميزانية «سي آي ايه» تفوق ميزانيتها بخمسين في المئة.
وتغطي الأموال أقمار التجسس والمعدات التقنية المتطورة ورواتب الموظفين بمن فيهم المحللون وخبراء اللغات وفك الشيفرة وعدد متزايد من خبراء الانترنت.
لكن نفقات «سي آي ايه» شملت ايضاً تمويل بناء سجون سرية ومركز موسع لمكافحة الارهاب وسلسلة من العمليات الخاصة ونحو 2,3 مليار دولار لعمليات استخبارية يقوم بها عناصر.
كذلك تشمل 2,6 مليار دولار «لبرامج عمليات سرية»، تتضمن نشر طائرات من دون طيار ودفعات لميليشيات محلية كما في أفغانستان، وجهوداً لتخريب البرنامج النووي الايراني.
في هذا الوقت، تعهد المدير الوطني للاستخبارات الكشف عن عدد «رسائل الأمن القومي» التي سلمت في الأشهر الاثني عشر الأخيرة. وهذه «الرسائل» هي طلبات قُدّمت الى هيئة (مشغل هاتف او مصرف على سبيل المثال) لتسلم أجهزة الاستخبارات، من دون ان تبلّغ أحداً بذلك، بعض المعلومات عن زبائنها.
وقال كلابر في البيان، إن «قدرتنا على مناقشة هذه الأنشطة محدودة بالحاجة الى حماية مصادر وطرق الاستخبارات»، وإلا «ساعدنا اعداءنا على ان يجنبوا انفسهم التعرض للكشف» عبر برامج المراقبة هذه.
في غضون ذلك، ألقت وثائق مالية صادرة عن وكالة الاستخبارات سربها سنودن ايضاً لصحيفة «واشنطن بوست»، اول من امس الضوء على نحو غير مباشر على دور الأقمار الاصطناعية والتنصت الالكتروني في تعقب أسامة بن لادن عام 2011.
(أ ف ب، رويترز)