عشية اجتماع خبراء إيران والقوى الدولية الكبرى في فيينا للبحث في تطبيق الاتفاق النووي الأخير المبرم مع الدول الست «5+1»، قام مفتشون تابعون للأمم المتحدة أمس بتفقد مصنع انتاج المياه الثقيلة في آراك (وسط إيران)غداة إعادة تأكيد الرئيس حسن روحاني ان التخصيب حق مشروع لايران من ضمن حقوقها النووية المشروعة. ورأى روحاني، خلال كلمة في «جامعة الشهيد بهشتي» في طهران في يوم الطالب الجامعي، «أن الجامعة ليست مقراً للأحزاب وانما هي ورشة سياسية». واضاف أن «شعارنا ان تستمر اجهزة الطرد المركزي في الدوران، لكن معيشة الناس والاقتصاد يجب أن تستمر في الحركة أيضاً»، مشدداً على أنها «ليست الطاقة النووية فحسب، بل التقنية النووية أيضاً. وليس التقنية فحسب، بل التخصيب ايضا حق مشروع لنا».
من جهة ثانية، قال الرئيس الإيراني إن الأولوية الاقتصادية لحكومته هي خفض التضخم وتعزيز النمو، وذلك في معرض تقديم أول مشروع موازنة لحكومته إلى البرلمان منذ توليه الرئاسة.
وقال روحاني إن الناتج المحلي الإجمالي انكمش ستة في المئة في السنة الأخيرة بينما كان معدل التضخم 44 في المئة، حين تولى منصبه في آب. ووصف هذا الوضع بأنه «مقلق للغاية».
في سياق آخر، قال الرئيس الإيراني لنظيره الافغاني حامد قرضاي، أمس، الذي يزور طهران لمدة يومين، ان ايران «تعارض اي وجود لاية قوات اجنبية في المنطقة وفي الشرق الأوسط والخليج، وخاصة في افغانستان، البلد الاسلامي».
واضاف إن «ايران قلقة بشأن التوترات الناتجة عن وجود قوات اجنبية في المنطقة»، بحسب موقع الاذاعة الرسمية على الانترنت. وقال روحاني ان على جميع القوات ان تغادر «وتترك امن افغانستان لسكانها».
وقال إيمال فيضي المتحدث باسم الرئيس قرضاي، إن الأخير اتفق مع إيران على معاهدة للتعاون في خطوة ستنظر إليها الولايات المتحدة بعين الريبة، فيما تحاول إقناعه بتوقيع الاتفاق الأمني الذي يحكم أي وجود أميركي في أفغانستان بعد عام 2014. ودعت واشنطن وحلفاؤها الرئيس الأفغاني الى توقيع اتفاق امني ثنائي يضع شروطاً قانونية للقوات الأميركية والأجنبية التي ستبقى في أفغانستان بعد انسحاب معظم القوات الأجنبية في 2014 لتدريب قوات الأمن المحلية على قتال متمردي حركة طالبان.
الى ذلك، حذرت صحيفة «كيهان» الايرانية المحافظة من «شرك» اي مشاركة محتملة للرئيس روحاني في جنازة نلسون مانديلا، حيث يمكن ان يلتقي نظيره الأميركي باراك اوباما.
وكتبت الصحيفة في مقال افتتاحي «ان بعض وسائل الإعلام الايرانية والاجنبية تستخدم جنازة نلسون مانديلا ذريعة لدفع روحاني الى لقاء رئيس إدارة الشيطان الاكبر»، في اشارة الى الولايات المتحدة العدو التاريخي للجمهورية الاسلامية.
واشار المقال الافتتاحي تحت عنوان «شرك الشيطان، هذه المرة في جوهانسبورغ»، ان المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي انتقد تلك المحادثة الهاتفية التي استمرت 15 دقيقة بين أوباما وروحاني اواخر ايلول الماضي على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك.
في هذه الأثناء، ذكرت وكالة انباء الطلبة الايرانية (إسنا) ان مفتشين اثنين من وكالة الطاقة ف فيينا، زارا ايران والتقيا خبراء من هيئة الطاقة الذرية الايرانية قبل ان يسافرا الى آراك أمس، حيث تفقدا المفاعل النووي قيد الانشاء.
وقال مسؤولون أميركيون ان واشنطن قد تضغط على ايران لتفكيك جزء من مفاعل آراك، لكن المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الايرانية بهروز كمالوندي، قال ان طهران لن تستجيب لمثل هذا الطلب. وأضاف إن «التفتيش يجري وسينتهي بعد ظهر اليوم (أمس) وسيعود المفتشان الى فيينا الليلة». ونقلت وكالة انباء الطلبة عن كمالوندي قوله إن هناك «احتمالاً كبيراً» لبحث موعد لعملية تفتيش أخرى لمنجم جاشين لليورانيوم في جنوب طهران.
وأوضح المتحدث باسم منظمة الطاقة الإيرانية أن المنظمة ستبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية معلومات عن الجيل الجديد لأجهزة الطرد المركزي في اطار اتفاق قواعد الضمان.
واضاف كمالوندي: ان «تصنيع الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي تندرج في سياق سياسة المنظمة المبنية على تطوير نوعية اجهزة التخصيب وزيادة نسبة الانتاج بالاستفادة القصوى من البنى التحتية للمنشآت الموجودة».
في غضون ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أمس في تصريح نقلته وكالة «اسنا» أن اجتماعاً جديداً سيُعقد اليوم «على مستوى الخبراء مع مجموعة 5+1 وفريق (وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي) كاثرين آشتون. وسنبحث في اطر تطبيق اتفاق جنيف»، فيما أشار دبلوماسيون الى استمرار هذا الاجتماع حتى يوم غد الثلاثاء في مقر وكالة الطاقة في فيينا.
وأوضح عراقجي أنه «كي يتوصل اتفاق جنيف الى تحقيق أهدافه.. سنعقد بانتظام اجتماعاً كهذا في الأشهر الستة المقبلة». وأشار الى أنه «سيحضر (اليوم) ممثلون عن البنك المركزي (الايراني) لمساعدتنا بشأن العقوبات التي تستهدف نظامنا المصرفي، وكذلك ممثلون عن المنظمة الايرانية للطاقة الذرية» في فيينا.
في هذا الوقت، قال عضو الأسرة الحاكمة السعودية تركي الفيصل، الذي عمل في السابق سفيراً لبلاده لدى لندن وواشنطن ومديراً للاستخبارات، «أقترح الا تقتصر المفاوضات حول ايران على مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا وألمانيا)، بل ان تضاف اليها مجموعة مجلس التعاون الخليجي لكي يكون هناك جمع كامل للدول المعنية في هذا الشأن».
وشدد تركي، خلال منتدى للأمن الاقليمي في المنامة، على ان «ايران تقع على الخليج، واي مجهود عسكري او غيره سيؤثر علينا كلنا، فضلاً عن الاعتبارات البيئية التي تواجهنا جميعاً من اي منظومة نووية» في ايران.
وكان وزير خارجية قطر، خالد العطية، قد ذكر في مقابلة مع «رويترز» على هامش مؤتمر المنامة، أن من حق دول مجلس التعاون الخليجي الست أن يكون لها مكان على طاولة المفاوضات النووية بين ايران والقوى الست، كشركاء أساسيين في الاستقرار الإقليمي.
في الوقت عينه، أكد وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل، في خطاب للدول الخليجية القلقة من التقارب الاميركي الايراني، خلال مؤتمر المنامة، أن الاتفاق المرحلي مع ايران للحد من برنامجها النووي يستحق المجازفة، لكن «نعرف ان الدبلوماسية لا يمكن ان تعمل في الفراغ... نجاحنا سيبقى مرتبطاً بالقدرة العسكرية للولايات المتحدة».
(مهر، أ ف ب، رويترز، الأناضول)