مع مَن وقّعنا للتو اتفاقاً مبدئياً فتح باب الودّ مع «الجمهورية الإسلامية الإيرانية»؟ مَن هو حسن روحاني الذي قد يصبح حليفاً لنا بعد ستّة أشهر؟ ماذا عن المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي الذي يرى فينا «شيطاناً أكبر» وتهديداً مباشراً لبلاده؟ حاول بعض الصحافيين الأميركيين في اليومين الماضيين مواكبة تسارع الأحداث في الملف الإيراني من خلال الاستعانة بصور تشبيهية ومشاهد تاريخية لوصف الحالة الإيرانية ولاستشراف ما قد يحدث في المستقبل القريب. هل حسن روحاني هو ميخائيل غورباتشيف إيران؟ سأل ستيفن كوتكين في «فورين أفيرز»، بينما بحث مايكل كراولي في شخصية خامنئي: هل هو شخص متعصّب أم عبقري؟
في تشبيه روحاني بغورباتشيف، حاول كوتكين إيجاد بعض النقاط المشتركة بين الرئيسين والحقبتين وظروف إيران الحالية والاتحاد السوفياتي في الثمانينيات. التشابه الأول وجده الكاتب في النظامين السوفياتي والإيراني «لناحية انبثاقهما من ثورتين شعبيتين، وتجزّؤ النظام الإيراني خصوصاً في الجناح اليميني منه بعد أن هرِمت الثورة تماماً كما كان حاصلاً في الاتحاد السوفياتي». «الإيمان بعقيدة ما، ماركسية كانت أو لينينة، أو إسلاماً سياسياً، من شأنه أن يقوّي النظام، لكن يمكنه أيضاً أن يزعزعه إذا فقد الشعب والقادة إيمانهم. وإيران عرضة لذلك»، يضيف الكاتب.
الشبه الثاني بين الاتحاد السوفياتي وإيران هو في سعيهما الى بناء امبراطورية، وتحالفهما مع عدد من الدول التي يمكن أن تضعفهما بسبب الحروب الدائرة فيها (العراق وسوريا بالنسبة إلى إيران).
روحاني كما غورباتشيف، تجمعهما نيّة جامحة للإصلاح، لكن عقبات كثيرة تقف أمام تحقيق ذلك، يرى الكاتب. وبالنسبة إلى إيران ـــ روحاني، الأمر يحتاج الى تغيير جذري في الداخل الإيراني أولاً. وهنا يقول الكاتب إن الرئيس السوفياتي السابق استطاع تحقيق إصلاحات عميقة في النظام، لكن يبدو أنّ من الصعب على روحاني أن يفعل مثله. ومن التحديات التي يواجهها الرئيس الإيراني، حسب كوتكين، التخلص من الجناح المتطرف في الحكم، والمسيطر على جزء كبير من الاقتصاد والمتحكّم بالانتخابات، تحت شعار «تجديد النظام». والتحدّي الآخر والأصعب أمام روحاني هو في كيفية تحقيق إصلاحات جدّية وعميقة من دون زعزعة استقرار النظام. والسؤال يبقى، حسب الكاتب، على ماذا سيعتمد المراقبون لكي يقرروا إن كانت إصلاحات روحاني حقيقية أو لا؟ فغورباتشيف لم يعلن على الملأ أنه «يريد أن ينهي أحادية الحزب الشيوعي في الحكم»، لكنه عمل بطريقة تكتيكية جنبّته السقوط المدوّي الذي مُني به نيكيتا خروتشيف.
وفيما أبقى كوتكين الإجابات مفتوحة عن مستقبل سياسات روحاني، استشهد مايكل كراولي بكلام المرشد الأعلى علي خامنئي في محاولة لفهم شخصيته وتفكيره.
«أميركا الشيطان الأكبر التي لديها مخططات شيطانية للسيطرة على إيران»، يكرر خامنئي في معظم خطاباته، وفي 2009 يقول إن فكرة التفاوض مع الولايات المتحدة هي «ساذجة ومنحرفة». كراولي أشار الى أن المرشد لم يتردد بقول العبارات العدائية نفسها عن إسرائيل والولايات المتحدة يوم بدء انعقاد اجتماع جنيف الاسبوع الماضي. «أراد خامنئي أن يقول للعالم إنّ وراء الوجه اللطيف الذي أظهره النظام الإيراني للعالم الخارجي أخيراً، وجهاً قاسياً وحازماً»، لكن الكاتب يلفت الى أن المرشد الأعلى كان بإمكانه أن يرفض اتفاق جنيف وينسفه حتى إن وافق عليه روحاني. لذا، يرى بعض الدبلوماسيين أن هذا التغيّر الدبلوماسي لخامنئي تجاه الغرب يأتي بسبب ضغط العقوبات على البلد وتذمّر الشعب المتزايد حياله. فخامنئي، حسب بعض المحللين والدبلوماسيين السابقين، يحكم من خلال التوفيق بين مختلف فئات شعبه على تعددها، ويقيم توازناً بينها، وهو قادر على إحداث تغييرات تكتيكية متى تطلّبت الحاجة، وذلك من دون التخلّي عن أهدافه النهائية الأساسية. هو إذاً، «قائد حكيم ليس من النوع المتعصّب الذي لا يستطيع التأقلم مع الوقائع السياسية»، «وهذا ما يجعل منه عبقرياً من الدرجة الأولى» حسب هؤلاء.
(الأخبار)